السبت 11 نيسان (أبريل) 2020
قاد نضالا دام سنوات طوال تعرض خلالها للإصابة والإبعاد

72عاما على استشهاد القائد الفلسطيني عبد القادر الحسيني

وديع عواودة
السبت 11 نيسان (أبريل) 2020

أحيت مؤسسة الدراسات الفلسطينية الذكرى الـ 72 لاستشهاد القيادي الفلسطيني التاريخي عبد القادر الحسيني دفاعا عن القدس الذي استغلت العصابات الصهيونية تشييع جثمانه ومشاركة مناضلين فلسطينيين فيها لمهاجمة قرية دير ياسين وارتكاب مذبحة مروعة فيها استخدمت في تفزيع الفلسطينيين وتهجيرهم طمعا بتفريغ البلاد. وتؤكد الدراسات الفلسطينية أن عبد القادر الحسيني كان مثالياً في تفانيه وحبه لوطنه، وأبرز القادة الميدانيين الفلسطينيين في حرب العصابات وأحنكهم وأفعلهم في حرب المدن، اكتسب حب مجاهديه ومناضليه المطلق لعفته ونخوته وإقدامه واستقامته.
وتوضح أنه ولد في إستانبول، والده: موسى كاظم باشا الحسيني، ووالدته زكية الحسيني، وزوجته وجيهة الحسيني، وأولاده: موسى، فيصل، غازي، وابنته هيفاء. تلقى عبد القادر الحسيني علومه في مدرسة روضة المعارف الابتدائية، ثم في مدرسة المطران غوبات (مدرسة صهيون) البروتستانتيّة في القدس ونال شهادة الثانوية العامة (المتريكوليشن) سنة 1927. التحق بقسم العلوم في الجامعة الأميركية في القاهرة لدراسة الرياضيات وتردد على دار جريدة “الشورى”، لصاحبها محمد علي الطاهر، وأسهم في تحرير بعض موادها. وقف في حفل تخرجه سنة 1932 متهماً الجامعة بخدمة الاستعمار، وطُرد في أثر ذلك من مصر.
عاد عبد القادر الحسيني إلى القدس في مطلع سنة 1933 ليعمل مأموراً في دائرة تسوية الأراضي في فلسطين، وكان يبعث بمقالاته إلى جريدة “الجامعة الاسلامية” في يافا، ولمّا أصدر “الحزب العربي الفلسطيني”، الذي انضم إليه، جريدة “اللواء” اشترك في تحريرها. استقال بعد سنتين من عمله الوظيفي لينصرف إلى العمل الوطني، فتولى إدارة مكتب “الحزب العربي الفلسطيني” في القدس، وبدأ مع غيره من الشباب الوطني، بعد إعلان الإضراب العام في نيسان/ أبريل 1936، التحضير للثورة المسلحة. شارك عبد القادر الحسيني في تشكيل “منظمة الجهاد المقدس” المسلحة في منطقة القدس، وعندما وفد إلى فلسطين المجاهد السوري الشهير سعيد العاص، مع عصبة من زملائه، خاض عبد القادر عدة معارك إلى جانبه.

الأسر البريطاني

في مطلع تشرين الأول/ أكتوبر 1936، أسر الجيش البريطاني عبد القادر الحسيني بعد جرحه في معركة “الخضر” في قضاء بيت لحم، التي استشهد فيها سعيد العاص، وسيق مكبلاً إلى المستشفى العسكري في القدس، لكنه أفلت من الأسر واستكمل علاجه في دمشق التي كان قد فرّ إليها. بعد تصاعد أحداث الثورة المسلحة في فلسطين سنة 1938، تسلل عبد القادر الحسيني خفية إليها، وشارك في القتال، فأصيب إصابة خطيرة في معركة كبرى وقعت، في اكتوبر/ تشرين الأول من ذلك العام، بين المجاهدين والقوات البريطانية في منطقة بني نعيم بين بيت لحم والخليل، وتمّ نقله سراً إلى المستشفى في الخليل حيث تلقى العلاج.
انتقل عبد القادر الحسيني بسبب الملاحقة والضغط العسكري المتواصل، قبيل اندلاع الحرب العالمية الثانية، إلى لبنان ومنه إلى العراق، حيث التحق، رغم خبرته العسكرية، بدورة خاصة لضباط الاحتياط في بغداد ليتخرج فيها بعد ستة شهور برتبة ضابط، وعمل على تدريس الرياضيات في الكلية الحربية (معسكر الرشيد) وكذلك في مدرسة “التفيض” المتوسطة في بغداد.

