الأربعاء 10 آب (أغسطس) 2011
بالتفاهم المسبق مع عبّاس ويأمل بدعم الإخوان المسلمين و«حماس»

الأردن يتراجع عن فك الارتباط وتعليماته بالتزامن مع استحقاق أيلول

الأربعاء 10 آب (أغسطس) 2011 par شاكر الجوهري

تبدي مصادر سياسية في عمّان أن تحولان مهمان في السياسة الأردنية هما قيد التبلور النهائي الآن، أولهما قرار استراتيجي سيتم اتخاذه بالتزامن مع استحقاق أيلول/سبتمبر الفلسطيني، وثانيهما، وهو متصل بالأول تماما يقضي بتعزيز علاقة الدولة الأردنية مع الحركة الإسلامية..!

القرار الإستراتيجي يقضي بالتراجع عن قرار فك الارتباط الإداري والقانوني مع الضفة الغربية الذي اتخذه الملك الراحل حسين في 31/8/1988، دون أن يمر بأية مراحل دستورية، إذ لم يصدر عن الحكومة، كما لم يعرض على مجلس الأمة لإقراره، وهو ما يفسح في المجال أمام بعض غلاة الوطنيين للمطالبة بدسترة وقوننة ذلك القرار.

إلغاء قرار فك الارتباط يعني تلقائياً إلغاء تعليمات فك الارتباط التي ترجمت عملياً على شكل سحب الجنسية الأردنية من آلاف الأردنيين من أصول فلسطينية، ووقف معاناتهم متعددة الأشكال والألوان التي تترتب على ذلك.

الملك عبد الله الثاني كان وجه منذ مطلع العام الحالي بوقف سحب الجنسية الأردنية من أردنيين من أصول فلسطينية.

هذا الإجراء من شأنه تعويض شعبية النظام، الذي لاحظ أن الحراك الشعبي المعارض بات يتركز في أوساط النخب، والجماهير الشرق أردنية، التي كانت تمثل صمام الأمان المفترض من حالة التسييس المعتـقة لدى الغرب أردنيين.

في المقابل، ظل معارضو ذلك القرار يطعنون بعدم دستوريته، للأسباب المشار إليها أعلاه، مضيفين بأن الدستور يقرر أن الملك يحكم من خلال وزرائه، بمعنى أنه لا يملك صلاحية اتخاذ القرارات..!

الأسباب التي تكمن وراء قرار التراجع عن قرار فك الارتباط، وفقا لذات المصادر تكمن في فشل مفاوضات التسوية السياسية الفلسطينية ـ «الإسرائيلية»، وهو ما يدفع باتجاه انطلاق انتفاضة فلسطينية ثالثة، يوفر لها الحراك الشعبي العربي مناخات مواتية، وذلك بالضد من استراتيجية محمود عبّاس رئيس السلطة الفلسطينية، الذي عبر أكثر من مرة عن رفضه لأي انتفاضة جديدة، وهو موقف أصبح مدعماً بالتنسيق ما بين السلطة و«إسرائيل»، لمقاومة مشتركة لهذه الانتفاضة في حال انطلاقتها، كما كشفت عن ذلك صحيفة «هآرتس» «الإسرائيلية» الأحد.

الحراك الشعبي «الإسرائيلي» المطالب بإسقاط ومحاكمة بنيامين نتنياهو يصب في ذات الاتجاه..!

الأردن سيكون متضرراً رئيساً من احتمالات اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة، ستكون مؤهلة لإسقاط سلطة محمود عبّاس في رام الله، وستكون حركة «حماس» هي المؤهل الوحيد لتولي إدارة الضفة الغربية..!

[**أخطار على معاهدة السلام*]

هذا الاحتمال شبه المؤكد من شأنه أن يعرض معاهدة السلام الأردنية «الإسرائيلية» لخطر، مؤهل موضوعياً لأن ينعكس سلباً على الأمن الإستراتيجي الأردني، في ضوء جملة عوامل :

أولاً : ازدياد مطالبة اليمين «الإسرائيلي» الأكثر تشدداً بحل فلسطيني على حساب الأردن.

ثانياً : وجود تيارات «إسرائيلية» لا تزال متمسكة بمقولة أن الأردن جزء من «أرض إسرائيل».

