كثيرة هي الأسئلة والتساؤلات التي يطرحها اتفاق المصالحة الفلسطينية الجديد المعلن من غزة، ومن المفروض تلمس الإجابة عليها أو تقديرها، بالحد الأدنى، قبل إبداء التفاؤل أو التشاؤم إزاء النسخة الجديدة من اتفاق المصالحة . لننحي جانباً الكلام “الإسرائيلي” عن اتفاق مسرحي، لأن هذا ما تتمناه “إسرائيل” قادة وإعلاماً وأجهزة ومستوطنين . لكن ثمة ضرورة للتدقيق في المعنى الكامن خلف كلام بعض المسؤولين في السلطة الفلسطينية عن أن اتفاق المصالحة لن يؤثر في المفاوضات مع “إسرائيل” . هذا الكلام إذا كان صحيحاً، لا معنى له سوى أن “حماس” موافقة على استمرار المفاوضات العبثية، وإذا كان غير صحيح فإن اتفاق المصالحة لن يكون سوى نسخة جديدة من الاتفاقات الفاشلة .
لم يبدأ الخلاف بين “فتح” و“حماس” الذي أدى للاقتتال، حول تشكيل حكومة وإجراء انتخابات، لكي ينتهي باتفاق عليهما، بل تمحور في العلن حول الخط السياسي وفي أساسه اتفاق أوسلو وبدأ إجراء مفاوضات تحت سقفه . والآن ثمة مسائل كثيرة بقيت خارج الاتفاق المعلن حتى الآن، ومن شأن مواصلة النقاش فيها أن يعيدنا إلى مربّع الانقسام ثانية، ليتحقق التوصيف “الإسرائيلي” بأن ما يجري “مسرحية” .
من الطبيعي أن يتساءل الفلسطيني الذي يجبر نفسه على التفاؤل، عن مصير أجهزة الأمن التابعة لحكومة “حماس”، ذلك أنه إذا لم تُحل أو تُدمج في أجهزة الأمن المركزية، سيبقى أحد مظاهر الانقسام قائماً . وإذا كانت “فتح” والسلطة متمسّكتين بالمفاوضات مع “إسرائيل”، فإن المصالحة تدخل في مأزق، إذ إن “حماس” وغيرها من الفصائل ستكون مطالبة بتفكيك أجنحتها العسكرية، وتبني فلسفة “الحياة مفاوضات” . إذاً، البرنامج السياسي، وليست الجوانب الإجرائية، هو ما سيحدد مصير الاتفاق الجديد .
المصالحة هي مفهوم اجتماعي أكثر مما هو سياسي، وبالتالي فإن المفروض أن تكون عتبة لاستعادة الوحدة الوطنية التي تحتاج بدورها لأساس سياسي يجب أن يختار بين اتفاق “أوسلو” ومنهج المفاوضات، أو المقاومة بمفهومها السياسي الشعبي الشامل وفق استراتيجية موحّدة . لم يصدر عن فريق أوسلو ما يوحي باستعداده للتخلي عن خياره، فهل ستظهر الأيام والأسابيع المقبلة أن “حماس” ستنضوي تحت مظلة “أوسلو”؟ سنترك هذا للتطورات، مع التسجيل أن كل هذه التساؤلات لا تقلل من أهمية ما حصل في غزة، بدليل ردود الفعل “الإسرائيلية” والأمريكية .
ما إن أعلن في غزة الاتفاق على إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، حتى جن جنون “إسرائيل” والولايات المتحدة . ردة الفعل “الإسرائيلية” الأولى جاءت على شكل إلغاء اجتماع تفاوضي لم يكن مقرراً في الأصل مع الجانب الفلسطيني . أما واشنطن فقد عبرت عن “خيبة أملها” من أن يتوحد الفلسطينيون .
قبل أن تبدأ النسخة الأحدث من لقاءات المصالحة، ونأمل أن تكون الأخيرة فعلاً، تسابق قادة “إسرائيل” على تحذير الفلسطينيين من “عواقب” وحدتهم، بل وصلت الوقاحة حد تخيير الفلسطينيين بين وحدتهم و“السلام” مع “إسرائيل”، وكأن هذه الخرافة المسماة ب “السلام” كانت قاب قوسين أو أدنى، وعطّلتها المصالحة الفلسطينية . أي هراء هذا وأي تضليل . وهنا ينبغي التأكيد على قضية مهمة هي أن وحدة الفلسطينيين يجب ألا تخضع للحسابات مع أي طرف كان، لأنها شرط وجودهم ثم استعادة حقوقهم .
الجمعة 25 نيسان (أبريل) 2014
المصالحة والأساس السياسي
الجمعة 25 نيسان (أبريل) 2014
par
أمجد عرار
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
24 /
2197627
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
11 من الزوار الآن
2197627 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 10