نزيف من الأرواح يتصدر نشرات الأخبار وتتلون المانشتات الصحفية بلون الدم جراء ما يقوم به ارهابيون من قتل وتفجير يطول أبرياء ظنوا أنهم آمنون .. وفي خضم ذلك يخرج علينا الكثيرون بحسن النية أو بسوئها بمبادرات تتحدث عن (الحل سياسي) و(الادماج في عملية سياسية) وغيرها من المصطلحات التي تغفل حقيقة غير غائبة مفادها أن (الإرهابي) لا يكترث بما تخرج به طاولات التفاوض ما دام بعض الجالسين عليها مستمرين في ضخ الأموال في شرايين الإرهاب.
وقد كانت آخر هذه المبادرات في المسألة السورية حينما طرح الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر مبادرة من ثلاثة أسس اعتبرها انها تمثل قاعدة لمحادثات السلام المنتظرة في جنيف.
ولخص كارتر هذه الأسس في إجراء انتخابات حرة واحترام نتائجها ونشر قوات لحفظ السلام.
وأعلن كارتر هذه المبادرة في مقال مشترك مع البروفسور في الجامعة الأميركية روبرت باستور في صحيفة واشنطن بوست حيث قال “لا أحد يستطيع كسب هذه الحرب”، مضيفاً “واضح ان الأطراف يعتقدون انهم لا يستطيعون الخسارة لأنهم يخشون الإبادة وهذا يفسر لماذا ستستمر الحرب ما لم يفرض المجتمع الدولي بديلاً شرعيًّا”.
وعرض كارتر وباستور مبادرة بإطلاق محادثات جنيف على أساس جعل الشعب السوري يتخذ القرار بشأن حكومة مستقبلية في انتخابات حرة تخضع لمراقبة عن كثب من مراقبين دوليين، وضمانة باحترام المنتصرين للأقليات والمجموعات المذهبية ونشر “قوة حفظ سلام قوية” تضمن تحقيق تلك الأهداف.
وقد تكون مبادرة كارتر مثالية اذا ما كان الصراع السوري مقتصرا على مجموعة من السياسيين لا يتخطى خلافهم في وجهات النظر الشجار حو الطاولات أو حتى اشتباكات المؤيدين والمعارضين في الشوارع.
فمبادرة كارتر التي تعتمد كليًّا على اجراء انتخابات وهو أمر لا ترفضه السلطات السورية شريطة أن يكون ناتجا عن توافق بين الأطراف السورية في اطار حوار جامع.
لكن الواقع على الأرض السورية يقول ان هناك جماعات مسلحة تلقت تمويلا خارجيا ودعما مخابراتيا وامدادات لا تنضب من السلاح والمقاتلين هدفها الأساسي هدم أركان الدولة السورية وتحويلها إلى ساحة قتال لأمراء حرب وبدت بوادر ذلك في القتال المستعر بين ما يسمى (الجيش الحر) والجماعات التي تحمل شعارات اسلامية.. فكيف في ظل واقع كهذا أن يختصر حل الأزمة في انتخابات تجري قبل أن يضع السوريون حدا لمعاناتهم مع الإرهاب.
لقد كان السوريون على حق عندما طالبوا بضرورة تركيز مؤتمر (جنيف2) المنتظر الشهر القادم على مكافحة الإرهاب والزام الدول الداعمة للجماعات المسلحة بوقف دعم وتمويل وتسليح هذه الجماعات باعتبار ان مكافحة الارهاب هي اساس الحل السياسي.
وعندما يتحقق للسوريين أملهم بمكافحة الارهاب ولا تكون بلادهم وجهة لإرهابيين من كل بقاع الأرض .. وقتها فقط تكون مبادرة كارتر وغيرها من المبادرات قابلة للتحقيق .. وقتها يمكن الحديث عن (الحل السياسي).
الاثنين 30 كانون الأول (ديسمبر) 2013
عن (السياسي) في مواجهة (الإرهابي)
الاثنين 30 كانون الأول (ديسمبر) 2013
par
هيثم العايدي
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
40 /
2197629
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
11 من الزوار الآن
2197629 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 9