ثالثاً : ما سبق يجعل الأردن هو من يحتاج إلى اعتراف «إسرائيل» بوجوده، بدلاً من حاجة «إسرائيل» إلى اعترافه بها.

رابعاً : إلى ذلك، فإن انتفاضة فلسطينية في الضفة الغربية، إلى جانب ثورة شعبية في سوريا، لا بد لهما من أن ينعكسا إيجاباً لصالح الحراك الشعبي الأردني المتواصل منذ مطلع العام الحالي، والمتصاعد الشعارات والأهداف.

[**تجاوز مرحلة الدولة الفلسطينية*]

متخذ القرار الأردني يأخذ بعين الاعتبار كذلك حقيقتان بالغتا الأهمية :

الأولى : وجود قرار دولي سبق أن وافق عليه الأردن والقيادة الفلسطينية منذ إعلان المجلس الوطني الفلسطيني في تشرين ثاني/نوفمبر 1988 قيام دولة فلسطين، يقضي بقيام إتحاد كونفدرالي بين ضفتي نهر الأردن، في اليوم التالي لتجسيد قيام دولة فلسطين.

أي أن دولة فلسطين لن تكون سوى جسر عبور لاستعادة وحدة الضفتين، مضافاً لهما في هذه المرة قطاع غزة.

أفلا يمكن تجاوز هذه المرحلة الانتقالية بالغة القصر..؟!

الثانية : أن التراجع عن قرار فك الارتباط قد يساعد على استعادة الوضع القانوني للضفة الغربية باعتبارها أراض محتلة، بعد أن حولها قرار فك الارتباط إلى أراض متنازع عليها.

وعلى ذلك، يمكن للأردن أن يطالب بتطبيق القرار 242 على الضفة الغربية، أسوة بما جرى تطبيقه بشأن أراضي الضفة الشرقية التي كانت محتلة، وتم الانسحاب من بعضها، وتسوية وضع بعضها الآخر بالتوافق.

إلى ذلك، فإن التراجع عن فك الارتباط يفترض أن يقدم تطمينات مؤكدة لـ «إسرائيل» بوقف المقاومة الفلسطينية، على نحو من شأنه أن يسهل تحريك العملية السياسية.

في هذه المرة سيكون الأمر التزاماً أردنياً مجرباً.

الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس في صورة الموقف الأردني الجديد.. وهو شريك فيه، كما تؤكد المصادر..!

واستناداً إلى هذه الشراكة، يكرر عبّاس منذ وقت طويل، أن بديل فشل المفاوضات، هو مزيد من المفاوضات.

[**مكاسب التقارب مع الإخوان المسلمين*]

تعزيز علاقة الدولة الأردنية بالإخوان المسلمين تبدو شديدة الاتصال بقرار التراجع عن قرار فك الارتباط..

فجماعة الإخوان المسلمين، وحزبها جبهة العمل الإسلامي، لم يؤيد يوما قرار فك الارتباط.

وموقف حركة «حماس» التي تشكلت بموجب قرار صدر عن جماعة الإخوان المسلمين في الأردن (تنظيم بلاد الشام)، كان هو ذاته موقف الجماعة حيال فك الارتباط، وهو يتبلور إلى نقيضه بعد بشكل واضح وجلي.

وعلى ذلك، فإن تحسين العلاقات مع الحركة الإسلامية، كما مع حركة «حماس»، التي تحسنت فعلاً، وإن من تحت الطاولة، من شأنه أن يسهل التراجع عن فك الارتباط، بما يوفره من غطاء شعبي أردني وفلسطيني للقرار الجديد.

وينتظر أن يحقق الأردن مكاسب جمة من اتخاذه هذا القرار بالتفاهم مع الرئيس الفلسطيني، وجماعة الإخوان المسلمين، وحركة «حماس».

المكسب الأول : توفير شرعية داخلية للإصلاحات السياسية التي يعتزم الملك إعلانها قريباً، وغالباً الشهر المقبل (أيلول/سبتمبر).

سيبقى القبول الشعبي بهذه الإصلاحات مشكوكاً فيه ما لم توافق عليها الحركة الإسلامية.

