أجراس الحزن ستدق للمرة الثالثة ميلاديا في سورية، وسترتفع شجرات ميلادية تضفي على الجو الكئيب لحظات سعادة مفتعلة، لكنها ضرورية في هذا الجو الغريب عن سورية. الحياة تمضي وسط عواصفها اليومية، ولا شيء ينذر بالتوقف عن دفع الفواتير الدموية، ثمة من يصر على إبقاء سورية أسيرة حقده وانفعالاته وسلوكه الغاضب من كون مازال الرئيس الأسد على كرسيه، وجيشه المقدام يحرك البلاد بين يمنة ويسرة ووسط وشمال وجنوب، وبين شعب قابل بالصبر الذي لم يبق يملك غيره.
اما حوالي سورية، فليس هنالك ما هو أبعد وضعا منها، مما يعني أن اللاعب فيها هو ذاته من يلعب في لبنان والعراق، وهو أيضا من يغري الفلسطينيين بالانقسام الى حد رفض الآخر، والقبول فيه فقط في منامه. هكذا حال بلاد الشام، ارث ممسوك من لاعب له قدراته المادية، وامتداداته التكفيرية، وله مساحة المسموح التي عليه ان يملأها ساعة يشاء، وهو يفعلها بلا ابطاء، كما أن خطوطه المنتظمة مع آخرين قائمة، دون ان ننسى تدليل الولايات المتحدة له، ضمن كل الاعتبارات التي تقول انه لاغنى عنه لها، ولا غنى لها عنه، انه توقيع التوافق القديم الجديد الذي سيبقى سائر المفعول الى أمد قد لانرى نهاية له في وقت قريب.
لكن هؤلاء الذين ينحرون سورية ينتحرون ايضا بعدما زاد دور التصرف الاحادي في ظروف الاستعداد لحالة اميركية روسية تسعى لأن يكون سيناريو اخراج سورية من الأزمة قد بات على نار هادئة. اما ان يكون جنيف حلاّل للازمة خلال الاثني عشر شهرا المقبلة، او ان يستمر الصراع على أشده الى ما لانهاية، اي الى ختم سورية كلها بقانون الموت والخراب العميم.
نجحت الدولة المعترضة على كل انتحاء نحو حل لسورية، في اعطاء كل دولة من الدول المحيطة بسورية حجتها في الانتحار الذاتي، بمعنى ان يتقاتل برعايتها لبنان بين سنته وشيعته، وان يتقاتل الفلسطينيون بين فتح وحماس، وان يظل العراق على لائحة التخاطب الدموي بين مذاهبه وطوائفه واعراقه، فيما يتم اجهاض بعض المعارضة العسكرية السورية لصالح كل الاشكال المنفية في هذا العالم من قوى تكفيرية، بمعنى ان رعاية هذه الدولة لتلك القوى يراد له فرض شروطه عبر التكفيريين، بفرض وجودهم على قاعدة “أنا أو لا أحد”.
للمرة الثالثة إذن، لن يدق الجرس المنتظر المعني بشروط السلام على الساحة السورية .. فلا معلولة موجودة على خارطة الميلاد المجيد، ولا صيدنايا قابلة لانتاج حالة ميلادية، ولا هي سورية بأكملها تعيش قابلية الاحتفال بما ليس لها، سوى أن ثمة من يمسح عن وجهها تعبا شديدا هو جيشها العربي الذي تحول كل من فيه الى اطباء مهرة يخوضون معاركهم كما لو انهم يجرون عمليات جراحية نظرا لدقة ما يفعلون.
ومع ذلك، تضيء شجرات ميلادية اماكن في سورية وخصوصا في دمشق، ضمن الايحاء القائل بان الحياة تنتصر في النهاية، والتعبير عنها أقوى بكثير من حالات الألم السائد. لابد من ان تلبس سورية صورة النعمى الانسانية وهي في لحظة قرارات مصيرية كي تقول في النهاية ان لعبة الحياة بكل تناقضاتها قد انتصرت.
الأحد 22 كانون الأول (ديسمبر) 2013
الميلاد السوري الحزين
الأحد 22 كانون الأول (ديسمبر) 2013
par
زهير ماجد
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
41 /
2198669
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
8 من الزوار الآن
2198669 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 8