لا تكف سلطات الاحتلال “الإسرائيلي” عن تصعيد موجة عدوانها على الكل الفلسطيني، العدوان الذي لا يستثني فئة أو مجموعة أو طائفة، ولا ينفك يحاول النيل من الفلسطينيين وقضيتهم وحقوقهم، من خلال جملة سياسات وقرارات تثبت مضي الاحتلال في انتهاج سياسة تذويب الهوية العربية والفلسطينية، ومحاولة إعادة تشكيلها بما يتناسب مع مشروع الاحتلال التوسعي العنصري .
آخر التقليعات “الإسرائيلية” في هذا المجال ما أعلن في الكيان من خطوات تستهدف مسيحيي فلسطين المحتلة عام ،1948 وتتمثل في إجبار شبابهم على الانضمام إلى صفوف جيش الاحتلال فيما يزعم الكيان أنه “تجنيد”، في خطوة أخرى من مسلسل تذويب الهوية الذي بدأه مع الفلسطينيين الدروز والشركس، ما يعني أن الكيان العنصري الذي لا يرى في الفلسطينيين الثابتين في أرضهم المحتلة عام 48 سوى مجموعة دونية لا ترقى إلى درجة “مواطن”، يحاول بالتوازي مع مخطط تذويب الهوية أن يفصلهم فعلياً عن قضيتهم وشعبهم في فلسطين المحتلة ككل .
لكن هذه السياسة لن تمر ولن تنجح، فرغم 66 عاماً من الاحتلال، فالفلسطينيون في أراضي ال48 باقون على انتمائهم الأصيل لفلسطينيتهم، ومهما جنّد الاحتلال من عناصر الطابور الخامس المتماهين مع سياساته، والمرتزقة الذين يتكسبون من بيع قضيتهم، ويسعون لإيجاد مكان في كيان العنصرية والغدر، فإنه لن يلقى إلا الفشل الذريع .
الدلائل على ذلك كثيرة وثابتة في تاريخ القضية الفلسطينية، ولو وضعنا هذا التاريخ الحافل جانباً والتفتنا إلى الحاضر، فإننا سنجد أن الوعي يكبر إزاء مخططات الاحتلال، ومن ذلك الرد السريع الذي أخذته الحركات الشبابية والأطر الأهليّة الفاعلة المتمثل في إعلانها تصعيد النضال الرافض للتجند في جيش الاحتلال، وتحذير الحركات الشبابية من أنّ زعم الاحتلال أن أوامر “التجنيد” الصادرة للمسيحيين الفلسطينيين “غير ملزمة”، لا ينفي حقيقة أنها جاءت في إطار محاولة للضغط على الشباب الفلسطينيين، وفي مخطط لعزلهم عن شعبهم .
مخططات “الأسرلة” هذه ليست الوحيدة ولا هي منفصلة عن المشروع الصهيوني، والدليل على ذلك أنها تتزامن وتتكثف وتتصاعد في أكثر من ملف، وعلى أكثر من صعيد، ف “الأسرلة” سلاح معنوي يستخدمه الكيان لتهويد المقدسات وتزوير التاريخ، وضرب الشعور الوطني، وفصل الفلسطينيين في الأرض المحتلة عام 48 عن أبناء شعبهم سواء من خلال الإجراءات والقوانين العنصرية، أو من خلال جدار الضم والتوسع الذي يفصل بين الأخ وأخيه، أو عبر استهداف الرموز الدينية والوطنية والتاريخية، ومنع الفلسطينيين من التمتع بأبسط الحقوق والحريات الإنسانية .
الاحتلال مكشوف تماماً أمام الوعي الفلسطيني، لكنه مستمر في تثبيت الوقائع على الأرض، مستفيداً من الانشغال العالمي بقضايا ساخنة كثيرة، ومن التشتت الفلسطيني، الذي من المأمول أن يوضع حد قريب له، في ظل الاجتماعات والجهود لرأب الصدع وإنهاء الانقسام، التي يرى كثيرون أنها باتت أقرب من أي وقت مضى إلى التحقيق، لكن الآمال لا تحل أزمة ولا تعالج كارثة، والمنتظر أن نرى خطوات عملية تؤكد لنا التوجهات والنوايا الطيبة أولاً .
الخميس 24 نيسان (أبريل) 2014
مستوى جديد للعدوان
الخميس 24 نيسان (أبريل) 2014
par
محمد عبيد
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
32 /
2190936
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
8 من الزوار الآن
2190936 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 8