لا يمكن فصل التأثيرات السياسية لليهود في تركيا على القرار السياسي التركي، والمخططات التي تخدم الاهداف الصهيونية في المنطقة عن التوجهات التركية، التي يتضح بجلاء حجم الخدمة الكبيرة التي تقدمها لإسرائيل في تنفيذ مخططاتها، وقد طرأ بعض التغيير في مظاهر المواقف التركية خلال العقد الأخير بعد صعود حكومة اردوغان، لكن لا يوجد دليل عملي على تغيير جوهري في العلاقات التركية ـ الإسرائيلية، خاصة ما يتعلق بالقضايا الاستراتيجية، وفي المقدمة منها ما يتعلق بالتعاون العسكري والأمني والاستخباري، الأمر الذي يجب التوقف عنده وتأمله بعين فاحصة بعيدا عن الشعارات وتأثيرها في مشاعر الناس.
ويوضح ذلك الدكتور سليمان المنذري بقوله (رغم أن المسؤولين الاتراك يحاولون تخفيف حدة التوتر الذي ساد علاقاتهم مع سوريا والعراق، ويؤكدون أن تركيا لن تستخدم ابداً مياه الانهار كوسيلة للتهديد إلا أن الموقف التركي قد انكشف في استغلال المياه كعامل تأثير في أي تسوية اقليمية للصراع العربي-الإسرائيلي).
ويقول د.المنذري إن بعض الأطراف الأجنبية، تمارس الضغط على اثيوبيا ايضاً، لإقامة سد على مجرى النيل الأزرق والتأثير على منسوب مياه النيل في كل من مصر والسودان.
وكل ذلك يكشف أن أزمات المياه الكبرى التي يجري الحديث عنها، إنما تحصل ضمن المدى الذي تتحرك به الصهيونية والذي يمتد من تركيا الى اثيوبيا مروراً بالمنطقة العربية وهذا ما سنحاول أن ندرسه لاحقاً متتبعين الدور الصهيوني الخفي والمعلن في جعل السياسة تخطو على ضفاف الانهار وترسم صورة الحياة من خلال مويجات المياه السياسية.
ان الخط الذي يربط بين كل من اثيوبيا وفلسطين وتركيا، ليس خطاً عابراً بالنسبة للمخططات الصهيونية، فبعد اجراء الدراسات التفصيلية للمنطقة، تم اختيار، تلك المنطقتين المؤثرتين بقوة على المنطقة العربية. وإذا كانت الدراسات تشير إلى تركيز اليهود على تركيا وعمل عناصرها هناك على تثبيت الوجود اليهودي حتى تحولوا إلى قوة مؤثرة في القرار السياسي التركي وذلك من خلال سيطرتهم على أهم مفاصل التجارة وهيمنتها على وسائل الاعلام، وبالتالي فإن المشاريع المائية التي سندرسها، نراها تصب في المحصلة النهائية في مصلحة السياسة الإسرائيلية، سواءً كان ذلك من خلال التلويح بورقة المياه للضغط على كل من العراق وسوريا او من خلال مشاريع المياه التي تتحمس القيادات التركية لاشراك إسرائيل فيها، والتي تعني ربط الدول العربية مع إسرائيل في مشاريع استراتيجية بعيدة المدى.
واذا كان الوجود التركي يعني السيطرة على منابع نهري دجلة والفرات، فإن اثيوبيا تسيطر على منبع نهر النيل. ولا يمكن أن تكون مصادفة أن تنشأ قوتان مؤثرتان في المنطقة العربية، تتمركزان عند منابع أهم الانهار العربية، وما لهذه الانهار (النيل ودجلة والفرات) من تأثير بالغ على مناطق واسعة وحساسة من الوطن العربي.
دون شك، أن المشاريع المائية المقامة في كل من تركيا واثيوبيا والدور الإسرائيلي في تلك المشاريع، والتي يتضح من خلالها مدى استخدام ورقة المياه في الجانب السياسي من قبل إسرائيل، لم تكن اعتباطية، خاصة عندما نعيد إلى الاذهان الاستكشافات المبكرة والاهتمام الإسرائيلي المبكر ايضا بأهمية المياه .
لا شك أن لموقع تركيا الجغرافي اهميته الحيوية حيث يشكل هذا الموقع جسراً بين القارتين (أوروبا وآسيا) وبشكل خاص بين البلقان والشرق الأوسط، وطريقاً لأوروبا نحو العالم الإسلامي، وكانت الأراضي التركية جسراً لإيصال الفتح الإسلامي إلى أوروبا وللسيطرة الأوروبية على منطقة البلقان، كما أن موقعها إلى الجنوب من روسيا الاتحادية، يعطيها اهمية كبيرة لمواجهة التطلعات الروسية إلى المياه الدافئة في البحر المتوسط والخليج العربي.
الثلاثاء 1 تشرين الأول (أكتوبر) 2013
ألغام المياه
الثلاثاء 1 تشرين الأول (أكتوبر) 2013
par
وليد الزبيدي
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
29 /
2188375
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
17 من الزوار الآن
2188375 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 17