كثيرة هي مواجع العرب في هذه الأيام، لكن أشدها ألمًا فلسطين، وهي الأكثر حرقة للنفوس، ولا نملك إزاءها سوى الصبر، مع أنه قد يؤدي أحيانا إلى ترجمة خاطئة لدى بعض قيادييها، كمثل ما يحصل اليوم من محاولات لـ“الحل” سرعان ما تظهر روائحه ضربا في جدار آخر ما تملكه إن كان لا يزال لديها ما تملك.
لا أعتقد أن الشعب الفلسطيني موال لما تفعله السلطة الفلسطينية في رام الله وكأنها تتحدى صمته المؤقت. أكثر الكتاب المتخصصين في الشأن الفلسطيني خائفون على ما تبقى من فلسطين .. فمن يمكنه إنقاذ المحاولة من التحقق لتصبح على حساب الشعب الفلسطيني كيفما أدرناها، وخصوصا في مسألة تبادل الأراضي التي هي تبادل أراض فلسطينية بأراض من فلسطين التاريخية.
هل تستطيع حركة حماس مثلا أن تقف أمام اللعبة الدائرة بين واشنطن ورام الله وتل أبيب بهذا الشكل العلني أمام الضعف العربي المستشري في المنطقة. لأن العرب وكأنهم في لحظات احتضار، فإن الأميركي يستعجل قطف المبادرة .. وإذا كانت سوريا ذات زمن قادرة على إحباط محاولات من هذا النوع حفاظا على القضية الفلسطينية، فإن البعض يرشحها لهذا الدور رغم ما يصيبها، إذ لا يزال السوري قادرا بما يمتلك من قواه، ومن أذرع واضحة وخفية أن يمنع انحدار السلطة الفلسطينية إلى نهايات اللعبة. وعندما سألنا عن حماس، فقد لن نجدها في ظروف غيابها الذي كاد أن يغير ملامح وجهها، فيما تحاول اليوم العودة إلى الروح التي مكنتها من التحول إلى رقم فلسطيني صعب.
يحاول فلسطينيو رام الله أن يظهروا أن الضغوط الهائلة عليهم تدفعهم إلى سلوك ما لا يريدون .. الأميركي ذاهب وعائد مرات إلى الأراضي الفلسطينية وإلى إسرائيل على متن دور يسعى لتحقيقه بأسرع ما هي السرعة من عنوان. في وقت يجري الإسرائيلي حساباته على أساس إمكانياته الاستيطانية التي لا رجوع عنها. بمعنى أن ما نفذه في الضفة الغربية والآن في النقب صار له ومن أملاكه، وما تبقى للفلسطينيين في الضفة له ولهم أيضا. وعندما تسأل قياديا من فتح عن هذا الموضوع كحالة استفهام أو معلومات، ستسمع منه كلاما من الآخر، أي من اللحظة التي التقت فيها الأطراف في واشنطن وفي الوسط الراعي الأميركي الذي يهندس تاريخا يجزم بعض الفلسطينيين أنه لن يقع، وسينضم إلى ما مر من إخفاقات إلا إذا قررت القيادة الفلسطينية بيع ما تبقى، وتلك مسؤولية كبيرة وخطيرة تتحمله عبر أجيال وأجيال.
مواجع العرب كثيرة إذن، لكن فلسطين هي الأكثر ألمًا، ولأنها كذلك فمن حق العرب المتعبين، أن يعيدوا شحن قدراتهم أو ما تبقى منها كي يقفوا مع فلسطين أو يهدئوا من روعها قبل أن يذهب قادتها في الاتجاه المرسوم.
قد يصبر العرب على مواجعهم التي ستطول هي الأخرى، لكن التفريط بفلسطين سيحرمهم آخر الطرق التي تؤدي بهم إلى معبر الوحدة باعتبار فلسطين هي تلك الطريق السالكة والوحيدة إليها.
السبت 3 آب (أغسطس) 2013
لا خيار سوى فلسطين
السبت 3 آب (أغسطس) 2013
par
زهير ماجد
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
29 /
2194910
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
9 من الزوار الآن
2194910 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 8