أحمد بن بله، اسم له وقعه الخاص، يتخطى مجرد تحريك المشاعر والحنين للزمن العربي الجميل، زمن النهوض العربي والمد القومي والأحلام الكبرى، ومواجهة المشاريع الاستعمارية، إلى استحضار حقبة ملؤها العز والعنفوان بالرغم من الأخطاء والنكسات، حقبة كانت ثورة الجزائر المحتضنة والمدعومة بالسند الكبير جمال عبد الناصر، أحد أجمل وأعظم تجلياتها، وكان بن بله رمزها المتألق، الصادق المتفاني بنضاله والكبير بتواضعه...
حقبة، عطرت هواءها رائحة البارود الثائر ضد الظلم والطغيان، حقبة قادها عبد الناصر.
بن بله، يستحضر ذكره النشيد الوطني لـ«جبهة التحرير»، وأسماء حُفرت في التاريخ مثل وهران وحي القصبة وجبال الأوراس، وبالتأكيد جميلة بو حيرد. ذكره، يستحضر حرارة حماسة الفتيات العربيات، فتيات التبرع بالخاتم والسوار والسلسال وأقراط الآذان، كما الكنزات اليدوية الصنع... ذكره، يستحضر حملات التعريب بواسطة بعثات الأزهر المصرية، فينسيك أزهر «أن جنحوا للسلم فاجنح لها» وأزهر لم يسمع بحصار غزة!
زار لبنان في العامين 1997 و1998، وكان لي شرف مرافقته في الزيارات البقاعية، بدءاً بضريح سيد شهداء المقاومة عباس الموسوي في النبي شيت، حيث أدمعت عينا بن بله وقال كلاماً كبيراً في شهيد كبير، وفي بعلبك المعطاءة دائماً في ميدان الثورات والمقاومة... وسعدنايل.
بن بله، شهيد الأمة العربية والإسلامية وفلسطين وقدسها... رحمه الله، وعوضنا بأمثاله، بكل من امتشق سيف المقاومة بوجه العدو الصهيوني ومشاريع الفتنة والتفتيت.