الجمعة 5 تشرين الأول (أكتوبر) 2018

حديث «حل الدولتين».. تجديد للأوهام

الجمعة 5 تشرين الأول (أكتوبر) 2018 par عوني صادق

في كلمته التي ألقاها في الجمعية العامة للأمم المتحدة، أكد الرئيس محمود عباس تمسكه بالمفاوضات وقال: «نحن لم نرفضها إطلاقاً، ومستعدون للتفاوض سراً وعلناً. لكن نتنياهو يعطلها»! وفي أكثر من مكان، وأكثر من مناسبة، يؤكد الرئيس تمسكه ب«حل الدولتين»، مع أن العالم كله اعتبر هذا الحل ساقطاً منذ أسقطه نتنياهو قبل زمن طويل، ثم جاء وأجهز عليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. لكن المثير للاستغراب والريبة أن يعود ترامب، أثناء مؤتمر صحفي مشترك مع نتنياهو، في لقاء معه على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ليعلن أنه يفضل «حل الدولتين»، بعد أن أكد أهمية تلك القرارات التي سبق له واتخذها وألغت عملياً كل حل ممكن متفق عليه، قائلاً: «أنا أرغب في حل الدولتين»! مؤكداً أن «الفلسطينيين سيعودون إلى المفاوضات».
والمعروف للجميع أن ترامب بعد اعترافه بالقدس «عاصمة موحدة ل«إسرائيل»، ونقل سفارة بلاده إليها، واعتبار المستوطنات والاستيطان «حقاً طبيعياً ل«إسرائيل»، وإسقاط حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، لم يعد هناك على الطاولة حل اسمه «حل الدولتين». فأي «حل» ذلك الذي «يرغب فيه ترامب؟» هل اقتنع أن القدس أصبحت أبو ديس مثلاً وبشكل نهائي، وأن التطهير العرقي الجاري في الضفة الغربية لا يثير المشاكل؟. لا أظن أنه وصل من الغباء لافتراض ذلك. لكن من المنطقي أن نفترض أنه طالما أن ترامب واثق لهذه الدرجة من أن الفلسطينيين سيعودون إلى المفاوضات، فإن «رغبته» هذه ليست سوى «طعم» لإعادة السلطة الفلسطينية إليها، والتبرير هو عودة الحديث عن حل «الدولتين» مع تجاهل لكل ما أقدم عليه حتى الآن من قرارات تم تنفيذها، وهي تلغيه، لكن نتنياهو في رده على سؤال للصحفيين، أشار بطريقة مبهمة إلى ما يعنيه ترامب ب«حل الدولتين»، موضحاً: «السؤال هو: ما هي الدولة؟ وأي نوع من الدولة ستكون؟» ودائماً اشترط نتنياهو، في معرض تظاهره بقبول قيام «دولة فلسطينية»، شرطين رئيسيين: أن تكون منزوعة السلاح وأن تعترف بيهودية «دولة إسرائيل».
يحدث ذلك في وقت يرى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريس، في كلمته الافتتاحية أمام الجمعية العامة (25/9/2018)، أن «حل الدولتين أصبح بعيد المنال»، وهو تعبير ملطف عن حقيقة سقوط وموت هذا الحل الذي لم يعد إمكانية نظرية منذ 2007، وحدوث الانقسام الفلسطيني و«استحالة» المصالحة بين حركتي «فتح» و«حماس».
ويمكن القول إن رأي الأمين العام للأمم المتحدة يعتبر مؤشراً إضافياً على أن عودة ترامب للحديث عن «حل الدولتين» ليس أكثر من «طعم» أو سلم لإنزال محمود عباس عن شجرته! فالرئيس الأمريكي لم يتراجع عن شيء من قراراته، ولم يغير شيئاً من انحيازه ل«إسرائيل»، وما زال يتحدث عن «صفقة القرن». وفي لقائه المشترك مع نتنياهو يقول للصحفيين: إن «خطة صفقة القرن تسير بشكل جيد جداً»، بعد أن أكد أنه «يؤيد «إسرائيل» بنسبة 100%»، و«سنحافظ على أمن «إسرائيل».
لقد أثبتت مفاوضات ربع قرن عبثية التفاوض من موقف الضعف، وبالتحديد عبثية التفاوض مع كيان كولونيالي قام على الإرهاب والاغتصاب والقوة، واعترف بعبثيتها كل رموز «اتفاق أوسلو» الاستسلامي الذي في أساسه لم يكن سوى «خدعة» لكسب الوقت ومرحلة الأهداف الصهيونية. ولقد كانت حصيلة هذه المفاوضات بعد ربع قرن، الوصول إلى وضع لم يُبق شيئاً يمكن التفاوض عليه، ثم يأتي ترامب ليطالب السلطة بالعودة إلى المفاوضات التي لم «ترفضها يوماً». لقد قامت هذه المفاوضات على جملة من الأوهام سقطت تباعاً واحداً بعد الآخر، بدءاً من «عملية السلام» إلى «الرعاية الأمريكية» إلى الرهان على «الدور الأمريكي»، وأي عودة إلى المفاوضات في ظل قرارات ترامب واشتراطات نتنياهو لا تعني شيئاً غير تجديد تلك الأوهام، وفتح حساب جديد لربع قرن عبثي جديد! هذا إن كانت بقيت حاجة لكيان الاغتصاب لمثل هذه المفاوضات.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 63 / 2183533

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع وفاء الموقف  متابعة نشاط الموقع عوني صادق   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2183533 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40