الأربعاء 13 كانون الأول (ديسمبر) 2023

أحلام إغراق أنفاق غزة بالماء..

الأربعاء 13 كانون الأول (ديسمبر) 2023

- نادر الصفدي / رأي اليوم

يبدو أن الدعم الأمريكي غير المحدود، وكذلك الموقف الدولي والعربي “الضعيف والهش”، سيُعطي إسرائيل وعلى “طبق من ذهب” الضوء الأخضر لتنفيذ أكبر وأخطر مخططاتها داخل قطاع غزة، والذي قد يصبح القطاع بعدها غير صالح للعيش لمدة 100 عامًا مقبلة.
الحرب الطاحنة على غزة والتي لم ترحم بشرًا ولا حجرًا ولا حتى شجرًا، وتجاوزت في بشاعتها كل الخطوط الحمراء، لن تتوقف عند القتل والتدمير والحصار وخنق السكان وتهجيرهم، بل سيكون هناك مخطط أكثر خطورة بكثير والذي سيحرم السكان من العيش لعشرات السنين المقبلة.
المخطط بدأ فعليًا، حين تم الكشف عن تحرك إسرائيلي لإغراق محور الأنفاق في قطاع غزة بمياه البحر، ونُشرت بعض الصور لجنود يحاولون مد مئات الأنابيب على ساحل بحر غزة، دون تفاصيل أخرى، غير ما نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وقالت الصحيفة نقلا عن مسؤولين أميركيين، الثلاثاء، إن الجيش الإسرائيلي بدأ في ضخ مياه البحر في الأنفاق التابعة لحركة حماس في غزة، ووفقا لمسؤولين أميركيين مطلعين على عمليات الجيش الإسرائيلي، فإن غمر الأنفاق، الذي من المرجح أن يستغرق أسابيع، بدأ في الوقت الذي أضافت فيه إسرائيل مضختين أخريين، إلى المضخات الخمس التي تم تركيبها الشهر الماضي، وأجرت بعض الاختبارات الأولية.
ad
وأضافوا أن فائدة استخدام مياه البحر في متاهة واسعة تحت الأرض تمتد لحوالي 300 ميل (نحو 482 كيلومترا) وتتضمن أبوابا سميكة “ما تزال قيد التقييم من قبل الإسرائيليين”.

