الأحد 20 شباط (فبراير) 2011

عباس على مذبح الإنحياز الأميركي

الأحد 20 شباط (فبراير) 2011 par شاكر الجوهري

لعب الحراك الشعبي العربي دورا مهما في دفع محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية نحو عدم قبول العرض الهلامي الجديد الذي قدمه له باراك اوباما رئيس الولايات المتحدة الأميركية، عبر اتصال هاتفي استمر أكثر من ساعة يوم الخميس الماضي، وعشية مناقشة مجلس الأمن الدولي لمشروع القرار العربي الذي يدين الإستيطان« الإسرائيلي» في الضفة الغربية، وخاصة في القدس.

مشروع القرار العربي ينسجم تماما مع قرارات الشرعية الدولية، التي ترفض الإستيطان« الإسرائيلي» في الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967، وتعتبره غير مشروع، كما ينسجم مع الموقف الأميركي المعلن، الذي يرفض هذا الإستيطان، ولذا، فقد حظي بتصويت جماعي من قبل الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، شذت عنه فقط الولايات المتحدة الأميركية.

سبب الشذوذ الأميركي يعود إلى ضعف الإدارة الأميركية بمواجهة المعادلة الداخلية في الولايات المتحدة، التي ينفرد فيها اللوبي الصهيوني بتأثير حازم، لجهة تكريس الإنحياز الأميركي غير المبرر إلى جانب الولاية الأميركية الثانية والخمسين (اسرائيل).

الرئيس الأميركي الذي طالب أنظمة حكم عربية التصرف بعد الحدث التونسي، على نحو مختلف عما كان عليه الحال قبل هذا الحدث، تصرف من جهته بعد الحدثين التونسي والمصري، تماما كما كانت الإدارات الأميركية المتعاقبة تتصرف قبلهما.

غير أن حلفاء الولايات المتحدة داخل النظام العربي لا يستطيعون التصرف الآن، كما كانوا يتصرفون في الأمس..!

محمود عباس وجه دعوة عاجلة لعقد اجتماع طارئ لـ “القيادة الفلسطينية” المشكلة من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واللجنة المركزية لحركة “فتح”، يوم الجمعة من أجل اتخاذ قرار جمعي يحصن موقفه بمواجهة الضغوط الأميركية، وهو الذي كان يلجأ لهذه الصيغة فقط في رفض ضغط الرأي العام الفلسطيني، وفصائل المقاومة الفلسطينية.

عباس صمم على متابعة الشوط إلى مداه..

فعل ذلك لأنه بدأ يفقد الأمل في صدقية الإدارات الأميركية والإسرائيلية.

الفلسطينيون يعيشون أيضا مرحلة ما بعد سقوط زين العابدين بن علي وحسني مبارك..!

وبلغة أخرى، الرئيس الأميركي الذي سبق له التراجع عن وعد صدر عنه بوقف الإستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية، لا تمكنه المعادلة الداخلية الأميركية من تمرير مشروع القرار العربي الذي يدين اسرائيل، وهو القرار الذي توجبه على عباس المعادلة الداخلية الفلسطينية، بعد كشف قناة الجزيرة القطرية لوثائق دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، وما استوجبه ذلك من استقالة الدكتور صائب عريقات رئيس هذه الدائرة؛ وسقوط نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك، الذي كان يشكل الركيزة الأساس الداعمة للسلطة الفلسطينية، واتساع نطاق المسيرات الشعبية المطالبة بالتغيير على امتداد خارطة الوطن العربي.

غير أن اوباما الذي لا يستطيع تمرير القرار الذي يراه عباس صمان أمان له، بمواجهة التغيرات الجارفة في العالم العربي، يفترض أنه لا يستطيع في ذات الوقت استخدام حق الفيو ضد مشروع القرار الفلسطيني..!

فأوباما يدرك أن استخدام الفيتو الأميركي لمصلحة« اسرائيل»، يعني مزيدا من التحفيز للجماهير العربية، كي تصعد من وتيرة احتجاجاتها على أنظمة الحكم الحليفة للولايات المتحدة الأميركية. وواشنطن، يفترض أنها لا تحتمل سقوط المزيد من الأنظمة الحليفة بعد نظامي زين العابدين بن علي، وحسني مبارك.

بل إن الإدارة الأميركية يفترض أنها أصبحت تدرك أن مزيدا من الإنحياز لإسرائيل، يؤدي إلى خسران المزيد من الحلفاء العرب، عبر التسبب في إسقاط أنظمة حكمهم، على النقيض تماما من المهمة الأميركية الموكلة لإسرائيل، والمتمثلة في الحفاظ على المصالح الأميركية في المنطقة العربية.. النفط، وأنظمة الإعتدال العربي.

واستطرادا..« اسرائيل»، واللوبي اليهودي الداعم لها في الولايات المتحدة الأميركية، يضعان مصلحة الدولة العبرية قبل مصلحة وحسابات اميركا..

والإدارة الأميركية تضع مصلحتها قبل مصلحة حلفاءها العرب، بل وكذلك قبل مصلحة الولايات المتحدة ذاتها..!

وفي الوقت الذي تتطلب فيه مصلحة محمود عباس الشخصية أن يعمل على تحسين صورته أمام الرأي العام الفلسطيني قبل فوات الأوان، تطلب إدارة اوباما منه أن يقدم تنازلات جديدة تحت وطأة الضغوط الأميركية، تقدم إليه على شكل مقترحات مهمتها الحقيقية استهلاك الوقت الفلسطيني، والإمعان في صنع الإحتقان الشعبي، المقترب من لحظة الإنفجار.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 14 / 2182971

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

29 من الزوار الآن

2182971 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 28


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40