الاثنين 4 نيسان (أبريل) 2011

الإتهامات السورية للفلسطينيين

الاثنين 4 نيسان (أبريل) 2011 par شاكر الجوهري

التصريح الذي أدلت به هيلاري كلينتون الأحد، معلنة فيه أن الولايات المتحدة الأميركية، لن تتدخل في سوريا، كما تدخلت في ليبيا، يجب على القيادة السورية أن لا تتعامل معه بغير الشك والريبة.

هل يعقل أن تتدخل اميركا في ليبيا، ضد نظام حليف لها، وتمتنع عن فعل ذلك ضد النظام، الذي يمثل الحلقة الرسمية العربية الوحيدة في معسكر الممانعة العربي..؟

يجب أن نأخذ بعين الإعتبار أن تصريح الوزيرة الأميركية أعقبت توقعات أشارت إليها بثينة شعبان، المستشارة الإعلامية والسياسية للرئيس السوري، ومفادها أن الرئيس بشار الأسد سيعلن في غضون وقت قصير اجراءات اصلاحية واسعة النطاق.

تصريح كلينتون أراد أن يقدم ضمانات وهمية لنظام الحكم في سوريا مفادها أن بإستطاعته الإمتناع عن اجتراح الإصلاحات، دون أن يخشى ما آلت إليه أمور الدكتاتور الليبي معمر القذافي، حين قمع شعبه..

بالطبع لا ضمانات البتة..

تصريح كلينتون في واقع الأمر يذكرنا بتصريح ابريل غلاسبي السفيرة الأميركية في بغداد عشية اجتياح الرئيس العراقي الراحل صدام حسين للكويت، حين أبلغته في اجتماع رسمي أن علاقته مع الكويت أمر ثنائي لا يعني واشنطن، فكان ما كان..!

واشنطن معنية بالإجهاز على نظام الحكم في سوريا لجملة اسباب :

الأول : أن سوريا تشكل نظام الممانعة العربي الوحيد المتبقي حتى الآن.

الثاني : العلاقات التحالفية التي تربطه مع ايران، وتجعل من اسقاطه خطوة مهمة جداً على طريق عزل ايران. ولطالما سعت واشنطن لإغراء دمشق كي تبتعد عن طهران.

الثالث : كونه يمثل العمق الإستراتيجي للمقاومة المسلحة اللبنانية بزعامة حزب الله، والحاضنة الدافئة لقيادات فصائل المقاومة الفلسطينية، المناوئة لنهج اوسلو والتنسيق الأمني لسلطة رام الله مع اسرائيل.

الرابع : الدور اللوجستي بالغ الأهمية الذي يلعبه نظام الحكم في سوريا، لجهة تأمين وصول الدعم الإيراني التسليحي والتمويلي للمقاومتين الفلسطينية واللبنانية.

الخامس : امكانية تحول هذا النظام في لحظة حاسمة إلى دعم المقاومة العراقية، التي يتخذ الدكتور خضير المرشدي الناطق الرسمي بإسم أكبر تحالفاتها، من دمشق مقراً لإقامته.

الإصلاحات في سوريا لا بد منها، وبالسرعة القصوى، من أجل تهدئة محفزات المعارضة، وفي المقدمة منها إلغاء قانون الطوارىء لعام 1963، الذي أعلنت شعبان اتخاذ قرار بإلغائه اثناء كتابة هذه السطور، وتوقعت سرعة تحديد موعد لبدء التنفيذ.

إن لم تقدم السلطات السورية على خطوات اصلاحية واسعة، فإن هذا يقدم ذرائع قوية، لحلقات مؤامرة تستهدف سوريا منذ زمن طويل، مع ملاحظة أن الأمور لا تزال حتى اللحظة تحت السيطرة وقابلة للعلاج.

جانب من وعي النظام السوري لهذه المؤامرة يكمن في جملة تصريحات صدرت عن مستشارة الرئيس السوري، ومسؤولين سوريين مؤخراً :

اولاً : الإشارة إلى مشروع فتنة طائفية تراه السلطات السورية كامن في الأحداث الأخيرة.

ثانياً : اتهام فلسطينيين بالتورط في احداث اللاذقية. هذا اعلنته مستشارة الرئيس، غير أن ما لم تعلنه المستشارة هو أن مثل هذه الإتهامات طالت كذلك فلسطينيين على خلفية احداث درعا..!

