«حركة حماس أخلت مكاتبها في سوريا،» الخبر بدأ ينتشر سريعاً في الآونة الأخيرة عبر وكالات الأنباء أو الصحف الأجنبية، التي أخذت تتسابق في تحليل وسرد الأحداث التي أدت إلى مثل هذا القرار من الحركة الإسلامية . قرار الحركة قد يكون صحيحاً بنسبة كبيرة، لكنه غير كامل، فالحركة لا يزال لها تواجد على الأرض في سوريا، وإن كان بمستوى أقل، وخصوصاً بالنسبة إلى قيادات الصف الأول الذين لم يعد لهم تواجد تقريباً على الأراضي السورية .
الأخبار والتسريبات تؤكد ما كان يتم التداول به همساً قبل أكثر من عشرة أشهر، وتحديداً منذ اندلاع ا«لانتفاضة» السورية، وهو أن العلاقة بين حماس ودمشق وصلت إلى مرحلة كبيرة من التوتر على خلفية أحداث درعا التي شكلت شرارة الانطلاق لانتفاضة بلاد الشام . منذ اليوم الأول كان للحركة الإسلامية موقف إلى جانب الشارع السوري، وإن هي حاولت في مرحلة أولى إبقاء باب الوساطة مفتوحاً بين الشارع والنظام، وقد حاولت بالفعل على قاعدة “الإصلاح” إلا أن الأمور لم تسر كما كانت تشتهي لاعتبارات عدة .
بعد ذلك جاء الضغط من النظام السوري على الحركة لإصدار بيان صريح وواضح يدين الاحتجاجات ويقف إلى جانب النظام، وهو أمر استغرق من قيادات الحركة اجتماعات مطولة خرجت ببيان يمسك العصا من الوسط، عبر دعم وعود الإصلاح والتأكيد على مشروعية مطلب الشرعية، الأمر الذي لم يرض السلطة في سوريا، وطلبت تعديله، إلا أن حماس رفضت، لتبدأ بعد ذلك مسيرة من تدهور العلاقات، وصلت في بعض الأحيان إلى تهديدات لبعض القيادات في الحركة .
عند هذه النقطة بدأت مسيرة الطلاق بين دمشق وحماس، التي أخذت تتوسع مع زيادة عمليات القمع الدموي من قبل النظام للمتظاهرين، فيما أوساط حماس ترفض كلياً رواية المسلحين، التي كان يروج لها النظام، قبل بدء الانشقاقات في الجيش وتكوين “الجيش السوري الحر” .
يبدو أن مسيرة الطلاق وصلت إلى مرحلة متقدمة نسبياً مع بدء الحديث عن مغادرة رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل دمشق
وأنه لن يعود إليها
. قد يكون الحديث مبالغاً فيه في المرحلة الحالية، إلا أنه غير مستبعد . فمشعل يقضي معظم أيامه خارج دمشق، لكنه في النهاية سيعود إليها في الفترة القريبة، طالما أن القرار النهائي بنقل المكتب السياسي لم يتخذ بعد، ربما بانتظار انتخاب رئيس جديد للمكتب السياسي، بحيث ينتقل المكتب إلى مقر رئيسه، الذي قد يكون في القاهرة أو غزة .