الجمعة 21 أيلول (سبتمبر) 2018

عن «جهوزية» الجيش «الإسرائيلي»!

الجمعة 21 أيلول (سبتمبر) 2018 par عوني صادق

كل حديث عن «إسرائيل» لا بد أن يتصدره الحديث عن الجيش «الإسرائيلي»، وليس مبالغة ما قيل منذ زمن بعيد: «كل دولة لها جيش، لكن إسرائيل جيش له دولة»! ومنه جاء وصف «إسرائيل» بأنها «الكيان- الثكنة» أو «الثكنة- الكيان»! وفي الذكرى السبعين لقيام «دولة إسرائيل»، متزامنة مع مرور 25 عاماً على توقيع «اتفاق أوسلو»، كان الحديث في دويلة الاحتلال موزعاً بشكل رئيسي بين أمرين: جهوزية الجيش «الإسرائيلي» وقوة «إسرائيل» من جهة، والتهديدات الأمنية التي تواجهها هذه الدويلة.
عن الأمر الأول يدور الحديث حول «جهوزية الجيش الإسرائيلي للحرب»، وهو حديث أثاره تقرير وضعه مفوض شكاوى الجنود في الجيش «الإسرائيلي»، إسحاق بريك، وحذر من «وجود أزمات» داخل الجيش الذي وصفه بأنه «تنظيم متوسط المستوى»، وأن الضباط الميدانيين فيه تحولوا إلى «مجموعة من الجبناء»، والضباط برتبة لواء «منشغلون في المظهر دون الجوهر»! جاء ذلك في تقرير زادت صفحاته على المئتين، بعد أن وثق سلسلة من المقابلات مع عشرات من الجنود والضباط في الجيش في مختلف الأذرع والوحدات وأعضاء «لجنة الخارجية والأمن» التابعة للكنيست، واقتبس من أقوال ضباط ميدانيين قولهم: «إن قيادة الجيش تسوق مظهراً كاذباً لجهوزية أعلى مما هي في الواقع»! (هآرتس الإلكتروني- 2018/8/15). وتلقى بريك بعدها رسالة موقعة من عشرات الضباط تحدثوا عن «انعدام الثقة في المؤسسة العسكرية، وانعدام اليقين في المستقبل»!
على خلفية هذا التقرير، الذي بعثه بريك إلى وزير الحرب أفيجدور ليبرمان، ورئيس أركان الجيش غادي إيزنكوت، وبعض الضباط، و«لجنة الخارجية والأمن» التابعة للكنيست، عقد رئيس الأركان مؤتمراً صحفياً نفي فيه ما جاء في تقرير بريك، وادعى أن الجيش جاهز للحرب. ونتيجة للخلاف الذي نشب بينهما، دعا بريك إلى «تشكيل لجنة تحقيق» للبحث في الخلاف الناشب بين الرجلين، كما ذكرت صحيفة (هآرتس- 2018/9/14). وقد اعتبر المحلل العسكري في الصحيفة، عاموس هرئيل، أن المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق أمر «غير مسبوق»، ويدل على أمرين: الأول، وجود قلق عميق في الجيش حول قدرات القوات البرية، والثاني، انعدام الثقة في قدرة الجيش على فحص نفسه وتصحيح أخطائه!
في هذا الوقت، يتفق الخبراء وأصحاب الرأي في «إسرائيل»، على أن قوة «إسرائيل» ومكانتها في الشرق الأوسط «مستقرة»، بل وهي تملك «فائضاً» من القوة يجعلها تتصرف بشكل سيئ يعود عليها، كما يرى البعض، بالضرر! وفي مقال كتبه يوسي ميلمان، المعلق العسكري في صحيفة (معاريف- 2018/9/7)، قال: «في السنة الماضية، بقي الوضع الأمني والعسكري لإسرائيل على جميع الجبهات مستقراً، هكذا يقدرون في شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، وفي هيئة رئاسة أركان الجيش، في (الموساد) وفي (الشاباك). كانت «إسرائيل» ولا تزال القوة العظمى الأكبر والأقوى في الشرق الأوسط، وهي ليست عرضة لأي تهديد جدي، وبالتأكيد ليس وجودياً»!
في الوقت ذاته، هناك من يرى أن «إسرائيل» تملك «فائضاً» من القوة جعلها تتصرف بشكل سيئ! وفي مقال كتبه جدعون ليفي في (هآرتس- 2018/9/9)، جاء قوله: «أخيراً... نكتشف أن المرض الأساسي، أساس كل الكوارث، هو فائض القوة لدى «إسرائيل». لو لم تكن قوية جداً لكانت أكثر عدلاً»! طبعاً هذا ليس صحيحاً، لقد مرت «إسرائيل» في أوقات كانت في حاجة لعمليات إنقاذ نفذتها الولايات المتحدة، ولولاها لكانت اليوم على نحو آخر، لا تملك «فائضاً» من القوة وليس وضعها «مستقراً على كل الجبهات»!
مع ذلك، يعترف «الإسرائيليون» جميعاً، بأن «التهديد» الوحيد الباقي هو «التهديد الفلسطيني». وبالرغم من اختلال «ميزان القوة» بشكل كبير لصالح دولة الاغتصاب، إلا أن عدم القدرة على فرض حل يرفضه الفلسطينيون يلغي كل قوتهم ويبقي باب الصراع مفتوحاً، وكذلك باب التهديد، وهو وجودي في نهاية الأمر! وفي هذه المسألة، يقول يوسي ميلمان، في مقاله المشار إليه أعلاه: «أما المسألة الفلسطينية، مسألة الديموغرافيا، وخطر الدولة ثنائية القومية، فكانت ولاتزال المشكلة رقم واحد لإسرائيل»! وهو نفسه يقول في المقال نفسه، منطلقاً من الوضع في غزة: «غياب الاتفاق وانسداد الطريق السياسي مع السلطة الفلسطينية، والذي احتمالات استئنافه طفيفة، تضع المرة تلو الأخرى إسرائيل في الموقف ذاته»! وإذا كان هو يتحدث هنا عن الموقف من غزة، إلا أنه يسري على كل موقف يتعلق بالقضية الفلسطينية وسبل حلها، شاء أو أبى!
أخيراً، ليس من أحد بحاجة لتذكير أحد بأن «فائض القوة» الذي تملكه «إسرائيل» هو «قوة مستعارة» وليست ذاتية، حتى ولو امتلكت قنابل نووية! وما أكثر المناسبات التي تظهر لتؤكد أنها «دولة مصطنعة»، وكذلك قوتها، والمصطنع حتماً لن يدوم!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 48 / 2183576

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع وفاء الموقف  متابعة نشاط الموقع عوني صادق   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2183576 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40