قال جملته الشهيرة وكررها مرات ثم مشى، اختصر فيها حالة إنسانية تنطبق على كل الدهور والعصور .. “نغفر ولا ننسى” الجملة المحببة للذي فقدناه نيلسون مانديلا تظل أيقونة الكلمات في عالم صعب يريد المصاعب كما يريد نسيانه.
ومثل مانديلا هو الشعب السوري لن ينسى، لكنه لن يغفر بعد هذا الحمل الثقيل من الدم والخراب والعذاب والنزوح. ذلك الألم المتمادي لن تكون ردة الفعل عليه انفعالا، ستكون اختصارا لصورة الرئيس بشار الأسد الإنسانية الذي يمارسها منذ أن دب الشيطان في قلب سوريين وعرب وأجانب فجاؤوا يقاتلونه، ظل حتى الساعة يردد الغفران وإن كانت علامات النسيان غير بادية عليه.
ونحن بدورنا لن ننسى ولن نغفر، ذاكرتي مليئة بألاعيب الشياطين الذين حاربوا جمال عبدالناصر وامتهنوا حرق أوراق القومية وضربوا عرض الحائط قيم العروبة، ويبدو أنهم حاربوا أيضا كل إضاءة جميلة في الأمة، هم أنفسهم يشنون حرب إبادة على سوريا بشخص قائدها وبشعبها وبإنسانها وبمعطاها وبدورها وبجيشها وبصورة غدها .. هم يتكالبون على أنقى وجه لبلاد أضاءات العالم يوم كان غارقا في التيه، إنها دمشق الأعرق بين المدن والأكثر حضورا من كل الأسماء اللامعة لمدنهم التي تتأهب أن تكون تاريخا لكنها لن تكون، لأن التاريخ توقف عند المؤامرة التي تشن على سوريا، بل هو يبكي ألما على مشاهداته للعسف الذي يمارس ضدها، بالأيدي ذاتها، والروحية ذاتها، والتصور ذاته .. تغير الممثلون لكن المسرح ظل على حاله، والجدد الذين يمثلون دور الإرهابي والحرامي وقاطع الرؤوس، كانوا زمانا صار في زماننا.
مع أنه من ردد جملة نغفر ولا ننسى، إلا أنني أشك أن مانديلا غفر في أعماق روحه لمن سجنوه كل تلك السنين وعذبوا شعبه بتلك الطاقة العمياء التي مورست عليه. وسيقول السوريون مرارا ما هي عظمة النسيان، لكنه لن يطبق هذه المرة، ولأمد بعيد سوف يطول أجيالا مرت، ولسوف تمر وسيكتب على جبينها أنها عذابات “الأهل” أصعب من ارتكابات العدو. من حق إسرائيل أن تفعل بمحيطها وبالعرب وبالمسلمين وبكل من يقف في طريقها ما تشاء فعله، هي عدو يقدس عداوته ويمارسه بكل ظواهرها ولا يخجل .. لكن الأقرب..!!!
سنظل بعيدين عن النسيان وحتى عن الغفران طالما أن المعركة ما زالت قائمة وفاعلة، أما وأن تنتهي فسنردد مع أيقونة العصر مانديلا عكس ما قاله، مع العدو لن نغفر ولا ننسى، لكننا مع الأقربين لن نغفر ولن ننسى، وسيظل هذا الشعار مسحوبا إلى أبد الأبدين إلى أن يغير الله ما قد يتغير.
لا يمكن إذن تنفيذ الغفران طالما أن العقل مسكونا بالماضي، إذن الغفران لا قيمة له بالتالي، وكل كلام معاكس له، هو من قبيل المعالجة الطيبة من أجل أن يتفاهم الناس مع حاضرهم طالما أن الشعوب كثيرا ما ترتبط بماضيها، ويحدوها الثأر الدائم الذي لا يخطر غيره على البال. فمن يتمكن من غسل التاريخ مع أنه لا مساومة ولا مصافحة مع الذين احترفوا قتل سوريا بكل تفاصيلها كما قتلوا قبلها إضاءات الأمة وظلوا يتوارثون الحقد إلى يومهم.
السبت 7 كانون الأول (ديسمبر) 2013
لن نغفر ولن ننسى
السبت 7 كانون الأول (ديسمبر) 2013
par
زهير ماجد
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
21 /
2195674
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
13 من الزوار الآن
2195674 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 10