ثالثاً : توجيه اتهامات علنية لعناصر قدمت من الأردن لعبت دوراً في احداث درعا، من حيث المشاركة، وتهريب الأسلحة.

رابعاً : التعرض المسلح الذي حدث في لبنان الأحد للجالية السورية التي تظاهرت في بيروت دعماً للرئيس السوري.

هذه الصيغ المبهمة للإتهامات السورية تتطلب شيئاً من التوضيح :

أولاً : الإتهام الذي وجه لفلسطينيين في اللاذقية بالتدخل في الحدث السوري، يمكن دمجها مع الحديث عن وجود مشروع فتنة طائفية، بما يعني أن العناصر الفلسطينية المتهمة بالتدخل، ربما تكون عناصر اسلامية متطرفة، تتصرف على هدى من ايديولوجيتها، وليس على هدي من فلسطينيتها.

للتذكير، فإن مجاميع من عسكريين فلسطينيين، سبق أن تفاعلوا، وشاركوا في المحاولة الإنقلابية التي نفذها العقيد جاسم علوان ضد نظام حكم حزب البعث في سوريا في 18/7/1964.

المساواة التي يحصل عليها الفلسطينيون في سوريا، قد تكون مدخلا لتفاعلات مع الشأن الداخلي السوري لا يقبل أي نظام حكم.

ثانياً : أن الإتهامات التي وجهت لعناصر قدمت من الأردن وتدخلت في الأحداث في درعا لم توجه لنظام الحكم في الأردن ـ من حيث الصياغة ـ، فقد هذه الإتهامات تكون تعني جهات اسلامية متطرفة مثلاً..!
ثالثاً : أن الإتهامات الأردنية المقابلة التي صدرت عن رئيس الوزراء الدكتور معروف البخيت، وجهت للإخوان المسلمين في سوريا ومصر بالوقوف وراء حراك الإسلاميين الأردنيين، دون أن يوجه الإتهام لنظامي الحكم في سوريا ومصر..!

على كل، المعلومات المتوفرة تفيد أن الحديث غير المعلن عن دور لفلسطينيين في احداث درعا تمت تسويتها عبر اتصالات اجراها خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، والدكتور طلال ناجي نائب الأمين العام للجبهة الشعبية/ القيادة العامة، مع نائب الرئيس السوري، ومسؤولين آخرين، اوضحت أن التقارير التي تحدثت عن انسحاب عناصر شاركت في المظاهرات التي خرجت في درعا، إلى مخيم اللاجئين، إنما اخطأت التعبير، ذلك أن الإنسحاب كان لمخيم النازحين من الجولان، لا إلى مخيم اللاجئين.

يجب أن يؤخذ في الإعتبار أن الإخوان المسلمين السوريين، ربما يكونوا يشاركون في الإحتجاجات الحالية في سوريا، وأن حركة “حماس” التي تتخذ من دمشق مقرا لقيادتها، منبثقة عن جماعة الإخوان المسلمين.

هنا تواجه حركة “حماس” معضلة مزدوجة :

فهي من ناحية معنية بديمومة نظام الحكم الحالي في سوريا، الذي يوفر لها الملاذ الآمن، والدعم اللوجستي المشار إليه، وهي من ناحية ثانية لا تعرف ما سيؤل إليه حالها في سوريا، في حال حدوث تغيير في نظام الحكم، حيث يصعب التكهن المسبق بالتركيبة المتوقعة في هذه الحالة، خاصة إن لعبت الولايات المتحدة دورا في تطوير الحدث السوري..

في هذه الحالة، لن تكون واشنطن لا مبالية إزاء ذلك، إذ أن مشاركة الإخوان المسلمين في ائتلاف حكومي في سوريا، يعني زيادة حجم الخطر الذي تمثله سوريا على اسرائيل..!

المسؤولون في فصائل المقاومة الفلسطينية يمتنعون حالياً عن الخوض في مسألة الحاضنة البديلة التي يمكن لهم أن يذهبوا إليها في حال تطورت الأحداث في سوريا على نحو يدفع في هذا الإتجاه، مؤكدين في ذات الوقت عدم توفر معلومات تشير إلى امكانية خروج الوضع في سوريا عن السيطرة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 49 / 2178856

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

30 من الزوار الآن

2178856 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 25


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40