في العراق

شارك في نيسان/ أبريل 1941 في ثورة الضباط الوطنيين العراقيين، بزعامة رئيس الوزراء رشيد عالي الكيلاني، ضد القوات البريطانية، واعتقل، بعد فشل هذه الثورة، في تموز/ يوليو من العام نفسه، ثم نفي إلى بلدة زاخو على حدود تركيا. واستدعي للتحقيق معه، بعد اغتيال فخري النشاشيبي في بغداد، وسجن في معتقل “العمارة”، ولم تفرج الحكومة العراقية عنه سوى في أواخر سنة 1943. استضافه الملك عبد العزيز بن سعود، نظراً للصداقة التي كانت تربطه بوالده موسى كاظم الحسيني، وأمضى فترة عامين في السعودية، وسافر منها سرّاً إلى ألمانيا، حيث قضى ستة أسابيع في أحد المعاهد العسكرية الألمانية للتدرب على صنع المتفجرات والألغام واستخدامها.

في مصر

انتقل عبد القادر الحسيني، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، مع أسرته إلى القاهرة في أوائل سنة 1946، وعزمت الحكومة المصرية على إبعاده، لكنها تراجعت عن ذلك بعد تدخل القوى الوطنية المصرية. نظّم في مصر عمليات شراء الأسلحة المخلفة في الصحراء الغربية، التي تركت هناك بعد معارك طاحنة شهدتها المنطقة خلال الحرب العالمية، وعمل على تهريبها سراً إلى مناطق فلسطين الجنوبية عن طريق العريش، وإلى مناطقها الشمالية عن طريق ميناء صيدا اللبناني.

العودة لفلسطين

عاد عبد القادر الحسيني إلى فلسطين، متسللاً من الحدود المصرية، في كانون الأول/ ديسمبر 1947. وبعد قيام “الهيئة العربية العليا” بإعلان الجهاد غداة قرار التقسيم في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام ذاته، أعاد تشكيل قوّات “الجهاد المقدّس” واختير قائداً عاماً لها. وقد أحرزت هذه القوات، بقيادته، انتصارات مهمة ضدّ القوات الصهيونية في القدس وفي المستعمرات المجاورة وعلى خطوط المواصلات المؤدية إليها. كما نفذّت فرق التدمير التابعة لها عمليات كبرى أهمها نسف مقر “الوكالة اليهوديّة” في القدس- مركز قيادة الحركة الصهيونية في المدينة.

الاستشهاد دفاعا عن القدس

توجّه عبد القادر الحسيني إلى دمشق، في نهاية آذار/ مارس 1948، للاتصال باللجنة العسكرية التابعة للجامعة العربية والمشرفة على القتال في فلسطين، كي توفر له أسلحة بما يوازي ما لدى القوات الصهيونية وتمكّن قواته من الدفاع عن مدينة القدس. وخلال وجوده في العاصمة السورية، بلغه خبر الهجوم الصهيوني الكبير على القدس ونجاحه في احتلال قرية القسطل ذات الموقع الاستراتيجي الخطير المشرف على الطريق العام بين القدس ويافا. عاد عبد القادر الحسيني خائباً من دمشق، بعد فشل مسعاه لدى اللجنة العسكرية التابعة للجامعة العربية، واتجّه مباشرة إلى ميدان القتال وقاد هجوماً مضاداً يائساً لاسترداد قرية القسطل استشهد خلاله في 8 نيسان/ أبريل 1948. نعته “الهيئة العربية العليا” بصفته “القائد البطل العظيم الذي خاض كقائد بطل معارك الجهاد في سبيل الدفاع عن فلسطين منذ سنة 1936”.

دفن بجوار الحرم القدسي الشريف

ورثته صحف العالم العربي بأسره، وابتهج الجمهور اليهودي بوفاته، وشاركت في جنازته المهيبة جموع شعبية غفيرة، ودفن في جوار الحرم الشريف في القدس إلى جانب والده موسى كاظم.
كان عبد القادر الحسيني مثالياً في تفانيه وحبه لوطنه، وأبرز القادة الميدانيين الفلسطينيين في حرب العصابات وأحنكهم وأفعلهم في حرب المدن. اكتسب حب مجاهديه ومناضليه المطلق لعفته ونخوته وإقدامه واستقامته.

