حسم الرئيس الفلسطيني محمود عبَّاس الجدل وأعلن صراحة : «خيار حل السلطة غير مطروح إطلاقاً مهما كانت نتائج التصويت على طلب فلسطين للعضوية في الأمم المتحدة». هكذا أغلق أبو مازن كل ما أثير عن «خيارات» من الممكن أن تلجأ إليها السلطة الفلسطينية لمواجهة الأزمة التي تعيشها على المستويات كافة، داخلياً وخارجياً، إضافة إلى أزمة جمود المفاوضات.
لكن ماذا عن قرارات «تغيير وجه المنطقة» التي أعلن عنها المتحدث باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة؟ عن أي قرارات يتحدث، وهل لدى السلطة خيار أقوى من قرار «الحل»، الذي يجاهر الكثير من الفلسطينيين برغبتهم فيه، طالما أن السلطة باتت بمثابة بلدية لا أكثر ولا أقل؟
من المؤكّد أن لا خيارات بديلة، وأن كلام أبو ردينة ليس إلا كلاماً في الهواء لا ترجمة فعلية له على الأرض، ذلك بأن عباس حسم الأمر أيضاً على اعتبار أن «لا بديل عن التفاوض»، سواء نجح الطلب الفلسطيني في مجلس الأمن أو لم ينجح «سنذهب إلى المفاوضات لأن ما بيننا وبين «إسرائيل» على الأرض لا يحل في الأمم المتحدة بل على طاولة التفاوض».
موقف شكّل إحباطاً لكثيرين كانوا يترقبون من السلطة موقفاً أكثر جذرية في ظل الطريق المسدود الذي وصلت إليه على المستويات كافة. وللمفارقة فإن مثل هذا الموقف صدر في الذكرى السابعة لرحيل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، الذي يتساءل الكثيرون عن موقفه في مثل هذه الحال، وأي الطرق كان من الممكن أن يسلك؟
كثيرون اليوم يجزمون بأن عرفات كان سيجد مخرجاً من الحال التي تتخبّط فيها السلطة، إما عبر قرار حازم، أو بخيارات التفافية اعتاد سلوكها في الأزمات، بحيث لم يكن يعدم ورقة ضغط من دون اللعب بها، وهو ما استعمله في الانتفاضة الثانية عندما زاوج بين السياسة والمقاومة. هؤلاء يرون أن عرفات، وقبل الدخول في لعبة مجلس الأمن أو الأمم المتحدة، ما كان ليفوت فرصة «الربيع العربي»، وما كان ليجعل الفلسطينيين مجرد متفرجين على حراك تاريخي يجري حولهم من دون الدخول فيه بقوة، ولا سيما أنهم الأحق بمثل هذا الحراك على اعتبار أنهم يعيشون في ظل احتلال ودكتاتورية عسكرية منذ عقود.
يقارن هؤلاء بين «أبو عمار» و«أبو مازن» مشيرين إلى أن الأول ما كان ليكشف كل أوراقه دفعة واحدة، وما كان ليرسل إشارات طمأنة بين الحين والآخر من نوع «لا عودة إلى الانتفاضة» أو «لا حل للسلطة»، كان سيبقي الباب مفتوحاً أمام كل الخيارات التي من الممكن اللجوء إليها للضغط باتجاه تلبية المطالب الفلسطينية، حتى لو كانت خيارات انتحارية، ولا سيما أن الحال القائمة حالياً ليست أفضل حالاً.
في ظل انعدام الخيارات اليوم، تأتي ذكرى رحيل عرفات لتؤكد على فداحة الخسارة الفلسطينية.