الأربعاء 22 شباط (فبراير) 2012

60 عاماً من« العروة الوثقى»...

الأربعاء 22 شباط (فبراير) 2012 par د. محمد نور الدين

في 18 فبراير/ شباط 1952 انضمت تركيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) .

بإجماع 404 من نواب الحزب الديمقراطي الحاكم البالغ عددهم 408 أقر البرلمان التركي اتفاقية الانضمام . وكانت قد توجهت بطلب الانضمام قبل ذلك بسنتين في مايو/ أيار 1950 .

ستون عاماً مرت على هذه الخطوة الاستراتيجية، ولم يفت الطرفان أن تمر من دون صخب واحتفال عبر زيارة الأمين العام للحلف فوغ راسموسين إلى أنقرة ولقائه المسؤولين الأتراك .

مع أتاتورك كانت تركيا تنكفئ على داخلها ما خلا ما يخص تطلعات قومية “موضعية” مثل السعي إلى ضم ولاية الموصل العراقية إلى الحدود الوطنية وضم لواء الإسكندرون السوري .

لم يأخذ أتاتورك بتركيا إلى التحالفات الدولية الحادة، فالغرب هو الذي فكّك الدولة العثمانية ومن غير المنطقي أن يدخل في تحالفات مع أي طرف فيه، وإن اقتبس تدابيره الإصلاحية من الثقافة الأوروبية .

لكن ظهور خريطة دولية جديدة بعد الحرب العالمية الثانية كان يعيد تمركز تركيا من الحياد السلبي إلى الانحياز الكامل للمعسكر الغربي .

سنوات الخمسينات، أي عقد كامل من 1950 إلى ،1960 كانت تركيا تحت سيطرة حكم حزب واحد هو الحزب الديمقراطي بقيادة عدنان مندريس .

مندريس كان رمزاً لإحياء ركائز متعددة للثقافة الإسلامية مع احترام للمبدأ العلماني . وعندما أعدم عام 1961 بعد الانقلاب عليه من العسكر عام 1960 فللاشتباه، من بين أسباب أخرى خارجية، بسلوكياته غير العلمانية في الداخل .

لم يكن استشعار الأتراك للخطر الشيوعي هو السبب الوحيد للانحياز إلى الغرب، بل كانت ذهنية العداء للجوار العربي والإسلامي من بينها، والاعتراف ب”إسرائيل” من مظاهرها .

غير أن ما يثير، أن اصطفافات تركيا في الخمسينات كانت الأكثر غربية من جهة، والأكثر مناهضة من جهة أخرى للتيارات القومية والتحررية العربية، كما كانت الأكثر تحالفاً مع “إسرائيل” عسكرياً وأمنياً وسياسياً واقتصادياً لتكون الحقبة الذهبية بينهما .

وإذ تحتفل تركيا اليوم بالذكرى الستين لانضمامها إلى حلف الناتو، فإنما في ظروف داخلية شبيهة بظروف الخمسينات: سلطة ذات طابع إسلامي هي حزب العدالة والتنمية لايزال مستمراً في الحكم منذ تسع سنوات ومرشح للاستمرار فيه عقداً آخر إذا لم تطرأ مفاجآت، وتقاطع كبير جداً في السياسات الخارجية مع الغرب ولا سيما الولايات المتحدة الأمريكية . يبقى حلف (الناتو) “العروة الوثقى” التي لا تنفصم ولا تفصل بين أنقرة والغرب .

عندما رسمت سلطة حزب العدالة والتنمية سياسات جديدة منذ نهاية العام ،2002 لم يكن من بينها إعادة النظر برابطة تركيا مع الناتو ولا العلاقة مع الغرب أو “إسرائيل” . سياسة “تعدد البعد” التي جاء بها الحزب كانت تعني الانفتاح على المشرقيين . لكن من مجمل السياسات التي انتهجت ولا سيما منذ أكثر من سنة، بات توصيف الكاتب الإسلامي التركي علي بولاتش لها سليماً إلى حد كبير وهي أنها “تعدد بُعد بركيزة غربية” .

وقد ترجمت هذه السياسات بخطوتين: عدم اعتراض تركيا، بعد تردد، على تعيين فوغ راسموسين أميناً عاماً لحلف الأطلسي وهو الذي دافع، عندما كان رئيساً لحكومة الدنمارك، عن رسوم الكاريكاتور المسيئة إلى النبي العربي، وتظاهر الأتراك ضده وطالبوا بمحاكمته .

والخطوة الثانية هي موافقة تركيا على نصب الدرع الصاروخية على أراضيها في واحدة من أهم الخطوات الاستراتيجية للحلف في مواجهة خصومه( روسيا وإيران وغيرهما)، وفي لحظة ضعف غربية، سياسية واقتصادية، تحتاج إلى حشد أكبر قدر من الأوراق الممكنة، وهو ما أمنته تركيا للحلف ولا سيما أن تنفيذ الخطوة جاء في ذروة توتر غربي- شرقي .

في لقاء راسموسين مع الرئيس التركي عبدالله غول قال الأخير، إن تركيا اليوم أظهرت أنها تحولت بالنسبة للأطلسي إلى دولة مركزية، وأعرب عن استمرار تركيا في تقديم الدعم لقيم العالم الحر .

لم تحد تركيا عن انتمائها الغربي والأطلسي سواء كان الحكم فيها علمانياً أو عسكرياً أو إسلامياً على امتداد ستين عاماً، وهذه تحولت إلى ثابتة لم يعد ممكناً للباحثين والاستراتيجيين أن يقرأوا موقع تركيا ودورها خارجها



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 24 / 2178390

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2178390 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40