إذا صحت التوقعات وهي ستصح على ما اعتقد من الكم الذي سيقول نعم للدستور في مصر، فإن نهاية عصر قد كتبت بكلمة هتاف شعبي واحد وبإرادته وبتصميمه على محو سنة طارئة من عمره للمضي في مشروع بناء وطن جديد محمول على أكف العسكر، وليس غيرهم، ومتجه على ما يقال ويشاع إلى إزالة صورة البزة العسكرية من المشهد المصري بعدها.
إنه أوان الكلام الذي يصلح لأكبر دولة عربية ولتاريخ زعامتها الذي مهما تقلبت أحواله يظل قائما ومعترفا به .. فعندما تتأوه مصر تهطل دموع العرب، وعندما تضحك تمتلئ رئتا العرب بالأوكسجين .. مصر ليست دولة عادية في حياة شعبها أو محيطها أو عالمها العربي أو الإسلامي، هي نوع من القدر والقدرة: قدر أن تكون جاثمة على أعظم عبقرية للمكان لم تجلس عليه إلا هي، وقدرة على ان تتولى دائما ادارة شؤونها بما هو مصري في الصميم، عربي في العمق، عالمي في النزعة.
عصر “الإخوان” إذن إلى افول بعد اليوم، والواضح، أنهم سيتعرفون على جديد بلدهم الذي يظل بلدهم رغم مواقفهم المضادة فيه، وهو أن عصرهم لا رجعة إليه، ليس من باب الرفض، ولكن من باب محاكاة الواقعية الجديدة لشعب مصر الذي اضطر أن يفعل ثورته مرتين من أجل أن يرتضي بقدره وقدرته: مرة في 25 يناير والأخرى في 30 يونيو.
من الغد وصاعدا سيكون على “الإخوان” الاختفاء من الشوارع وإلا رحمة في معالجة بقائهم فيها. فما قاله الشعب المصري قد حصل ووقع وصار ولادة من رحم عذابات، وكل ولادة من عذاب يكون الحفاظ عليها أقوى من أي حفاظ.
كتب المصريون واقعا جديدا هو محل عناية ورعاية، فإذا انطلقوا منه إلى اللحظة “السيسية” يكونون قد دخلوا في حسابات مزاجهم باختيار ما رصدته عيونهم بوعي، وما حفلت به قواهم الهادرة. إن مصر في ذلك تحاول أن تصحح بسرعة ما غاب عنها وما قالته في الميادين واحتشدت من أجله. أما خاطرها المكسور الذي ظللها سنة كاملة فقد تتناساه لحظة العناق بين من سيتربع على عرش مصر، وبين شعبها. حالة هيام رأيته في عيون المصريين وهم يقترعون على دستورهم .. رسائل شوق بثوها وهم يضعون أوراقهم في صناديق الاقتراع .. علامات فرح زرعوها وهم يتحدثون عن الأمل المنتظر لحياتهم القادمة التي يعتقدون أن علاماتها قد بدأت.
ينتهي عصر ليبدأ آخر .. أحيانا يولد عصر من رحم ما قبله فيكون من حمله وارثه، وأحيانا يلده غريبا عنه، هو ذاك الذي تلده مصر المنتبهة جدا إلى أن عالمها القادم جاء بخيارها واختيارها وأنها اعادت تصحيح الأصوات التي هدرت في الميادين والشوارع من أجل هذا اليوم بالذات، ولأجله تبدو معالم الصورة في ذورة ألوانها.
ستظل مصر تتحدث عن نفسها كما غنت أم كلثوم ذات يوم، وستكون صورة مصر القادمة “للشعب الفرحان تحت الراية المنصورة “كما قال صلاح جاهين في كلمات غناها عبد الحليم حافظ. وان “الآلام العظيمة تبني الأمم العظيمة” كما قال الزعيم جمال عبد الناصر في خطاب التنحي يوم الـ 9 والـ10 من يونيو من العام 1967م.
الخميس 16 كانون الثاني (يناير) 2014
نهاية عصر
الخميس 16 كانون الثاني (يناير) 2014
par
زهير ماجد
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
44 /
2198588
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
16 من الزوار الآن
2198588 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 17