- المخطط الأكبر

وذكرت “وول ستريت جورنال” أن هذه العملية تأتي ضمن الجهود المكثفة لإسرائيل، بهدف تدمير بنية حماس العسكرية الموجودة تحت الأرض، مضيفة: ” خطوة إغراق الأنفاق بالمياه من البحر الأبيض المتوسط هي مجرد واحدة من عدة خطوات لجأت إليها إسرائيل لمحاولة تطهير الأنفاق وتدميرها”.
هذا ورفض متحدث باسم وزير الدفاع الإسرائيلي التعليق على هذا التطور، قائلا إن “عمليات الأنفاق سرية”.
وأعرب بعض المسؤولين في إدارة جو بايدن عن قلقهم من أن استخدام مياه البحر قد لا يكون فعالا، ويمكن أن يعرض إمدادات المياه العذبة في غزة للخطر، وفق الصحيفة الأميركية.
ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن شبكة حماس الضخمة تحت الأرض تعد أساسية لعملياتها، مضيفين أن نظام الأنفاق يستخدم من قبل حماس لمناورة المقاتلين على ساحة المعركة وتخزين الصواريخ والذخائر، إلى جانب إخفاء الرهائن المحتجزين لديها.
وتواجه إسرائيل تحدياً كبيراً في محاولة تدمير هذه الأنفاق، التي تطلق عليها “مترو حماس”، والتي تزيد من تعقيد القتال في مناطق مأهولة بالسكان.
وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، إن “إغراق الأنفاق بالمياه فكرة جيدة”، موضحاً أن “جزء من الهدف هو تدمير هذه البنية التحتية”.
والأربعاء الفائت، نقل موقع “واللا” الإخباري الإسرائيلي، عن زوجة أسير إسرائيلي أطلق سراحها من غزة مؤخرا قولها لأعضاء المجلس الوزاري الحربي في اجتماع سابق بمقر وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب: “إنهم (الأسرى) في الأنفاق، وأنتم تتحدثون عن إغراقها بمياه البحر”.
وأضافت، دون أن يذكر الموقع اسمها: “لقد وضعتم السياسة فوق إعادة المختطفين، لقد ضرب زوجي نفسه (لا يزال أسيرا لدى المقاومة الفلسطينية) لأن الأمر كان صعبا، وأنتم لا تفكرون إلا في إسقاط حماس”.
وردا على “اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته”، شنت “حماس” في 7 أكتوبر الماضي هجوم “طوفان الأقصى” ضد مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية في محيط قطاع غزة.
من جانبه اعتبر خبير بيئي فلسطيني، أن إغراق إسرائيل أنفاقا للمقاومة في غزة بمياه البحر “سيجعل من القطاع منطقة غير قابلة للعيش حتى 100 عام”، وقال عبد الرحمن التميمي، مدير مجموعة الهيدرولوجيين الفلسطينيين (أكبر منظمة غير حكومية تعمل على رصد التلوث بالأراضي الفلسطينية)، إن “الحديث عن إغراق شبكة الأنفاق صعب ولكنه غير مستحيل”، مضيفًا “الحديث عن إغراق شبكة الأنفاق يواجه تحديات أولها هل هي متصلة؟ وهل أرضيتها رملية أم أسمنتية؟ وهل المقاومة حفرت آبارا لتسريب مياه الأمطار أو أي محاولة لإغراق الأنفاق؟ كل هذه تحديات وتشير إلى أن الأمر ليس سهلا بل معقد ولكنه في الوقت نفسه غير مستحيل”.
وتابع الخبير البيئي الفلسطيني أن “إسرائيل بحاجة إلى 40 يوما لإغراق الأنفاق التي يصل طولها بحسب ما هو متعارف عليه إلى 450 كلم”.
وعن آثار إغراق الأنفاق أوضح أنه “إذا نجحت إسرائيل في مخططها فسيؤدي ذلك إلى كوارث بيئية متعددة أولها تلوث المياه الجوفية الملوثة أصلا، وسيؤدي تراكم الملح إلى قتل التربة بشكل كبير ويتسبب بذوبانها الأمر الذي يؤدي إلى انهيارات في التربة ما يعني هدم آلاف المنازل الفلسطينية في القطاع المكتظ بالسكان”.
وأردف التميمي: “إذا تلوثت المياه والتربة فسيصبح الإنسان حبيس التلوث بكل أشكاله من مياه الشرب، ومنتجات زراعية تؤدي إلى آثار بيئية على صحة”.
وأكمل: “سيصبح قطاع غزة منطقة طاردة للسكن، وبحاجة إلى نحو 100 عام للتخلص من الآثار البيئية لهذه الحرب”، وزاد التميمي، وفق “الأناضول”، أن “إسرائيل تقتل البيئة في قطاع غزة”.
ولفت إلى أن الحرب المستمرة على غزة لها آثار قاتلة على البيئة، موضحا أن “كثيرا من المعادن الناتجة عن المخلفات الصلبة، والأخرى الناتجة عن القنابل الفوسفورية والقنابل المتفجرة التي تلقيها إسرائيل على قطاع غزة تتحلل وتلتحم مع معادن أخرى لتصبح أكثر خطورة على البيئة والإنسان والمياه في غزة”.
وزاد: “كل أنواع الكوارث متوقعة في غزة بسبب تلوث المياه والهواء التربة بالإضافة إلى تلك الجثث والكميات الكبيرة من المواد المتفجرة التي ألقيت على غزة”.
واستطرد بالقول إن “غزة تقتل بيئيا جراء تعرضها للقصف مرات متعددة في العشرين عاما الأخيرة”.
وذكر الخبير البيئي، أن “الوضع المائي في قطاع غزة قبل الحرب متدهور، فحوالي 90 بالمئة من مصادر المياه غير صالحة للشرب، والآن الأوضاع أكثر سوءا إذ إن 99 بالمئة من المياه لا تصلح للشرب”.
ووصف الوضع البيئي في قطاع غزة بأنه “كارثي”.
وكان مسؤول أمريكي قال، لشبكة CNN، إن الإسرائيليين أبلغوا الولايات المتحدة أنهم بدأوا إجراء “اختبارات دقيقة” لإغراق بعض الأنفاق في قطاع غزة بمياه البحر” على نطاق محدود” لمعرفة ما إذا كان ذلك سيعمل على تدهور شبكة الأنفاق على نطاق أوسع.
وأضاف المسؤول أن الإسرائيليين “ما زالوا غير متأكدين مما إذا كانت هذه الخطة ستنجح أم لا، لكنهم أكدوا للولايات المتحدة أنهم حريصون على اختبارها فقط في الأنفاق التي لا يعتقدون أن هناك رهائن محتجزين فيها”.

