الاثنين 30 نيسان (أبريل) 2012

14 يوماً

الاثنين 30 نيسان (أبريل) 2012 par محمد عبيد

أسرى الحرب الفلسطينيون في سجون الاحتلال «الإسرائيلي» العازمون على الاستمرار في معركتهم السلمية الكبرى، المقاتلون بأمعائهم الخاوية وإرادتهم العصية على الكسر، يدخلون اليوم الرابع عشر من إضرابهم المفتوح عن الطعام، وكلهم عزم على مواصلة المعركة، رغم ما يواجهون من سياسات وجرائم احتلالية متواصلة، يستمرون في معركة الموت البطيء، أمام عدو لا يعبأ بشيء، ولا يردعه حس إنساني أو أخلاقي، يواصل هو الآخر حربه عليهم بشتى الطرق والوسائل، في محاولة بائسة لضرب صمودهم الأسطوري، وكسر إضرابهم.

أسبوعان من الإضراب عن الطعام، لا يمكن قياسهما بعدد الأيام الأربعة عشر، فالأيام في حياة الشعوب الطويلة لا تعد أحياناً كثيرة، لكنها في هذه الحالة تأخذ منحى يتعدى المعنى المجرّد للعدد، إلى رمزية صمود عظيم، لم ولن يكسره صلف الاحتلال وسجانيه، وهي مع كل يوم يمر منها، تعطي الدافع للأسرى للاستمرار في المعركة بإصرار لا يمكن لنا إلا أن نرفع له القبعات، وننحني إجلالاً لهذا الموقف البطولي التاريخي، الذي عز قبيله في العالم.

سلطات الاحتلال تعاني أزمة حقيقية أمام هذا الحشد من المناضلين السلميين، وإن ادعت أنها غير عابئة، وليس أدل على ذلك من المحاولات المتواصلة منذ اليوم الأول للإضراب المفتوح الذي تزامن مع يوم الأسير الفلسطيني في 14 إبريل/ نيسان، لكسر هذه الحركة التاريخية، وإحباط محاولة الأسرى الفلسطينيين الانتصار لكرامة تهدرها ما تسمى «مصلحة السجون» كل دقيقة، عبر سلسلة لا متناهية من الممارسات العدوانية اللا أخلاقية، الحاطة بالكرامة الإنسانية، ومن ضمن هذه المحاولات تلك القرارات التعسفية بنقل عدد كبير من الأسرى بين معتقلات الاحتلال، والتركيز بشكل أساسي على معتقل نفحة الصحراوي، الذي انطلقت منه شرارة الإضراب المفتوح عن الطعام، والذي وضعت قيادة الحركة الأسيرة فيه، الوثيقة الشهيرة المعروفة باسم «وثيقة العهد والوفاء»، الناظمة لفعاليات الإضراب وقيادته، وآليات إدارته وتعليقه وإنهائه، وأسس التفاوض مع سلطات المعتقلات، وسبل دعمه من خارج المعتقلات في الداخل الفلسطيني المحتل.

هذه الهجمة العامة على مختلف المعتقلات، والتركيز على معتقل نفحة بشكل خاص، تؤشر بالضرورة إلى إدراك سلطات الاحتلال لحجم الأزمة التي تواجهها، وإدراكها أيضاً لما تنطوي عليه خطوات الأسرى التصعيدية، من خلال انضمام أسرى جدد بشكل يومي إلى الإضراب المفتوح، وهي لذلك تسعى بكل الوسائل، بدءاً بحركة النقل التعسفي للأسرى، ومروراً باتباع سياسة الإهمال الطبي بحق الكثيرين منهم الذين يعانون آلام وأعراض إضرابهم المتواصل، وأخيراً وليس آخراً استمرارها في سياسات العزل الانفرادي لكثير من قيادات الحركة الأسيرة، ورفضها المتواصل لإنهائها، وتواصل استخدامها للسلاح غير الشرعي المتمثل بالاعتقال من دون تهمة ولا محاكمة (الاعتقال الإداري).

الأسرى الفلسطينيون مستمرون في المعركة، ومن المفروغ منه أنهم لن يضعوا أوزار هذه الحرب المفتوحة قبل تحقيق مطالبهم، وقبل كسر شوكة سلطات الاحتلال، التي تفنّنت في تعميق جروحهم، واختراع أساليب التعذيب النفسي والجسمي التي تتجاوز في فظاعتها مستوى الجرائم ضد الإنسانية، وتؤكد مكانة «إسرائيل» الدولية، ككيان خارج على كل قوانين وشرائع وأعراف المجتمع الدولي، ونظام ينتهج سياسات إرهاب الدولة المنظم ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.

وأمام هذا المشهد واضح المعالم، يبدو العالم ضريراً أبكمَ، يدعي الانشغال بقضايا حقوقية وإنسانية، ويزعم أنه يعبأ بكرامة بني البشر، وكأن الشعب الفلسطيني بأسراه وجرحاه، وأمهاته الثكالى، وأطفاله اليتامى، غير موجود على «الخريطة» التي تأبى إلا الاعتراف بجلاديه وكيانهم العنصري المجرم.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 45 / 2177806

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2177806 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40