مع أن خطورة الوجود التجاري اليهودي في تركيا تواصلت منذ أن بدأ اليهود باستخدام التجارة للتأثير في السلطان العثماني والمسؤولين في الدولة، ومن ثم دعم الطروحات الأتاتوركية التي ابتعدت بتركيا كثيراً عن العالمين العربي والإسلامي، إلا أن المرحلة التي يمكن عدها أكثر خطورة، هي تلك التي بدأ فيها التنسيق علانية بين القوة الاقتصادية اليهودية في تركيا والتجار والشركات «الإسرائيلية»، حيث مهد الاعتراف الرسمي بدولة اسرائيل من قبل تركيا لمجالات اوسع للتعاون بين تركيا واسرائيل، وكان التعاون الاقتصادي في مقدمة ذلك، ومن هنا فإن العلاقات التركية ـ «الاسرائيلية» لم تقتصر على الاعتراف والتمثيل الدبلوماسي، وإنما تجاوز ذلك لتنشأ علاقات متنوعة وشاملة، امتدت إلى المجالات الاقتصادية والثقافية والإعلامية والتنسيق الاستراتيجي، وتعلق «اسرائيل» آمالاً واسعة على تطوير العلاقات الاقتصادية مع تركيا، منطلقة من اعتبارات عدة، اهمها كون تركيا دولة شرق اوسطية واسلامية وبحكم القرب والموقع الاستراتيجي، الذي يسهل عملية التبادل التجاري، ولأحكام الطوق على الأمة العربية مع دول الجوار الجغرافي (تركيا واثيوبيا). إن الاعتراف التركي «بإسرائيل» والذي جاء مبكراً جداً، لم يكن للتعبير عن الانفتاح التركي على العالم، والعمل على فتح قنوات دبلوماسية في مختلف الجهات، بل كان ضمن المخطط التركي القاضي بمد أقوى الجسور مع «اسرائيل» التي انشئت على ارض فلسطين العربية، ولهذا نجد أن الخطوات الاقتصادية والتجارية، كانت متزامنة مع العلاقات الدبلوماسية، وتم اعطاء اولوية للجوانب الاقتصادية التي ترى كل من تركيا «واسرائيل» اهميتها القصوى في تمتين العلاقات. ومن هنا فإن اتفاقاً تجاريًّا قد عقد بينهما في عام 1950م، ويتجدد هذا الاتفاق تلقائيًّا. أما ذروة التنسيق التجاري والاقتصادي فقد كان في عام 1957 بعد الزيارة التي قام بها (ايليا هوساسون) لتركيا في ذلك العام، وهو معروف بحماسته الشديدة لقيام حلف الدائرة (دول المحيط) ولا بد من الإشارة إلى تلك المعلومات لأن ثمة من يتصور أن العلاقات الحالية بين تركيا واسرائيل لا تمتلك تلك الجذور.
فمنذ الخمسينات أخذت الأسواق التركية تفتح ابوابها امام البضائع الاسرائيلية، وشهد العام 1957 لقاءً سريًّا بين جولدامائير ووزير الخارجية التركي في مدينة زيورخ للتنسيق بخصوص مسألة التعاون الأمني، الذي جاء ليعزز أوجه التعاون السياسية والاقتصادية، واهتمت« اسرائيل» بموضوع التنسيق على الصعيد الأمني مع تركيا، وشجعها على ذلك استعداد القادة الأتراك للتعاون في هذا المجال. وأولت إسرائيل اهمية استثنائية لهذا الموضوع، إذ شهد عام 1957 حركة واسعة لتكريس التعاون وعلى مختلف الاتجاهات.فقد زار (بن غوريون) انقرة ومعه جولدامائير وحاييم لاسكوف، وجاءت هذه الزيارة بعد أن وضعت تحركات جولدامائير الأسس العريضة للتعاون بينهما، وافضت تلك الزيارة إلى بلورة الدعائم الأساسية لإقامة التعاون الاستراتيجي بين الجانبين، ويرى الدكتور عبد الهادي الدليمي أن الدافع وراء تلك اللقاءات كان لمواجهة الخطر الناصري المنبعث من العرب ووحدتهم النواة.
الثلاثاء 22 نيسان (أبريل) 2014
تعاون علني بين البلدين
الثلاثاء 22 نيسان (أبريل) 2014
par
وليد الزبيدي
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
68 /
2198617
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
15 من الزوار الآن
2198617 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 19