في الأيام القليلة الماضية، أثار إضراب الأسير بلال كايد عن الطعام، الذي كان قد أعلنه احتجاجاً على تحويله إلى «معتقل إداري»، بعد أن أمضى محكوميته، 14 عاماً، في السجون «الإسرائيلية»، والذي دخل إضرابه في يومه ال60، غضب الأسرى وأوصل عدد المضربين إلى 400 أسير، في مختلف السجون «الإسرائيلية»، ومن مختلف الفصائل الفلسطينية، وبينهم أسرى حركة حماس، الذين أنهوا إضرابهم بعد التوصل إلى اتفاق مع مصلحة السجون «الإسرائيلية»، قيل إنه حقق لهم مطالبهم، ونفت الجهات الأمنية «الإسرائيلية» أنها استجابت لشروطهم. لكن آخر الأنباء، بحسب «هيئة شؤون الأسرى والمحررين» أفادت بأن 77 أسيراً في مختلف السجون «الإسرائيلية»، يخوضون إضراباً مفتوحاً عن الطعام، ومن دون تحديد سقف زمني، تضامناً مع خمسة أسرى مضربين احتجاجاً على اعتقالهم الإداري، وهم: بلال كايد، محمد ومحمود البلبول، عياد الهريمي، ومالك القاضي.
مع إعلان التوقيع على «اتفاق أوسلو»، مما نشر من بنوده، أن «أخطاء وخطايا» كبيرة وكثيرة ارتكبها الجانب الفلسطيني المفاوض بالموافقة على ما جاء فيه، وما سقط منه من قضايا كان يجب أن تحسم قبل التوقيع على الاتفاق. من ضمن تلك القضايا وعلى رأسها تأتي قضية الأسرى الذين كانوا في السجون قبل إعلان «الاتفاق»، ثم ما كان يجب أن يلحظه الجانب الفلسطيني المفاوض من احتمالات في هذا الموضوع في المراحل اللاحقة من تطبيقه، أو عدم تطبيقه! فالمفروض في نهاية كل حرب، ونهاية كل ثورة، وعندما يتوصل الطرفان المتحاربان إلى الاتفاق على «تسوية سياسية»، للصراع، يُصار إلى تصفية كل القضايا التي خلقتها الحرب، أوخلقها الصراع، كإثبات على صدق النوايا، وكتمهيد وضمان لتنفيذ التسوية المتفق عليها. لكن شيئاً من ذلك لم يكن، لا قبل ولا بعد إعلان «الاتفاق»، ولا بعد ذلك، بل استمر الوضع من حيث التعامل مع الشعب الواقع تحت الاحتلال، من دون تغيير، وزاد العسف وزادت الاعتقالات والإجراءات القمعية، وطبعاً لم ينفذ بند واحد من البنود، واستعمل «الاتفاق» غطاء لتنفيذ مخططات «إسرائيلية» تتعلق بالاستيطان والتهويد، وبقية قائمة التطهير العرقي المتبعة منذ البداية!
وخلال سنوات ما بين 1967 و2015، اعتقلت سلطات الاحتلال ما يقرب من مليون فلسطيني وفلسطينية، ولم يستثن الأطفال الذين شرعن الاحتلال مؤخراً اعتقالهم من دون الرابعة عشرة من العمر، وأُخضعوا جميعاً لكل أساليب التعذيب الجسدي والنفسي وكل أشكال الإهانة والتحقير، وبما يتنافى مع كل الشرائع والمواثيق الدولية، وحقوق الإنسان.
وعلى سبيل المثال، اعتقل منذ اندلاع الهبة الشعبية الحالية في مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي 2320 طفلاً، لا يزال 400 طفل منهم في سجون العدو «الإسرائيلي»، بينما تزداد أعداد الأسرى والمعتقلين يومياً.
ومنذ أن بدأت إضرابات وتحركات الأسرى، التي كان معظمها مطلبياً، اقتصرت مواقف السلطة الفلسطينية، خصوصاً، على التنديد والمناشدات التي لم تقدم، ولم تؤخر شيئاً من ممارسات سلطات الاحتلال. وكذلك فإن ما أقدمت عليه فصائل المقاومة المسلحة من أعمال أسر جنود «إسرائيليين» لم يكن لنتائجها كبير الأثر في حل قضية الأسرى أو تحسين ظروف الأسرى، حيث تم في أكثر الحالات إعادة اعتقال من تم تحريرهم من خلال «الصفقات» التي تمت، ودائماً كانت سلطات الاحتلال تعتقل في يوم واحد، ما يعادل من تم تحريرهم! والسلطات «الإسرائيلية» تصر حتى اليوم على عدم اعترافها بأن الأسرى الفلسطينيين، هم أسرى حرب أو مقاومة وطنية مشروعة للاحتلال، وتوغل في إجراءاتها ضدهم باعتبارهم «معتقلين أمنيين»!
إنه من الطبيعي أن تعجز السلطة التي قدمت كل التنازلات الممكنة في «اتفاق أوسلو»، ثم زادتها بعده، عن فعل شيء لحل قضية الأسرى. وفي الوقت الذي يشير الكثيرون من رموز السلطة وكتابها إلى الكيان الصهيوني، بوصفه «نظام تمييز عنصري» ويقرنونه بالنظام العنصري، الذي كان في جنوب إفريقيا، ويطالبون بالاستفادة من دروس الحركة الوطنية الجنوب إفريقية، ينسون أو يتناسون موقف زعيم الحركة نيلسون مانديلا، الذي عندما بدأت المفاوضات معه، وعرضوا عليه إطلاق سراحه كخطوة أولى في المفاوضات، رفض أن يخرج من السجن إلّا بعد أن يُطلق سراح آخر أسير من الوطنيين، وفي الوقت نفسه، لم يفكر في وقف الكفاح المسلح أثناء المفاوضات.
المعالجات القاصرة لقضية الأسرى لن تحل القضية، ولا الإضرابات الفردية أيضاً، وحتى الجماعية المطلبية لن تفعل ذلك. المواجهة المستمرة بكل الأشكال، وخصوصاً تحويل الهبة الحالية إلى انتفاضة شاملة، هي القادرة على توفير الحل الناجز في طريق إنهاء الاحتلال، وخطوة حاسمة على طريق التحرير.
الاثنين 15 آب (أغسطس) 2016
الأسرى والمعالجات القاصرة
الاثنين 15 آب (أغسطس) 2016
par
عوني صادق
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
27 /
2186868
ar أقسام منوعات الكلمة الحرة وفاء الموقف عوني صادق ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
34 من الزوار الآن
2186868 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 34