لا تحتاج سياسة كيان الاحتلال “الإسرائيلي” إلى تحليل زائد عن الحد، أو إلى التعمق في خلفيات وأسس وفكر الحركة الصهيونية، أو التمعن في الدعاية السوداء التي تنشرها على مستوى العالم ككل، ولا حاجة في هذا الإطار لكثيرين ممن يطلق عليهم لقب “محللين” أو “خبراء”، كون المعادلة واضحة كالشمس .
نتنياهو أعلنها صريحة بالأمس، لا سلام من دون الاعتراف بما يسمى يهودية الكيان، والتنازل عن حق عودة اللاجئين، وكأنا به يريد أن يقول “فلتذهب المفاوضات إلى الجحيم، لا يهمنا”، والمشكلة الحقيقية أن مجرم الحرب العنصري هذا لا يتردد في تكرار هذه التصريحات صباح مساء، ويدعمها على الدوام بما يثبتها أمراً واقعاً، من دون أن يرف له جفن .
الاحتلال أوغل بالتزامن مع تصريح نتنياهو في قتل الفلسطينيين، فمن غارة في غزة راح ضحيتها 3 شهداء، إلى إعدام ميداني بحق طالب جامعي في الضفة، عقب ساعات فقط من قتل قاضٍ أردني من أصل فلسطيني، على المعبر الحدودي، برصاص جنود الاحتلال الذين زعموا أنه هاجم أحدهم، والجرائم “الإسرائيلية” لا ولن تنتهي، ما دام هذا الاحتلال جاثماً على الصدور .
أي اعتراف وأي إسقاط لحق العودة تريد يا هذا؟ وأي تنازل قد يصل إلى حد التفريط بالقضية الفلسطينية ونسفها من أسسها الذي تطلب؟ أليست هذه قمة التعنت والصلف؟ أليست منتهى مطامح كل صهيوني في العالم، أن تضيع القضية، ويصبح ملايين الفلسطينيين في الشتات، مجرد “مواطنين من الدرجة العاشرة”، أو في أفضل الأحوال لاجئين لا حقوق لهم ولا مستقبل؟
التنديد والاستنكار المعهود “لم يخيبا ظن أحد”، فهما للأسف ما تبقى لصيغة العجز العربي، وهما آخر ستار شفاف يكشف عورات نظام كامل لم ولن يكون يوماً فاعلاً أو ذا أثر، ما دام غير قادر على إعلاء الصوت واستعمال أدوات الضغط، الموجودة فعلياً، لوقف هذا المسلسل الدموي الطويل، ولوضع حد للمأساة الإنسانية المتجددة .
غني عن القول إن “إسرائيل” لا تحتاج إلى ذريعة عندما تشن عدواناً أو ترتكب جريمة، لكنها تختلق الأعذار والأكاذيب للحفاظ على حالة الجمود وإطالة أمد ما تسمى المفاوضات، لتمضي في تنفيذ مخططاتها وسياساتها، وترفع سقف الشروط في التفاوض، وهذا ما ترجمه نتنياهو بتصريحه الخطير الأخير .
خطورة الوضع تنبع من أن حق العودة، هو الأمر الوحيد تقريباً الذي لا تستطيع سلطات الاحتلال نفيه أو إلغاءه، ولا تملك أي وسيلة لتغيير واقعه، كونه غير قابل للاحتلال، ولا التهويد، ولا الضم والتوسع، ومقاوماً للقصف والاغتيال والإعدام الميداني، كونه خارج حدود الجغرافيا والزمان، وهذا ما لن تستطيع “إسرائيل” تغييره مهما خططت وتآمرت وضغطت .
لا يملك أحد يا نتنياهو أن يتنازل عن حق العودة، وأنت لا تملك أن تحمل ملايين الفلسطينيين على نسيانه أو حتى إغفاله ثانية واحدة، كما أن العالم كله بقواه العظمى وجيوشه لن يستطيع إلغاء هذا الحق، ولا المساومة عليه، فامضِ في أوهامك، لأن الفلسطينيين لا يعبأون بها .
الأربعاء 12 آذار (مارس) 2014
واضحة كالشمس
الأربعاء 12 آذار (مارس) 2014
par
محمد عبيد
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
6 /
2194903
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
11 من الزوار الآن
2194903 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 12