المكسب الثاني : توفير مناخات مواتية للحفاظ على استقرار معاهدة السلام مع «إسرائيل»، والاعتراف «الإسرائيلي» بالأردن.

المكسب الثالث : ضمان توقيف الحركة الإسلامية للحراك الشعبي الأردني. فقط الحركة الإسلامية من يمكنه إنجاز ذلك.

المكسب الرابع : دفع احتمالات قفز الإخوان المسلمين إلى الحكم في الأردن، وحركة «حماس» في الضفة الغربية، إلى الوراء.

التقارب مع الإخوان، ومع حركة «حماس» يهدف إلى إبعاد هذا الاحتمال الخطر على مصالح الحكم في الأردن. وهو يتم على قاعدة التفاهم خير من الإحلال..!

[**تقرب غير مباشر*]

هذه الأهداف الرئيسة كان يتم العمل على التقرب منها عبر خطوات تكتيكية غير مباشرة، وإن كانت مهمة خلال الفترة الماضية، دون أن يلتفت (بضم الياء) لها، أو لأبعادها في حينه.

من هذه الخطوات..

توقف الأردن عن رعاية معارضي عبّاس والعمل على إضعافه، ما دام التفاهم مع رئيس السلطة الفلسطينية من شأنه أن يوقف المخاطر التي يمكن أن تتسبب بها سياساته على الأردن.

في هذا السياق، طلب من محمد دحلان التوقف عن الإدلاء بأية تصريحات مسيئة لعبّاس من على الأرض الأردنية، ما دفعه للمغادرة إلى دبي.

قبل ذلك، وعلى نحو مفاجئ، استأنف الأردن الاتصال بحركة «حماس» في نيسان/ابريل الماضي، وعرض عليها عودة قادتها للإقامة في الأردن، وبذل جهد أردني لمصالحتها مع رئيس السلطة الفلسطينية.

الغضب الأردني لتفضيل عبّاس و«حماس» المصالحة في القاهرة لم يطل، ولم يمنع عمّان من أن تفتح أبوابها لعودة محمد نزال، عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» ليقيم في منزله بالأردن.

هنالك ما هو أهم بكثير من الانفعال الذي تنتجه حسابات غير إستراتيجية.

[**حسابات ترحيل حكومة البخيت*]

إلى ذلك، فقد نجحت حكومة البخيت، بدعم شخصي من الملك في احتواء مواقف الجسم الأكبر من بين المتقاعدين العسكريين، الذين لم يعودوا يطالبون بدسترة أو قوننة قرار فك الارتباط، بل تراجعت وتيرة عملية إصدار البيانات عنهم، وأدى ذلك إلى انفراط وحدة إطارهم، إلى ثلاثة إطارات، بدا الإطار الرئيسي منها معنياً بعدم إغضاب البخيت، إن لم يكن بمغازلته.

وأخيراً، فإن الشغل الشاغل للدكتور معروف البخيت، رئيس وزراء الأردن الآن، هو قبول قيادة جماعة الإخوان المسلمين الالتقاء به من جديد..!

لكن قيادة الجماعة ترفض ذلك بشدة، فهي لم تعد تثق به، بعد أن انقلب على الصورة الوردية التي قدمها لها مطلع عهد حكومته الثانية (الحالية)، وشن هجمات إعلامية وأمنية شرسة على الجماعة، وكل قوى الحراك الشعبي الأردني.

ما العمل في ضوء انسداد أفق تعامل الإسلاميين مع البخيت..؟

الأمر الوحيد الذي يمكن للملك أن يفعله هو ترحيل حكومة البخيت..!!

وهذا هو المتوقع حدوثه في أيلول/سبتمبر المقبل. وهو أمر من شأنه كذلك، أن يسعد رئيس السلطة الفلسطينية، الذي شن البخيت عليه هجوماً عنيفاً، وإن مواربة قبل عدة أشهر، على خلفية مخاوف من أن يقدم تنازلات لـ «إسرائيل» على حساب الأردن.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 28 / 2176497

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع متابعات  متابعة نشاط الموقع في الأخبار  متابعة نشاط الموقع أخبار عربية   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

8 من الزوار الآن

2176497 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40