معركة القسطل ومجزرة دير ياسين

في ليلة 3 -4 نيسان/أبريل 1948، تمكنت قوات الهغاناه الضاربة (“البلماح”) من احتلال قرية القسطل، وذلك في إطار تنفيذ عملية “نحشون”، وهي العملية الأولى من خطة التطهير العرقي للفلسطينيين التي وضعتها قيادة “الهاغاناه” وعُرفت باسم “خطة دالت”. وكان الهدف المحدد لعملية نَحْشون احتلال القرى الفلسطينية الواقعة على طرفي طريق يافا – القدس و”تطهيرها” من سكانها الفلسطينيين، بما يضمن إمكان وصول القوات الصهيونية من الساحل إلى القدس، وفي الوقت نفسه شق الجزء الأوسط من الدولة المخصصة للفلسطينيين بموجب خطة التقسيم. بيد أن قوات “البلماح” أعادت احتلالها والسيطرة عليها في اليوم التالي، وذلك بالتزامن مع هجوم منظمتي “شتيرن” و”الإرغون” الإرهابيتين، بالاشتراك مع وحدات من “البلماح”، على قرية دير ياسين، وهو الهجوم الذي أسفر عن احتلال القرية وارتكاب مجزرة بشعة فيها ذهب ضحيتها مئة فلسطيني ونيف.
ولم تكن دير ياسين القرية الفلسطينية الأولى التي تعتدي عليها القوات الصهيونية أو تحتلها أو تطرد سكانها منها، بل تبعها أيضاً خلال السنة نفسها نحو 500 قرية دمرت وسويت منازلها بالأرض ووزعت أراضيها ومزارعها على سكان المستعمرات اليهودية التي أنشئت على أنقاضها. ولكن أكثر ما يميز المجزرة التي حلت بهذه دير ياسين هو تباهي قادة “شتيرن” و”الإرغون” أمام ممثلي الصحف والإذاعات الأميركية من خلال مؤتمر صحافي دعوا إليه مساء يوم المجزرة بنصرهم العسكري وبقيامهم باحتلال أول قرية فلسطينية. في مطلع كانون الثاني/ يناير 1948، يشار الى أن نجل عبدالقادر الحسيني، الراحل فيصل الحسيني واصل طريق والده في الدفاع عن فلسطين وعن القدس حتى رحل خلال زيارة الكويت ومحاولة تسوية التوتر بينها وبين منظمة التحرير الفلسطينية عقب اجتياح العراق للأراضي الكويتية عام 2001.

رواية إسرائيلية

يشار أن ناشطا إسرائيليا يدعى يسرائيل نيتح سبق وعمل مع عصابات صهيونية كـ عميل انتحل مهنة “مصور” يدعى إبراهيم السيد قد نشر مذكرات عام 2008 زعم فيها أنه كان قريبا من عبد القادر الحسيني عندما استشهد وسرق منه بعض الأغراض كانت بحوزته بعد استشهاده.

وفي كتابه “وطني إسرائيل” الذي يتضمن صورا لعبد القادر الحسيني وللجهاد المقدس يروي يسرائيل نيتح كيف انضم كجاسوس باسم مستعار إلى قوات الجهاد المقدس بتكليف من قوات الهاغاناه وشارك في معركة القسطل ونهب بعض الأغراض الشخصية للحسيني بعد لحظات من استشهاده (خنجره وجواز سفر وخاتم) زاعما أن جميع هذه الأشياء لا تزال محفوظة حتى الآن في متحف الهاغاناه بتل أبيب. كما يتضمن الكتاب رسالة شكر وتقدير لأفعاله وقعها رئيس إسرائيل الراحل شيمون بيريز.

ضربة قاصمة

ويفيد الدكتور مصطفى كبها المتخصص في التاريخ الفلسطيني أن الحسيني نصب قائدا لقوات الجهاد المقدس طبقا لقرارات اتخذتها الهيئة العربية العليا برئاسة المفتي الحاج أمين الحسيني من منطلق معارضتها دخول جيوش عربية إلى فلسطين، وبادر بتشكيل جيش فلسطيني كان عماده قادة ومقاتلي فصائل ثورة 1936- 1939. ويستذكر كبها في تصريح لـ ” القدس العربي” أن الشهيد عبد القادر الحسيني تخرج من الكلية العسكرية في بغداد مع ضباط فلسطينيين آخرين منهم حسن سلامة وذو الكفل عبد اللطيف وعبد الرحيم محمود وأكرم زعيتر وانضم جميعهم إلى ثورة رشيد رشيد عالي كيلاني عام 1941. ويؤكد كبها أن استشهاد عبد القادر الحسيني انعكس سلبيا على معنويات كل الشعب الفلسطيني وعلى تماسك الجبهة الداخلية بعدما بنيت آمال كثيرة على “جيش الجهاد المقدس”. وأضاف “باستشهاده تعرض لضربة قاصمة وما لبث أن تعرض لأخرى باستشهاد القيادي حسن سلامة قائد منطقة المركز في هذا الجيش في معركة راس العين يوم 31 مايو/ أيار 1948 .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2184604

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع تقارير وملخصات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2184604 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 2


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40