ولَمَّا خرجوا ليذهبوا إلى “أرض كنعان”، ظَهَرَ “الرَّب” لـ “أَبْرام”، وقال: “لِنَسْلِكَ أَعْطي هذه الأرض (من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات)”،وكان الكنعانيون، حينئذٍ، فيها،لكنْ، مَنْ هُمْ “نَسْل” أَبْرام الذين مَنَحَهُم “الرَّب” تلك الأرض (أرض الكنعانيين)؟ نتنياهو يجيب قائلاً: “إنَّهم الشعب اليهودي”،ثمَّ يَدْعو الفلسطينيين إلى الاعتراف بإسرائيل على أنَّها “دولة يهودية (لا تَخُصُّ إلاَّ الشعب اليهودي)”،والفلسطينيون يَتَحَدُّون نتنياهو (وأمثاله) أنْ يُعَرِّف لهم “اليهودي”، أيْ أنْ يجيب عن سؤال “مَنْ هو اليهودي؟”.
“اليهودي”، في “تعريفه الأُم”، هو الذي “وُلِدَ يهودياً، أيْ هو الذي أُمُّه يهودية،فَعِرْق أبيه، أو تَدَيُّنه (اليهودي) مِنْ عَدَمه، ليس بذي أهمية. “الأُم”، في تعريف “اليهودي”، هي الأصل والأساس،فكل مَنْ يَخْرُج من رحمها، أكان ذكراً أم أنثى، يُعْتَرَف به على أنَّه “يهودي”،وهذا إنَّما يعني، أيضاً، أنَّ “اليهودي” هو ابن (أو بنت) اليهودية. وعلى مضض، توسَّعوا قليلاً في “التعريف”، فأدرجوا فيه “مُعْتَنِق اليهودية (مِنْ “عِرْق آخر”). هذا الاستعصاء في تعريف “اليهودي”، أو إجابة سؤال “مَنْ هو اليهودي؟”، جَعَل من الاستعصاء (أو الصعوبة) بمكان إجابة السؤال “كَمْ عدد اليهود في العالَم؟”.
أَبْرام، وُفْق الرواية اليهودية، هو في منزلة “آدم” لدى “نَسْل أَبْرام”،وكان اسماعيل (الذي أُمُّه الجارية هاجر) هو “النَّسْل (أوالولد) الأوَّل” لأَبْرام العبراني،ثمَّ رُزِق أَبْرام طفلاً (هو إسحق) من زوجته سارة،فقرَّر “الرَّبُّ”، عندئذٍ، أنَّ “الأرض الجديدة” ستكون لـ “نَسْل إسحق” فحسب ،فـ “شَعْب الله المختار (المُفضَّل على العالمين)” يجب أنْ يأتي من المرأة سارة، المفضَّلة على المرأة الجارية هاجَر،وإنَّ سارة، من ثمَّ، هي “حوَّاء اليهودية”،هي “المرأة ــ الأُم اليهودية الأولى”،هي التي جاءتنا بـ “المولود اليهودي (العرقي) الأوَّل”، أو بـ “الرَّجُل الأوَّل من شعب الله المختار”!
لكنَّ هذا “الرَّجُل (إسحق)” لن تكون له ذُرِّيَّة يهودية إلاَّ من “امرأة ــ زوجة يهودية”،فـ “اليهودي (بالعِرْق)” إنَّما هو الذي أُمُّه يهودية،فهل أصبح لإسحق ذُرِّيَّة من “امرأة ــ زوجة يهودية”؟
لَمَّا بلغ اسحق الأربعين من العمر، أرسل أَبرام خادِمَهُ إلى بلاد ما بين النهرين ليختار لابنه اسحق زوجة (تُدْعى رفقة) من لابان الذي هو من عائلة زوجته سارة،لكنَّ زوجته كانت عاقراً،فصلَّى اسحق لكي يَمُنَّ الله على رفقة بالحمل، فحمَلَت بتوأم, عيسو ويعقوب، ففضَّل اسحق عيسو،لكن رفقة فضَّلت يعقوب،ويعقوب هذا هو “إسرائيل”،ونَسْلُه هُمْ “بنو إسرائيل”.
لِنَدْمِج الآن بين مفهوميِّ “اليهودية العرقية”، و”اليهودي هو الذي وُلِدَ يهودياً”، أيْ هو الذي أُمُّه يهودية،فماذا يكون معنى “لِنَسْلِكَ”؟
إذا اعتدَّ “الرَّب” سارة امرأةً يهودية، فإنَّ نَسْل أَبْرام الذين مَنَحَهم “الرَّب” أرض كنعان هُمْ نسله من سارة،وإسحق هو كل نَسْلُه من سارة،وينبغي لإسحق أنْ يتزوَّج امرأةً يهودية بالعرق حتى يكون نسله يهوداً،فَمِنْ أين يأتي بهذه المرأة (الزوجة)؟!
إسحق تزوَّج امرأة غريبة (رفقة). وهذه المرأة ليست يهودية بالعرق،فكيف لولديِّ إسحق منها (وهما عيسو ويعقوب) أنْ يكونا يهوداً، إذا ما عرَّفْنا اليهودي على أنَّه الذي أُمُّه يهودية؟!
الحل أنْ نقول إنَّ يعقوب (أو عيسو) يهودي،لأنَّ والده إسحق يهودي، أو لأنَّ والدته رفقة (غير اليهودية بالعرق) قد تهوَّدت، أيْ أصبحت يهودية بالدين،لكنَّ لا هذا، ولا ذاك، يَنْزِل بَرْداً وسلاماً على “اليهودية”.
وعملاً بـ “قانون العودة”، الذي أقرَّه الكنيست سنة 1950، لا يحقُّ المجيء إلى “أرض إسرائيل” إلاَّ لـ “مَنْ وُلِدوا يهوداً”، أيْ أبناء اليهودية، أو أحفاد اليهودية من طرف الأُم.
إذا كان لا يحقُّ المجيء إلى “أرض إسرائيل” إلاَّ لِمَن وُلِدوا يهوداً، أيْ أبناء اليهودية، أو أحفاد اليهودية من طرف الأُم، فهذا إنَّما يعني أنَّ اليهود، وبدءاً من عيسو ويعقوب، لا يحقُّ لهم المجيء إلى هذه الأرض!
الخميس 3 تموز (يوليو) 2014
تناقُض “اليهودية” الكبير!
الخميس 3 تموز (يوليو) 2014
par
جواد البشيتي
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
15 /
2198670
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
8 من الزوار الآن
2198670 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 8