السبت 16 آب (أغسطس) 2014

“فرقعة” إعلامية

السبت 16 آب (أغسطس) 2014 par محمد عبيد

ما الذي يحاول جيش الاحتلال “الإسرائيلي” ومن خلفه حكومته الدموية وجزاروه الغارقون في الدم الفلسطيني، أن يوصله إلى العالم من خلال إعلان تشكيل ما زعم أنها “لجنة تحقيق” في استهداف المدنيين الفلسطينيين في غزة خلال العدوان المستمر عليها؟ أليست مجرد “فرقعة” إعلامية تقف وراءها ماكينته الدعائية القذرة هادفة إلى “تبييض” وجه الاحتلال أمام العالم، والاستمرار في محاولات تجريم الضحية؟
إعلان جيش العدو ليس مجرد مزحة سمجة، بقدر ما هو أداة أخرى من أدوات “إسرائيل” لتصوير نفسها أمام العالم على أنها “قوة أخلاقية” تلتزم حقوق الإنسان، لكن الجرائم التي ارتكبها هذا الجيش بحق قرابة ألفي شهيد وأكثر من 10 آلاف جريح تكفي لتفنيد هذه الدعاية السوداء، وهذه المزاعم، فهنا التمييز سهل بين الحقيقة والوهم .
مجرد حديث الكيان عن تركيز اللجنة المزعومة على استهداف النازحين المدنيين في منشآت الأمم المتحدة، يكشف التوجه الحقيقي لهذا التحقيق، والهدف من خلال الإعلان عنه، المتمثل في محاولة تضليل العالم أو فرض رواية ورؤية الاحتلال على ردود فعله تجاه جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبها ويرتكبها بحق الفلسطيني، وهذا سيجد بالضرورة تبنياً كاملاً من الولايات المتحدة وبعض القوى الغربية التي قبلت أن تكون شهود زور على جريمة تاريخية .
لا ينتظر عاقل من قوة احتلال أن تدين أداتها الرئيسية في الإرهاب والقتل، وليس منتظراً أيضاً أن يصل التحقيق المزعوم إلى نتائج أو إدانة، فالغرض منه معروف مسبقاً، ولا مجال إلا لإدانته شأنه شأن المجازر التي ارتكبها الاحتلال وجيشه الإرهابي بحق الفلسطينيين .
رد فعل رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو على إعلان تشكيل لجنة تحقيق أممية في انتهاكات حقوق الإنسان في غزة، يكفي لتأكيد المسعى إلى تجريم الفلسطيني، فمجرد اعتبار مجرم الحرب هذا أن اللجنة “متحيزة” ولن تكون موضع ترحيب في الكيان، يؤكد أنه مستمر في سياسته الدموية، وأنه يقر ضمناً بالجرائم التي ارتكبها جيشه على مدى 40 يوماً من العدوان الدموي .
الفلسطيني لا ينتظر من لجنة التحقيق الأممية إدانة جديدة للاحتلال، فهو مدان ومجرّم على الأشهاد، لكن توثيق هذه الجرائم، وهي وظيفة المنظمة العاجزة عن الفعل ورد الفعل، يغدو ضرورة، حتى توضع الأمور في نصابها، والمسؤولية واقعة على الفلسطينيين والعرب والمسلمين، في التقدم خطوة أخرى باستخدام سيل التقارير والأدلة والحقائق لملاحقة مجرمي الحرب هؤلاء دولياً .
من يصم الآخرين بالانحياز ليس إلا مجرماً يدرك حجم جرائمه وما تورط به، ومواجهته مباشرة ومن دون الغرق في تفاصيل الحالة الدولية المرتهنة لإرادات قوى تدعم هذا المجرم وتمنحه الغطاء السياسي وتضعه فوق القانون، تمثل أساساً لردعه ووقفه عند حدوده، والمطلوب من الفلسطيني الذي يحاول التوصل إلى اتفاق يعيد التنفس إلى قطاع غزة الذي يخنقه الاحتلال براً وبحراً وجواً، أن يحارب على جبهة أخرى، عنوانها ملاحقة الاحتلال أمام المحاكم الدولية .
على الفلسطيني أيضاً أن يحافظ على وحدته، ويستمر في وضع الخلافات الداخلية جانباً، بعد انتهاء هذا العدوان الدموي، وأن يثبّت اتفاق المصالحة وينهي الانقسام فعلياً، كون هذا الملف شهد جموداً كاملاً في ظل الهجمة العدوانية، ولعل أحد مقاصد العدوان كان تعطيل هذه الجهود الفلسطينية .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 42 / 2165601

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165601 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010