- أكبر شبكة أنفاق في العالم

من جانبه أكد خبير الجيولوجيا المصري عباس شراقي، أن حماس أنشأت أكبر شبكة أنفاق في العالم لمقاومة الاحتلال الذي لم يستطع تدميرها جوا أو برا حتى الآن، ويلوح حاليا باستخدام مياه البحر لغمرها.
وأشار شراقي إلى أنه: “طبقا لبيانات حماس فإن عدد الأنفاق حوالي 500 نفق، بإجمالي أطوال حوالي 1300 كم، وتتنوع الأنفاق بين هجومي لاختراق الحدود، ومنها الدفاعي لإطلاق صواريخ والاختباء وغيره، ومنها اللوجستي الذي يستخدم في الاختباء ومكان للقيادة وتخزين الأسلحة والعتاد، وهندسيا توجد الأنفاق المبطنة بخرسانة، وأخرى حفرت في الصخور دون تبطين مع وجود دعامات”.
وتابع: “طبيعة الأرض في غزة أنا ليست مستوية تماما بل أنها عبارة عن نطاقات طولية صخرية مرتفعة بينها مناطق منخفضة موازية لشاطئ البحر بطول حوالي 42 كم، تكونت في الماضي من أمواج البحر وتتكون من صخور رملية ورملية جيرية، كما تحتوي طبقات غزة على خزانات مياه جوفية يتراوح عمقها في المتوسط حوالي 60 م”.
وختم: “من الصعب إغراق كل الأنفاق مرة واحدة لاختلاف التضاريس وارتفاعها وانخفاضها بالنسبة لسطح البحر، وعدم معرفة أماكنها، غرق الأنفاق المسلحة لن يضر الخزان الجوفي لعدم امكانية تسرب المياه، عكس الأنفاق الصخرية غير المبطنة التي سوف تزيد ملوحة المياه الجوفية، كما أن تغطية سطح الأرض بمياه البحر سوف يقضى على المحاصيل الزراعية، ويزيد من ملوحة التربة مما يؤثر على الإنتاجية الزراعية فيما بعد، ملء الأنفاق بالمياه لن يؤثر كثيرا في إحداث زلازل حيث أن الأنفاق قريبة من سطح الأرض”.

- كيف ستستغلها المقاومة؟

وفي 15 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، نشر خبير هندي متخصص في الجغرافيا السياسية تحليلا قال فيه إن حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، يمكن أن تستخدم ما أسماه بـ “قنبلة فيضان مياه البحر”، لجعل 25% من مساحة قطاع غزة التي تقع تحت مستوى سطح البحر، عبارة عن “بركة مياه مالحة”، مما يعوق أي تقدم لقوات الاحتلال الإسرائيلي بها.
ويقوم تحليل الخبير الهندي روبندر ساشديف -وهو رئيس معهد “إيماجينديا” بنيودلهي- والذي نشره موقع “أميركان بازار”، على أن 25% من مساحة قطاع غزة تقع تحت مستوى سطح البحر، وهذه المساحة تنقسم إلى 4 مناطق، 3 منها تقع في شمال ووسط غزة وهي بيت حانون وبيت لاهيا (شمال) ثم مدينة غزة (وسط) والمنطقة الرابعة هي رفح (جنوب).
والافتراض الذي يطرحه الخبير الهندي في تحليله هو: ماذا لو قامت حماس بإنشاء أنفاق تربط هذه المناطق الأربعة “تحت سطح البحر”، بالبحر الأبيض المتوسط على ساحل غزة؟
ويقول إنه يمكن “حفر أنفاق حتى آخر مترين قبل الاتصال بالبحر، وتوضع قنبلة متحكم بها عن بعد عند مدخل هذه الأنفاق على نقطة الوصل البحري بالبحر الأبيض المتوسط، وعندما يبدأ الغزو الإسرائيلي من شمال غزة، تنفجر هذه القنابل البعيدة عند الوصلات البحرية، وتتدفق مياه البحر عبر الأنفاق وتُغرق المناطق المنخفضة في قطاع غزة.
ويضيف أن “الفيزياء تخبرنا بأن الماء يسعى إلى التوازن، وبمجرد أن ينفجر المصب المواجه للبحر لهذه الأنفاق المتخصصة، ستندفع مياه البحر إلى هذه الأنفاق الخاصة بضراوة لا يمكن تصورها، وتصل إلى المناطق “تحت مستوى سطح البحر” في غزة في غضون دقائق، وتغمر تلك المناطق المنخفضة بالمياه لمسافة تتراوح بين 2 و5 أقدام، لجعل مستويات المياه على قدم المساواة مع مستوى سطح البحر، وهو ما من شأنه أن يخلق أراض رطبة ومستنقعات تتسبب بسقوط المدفعية الثقيلة والدبابات، وهذا ما يُعرف في اللغة العسكرية باسم “سلاح منع المنطقة”، وهو جهاز دفاعي يستخدم لمنع الخصم من احتلال أو عبور منطقة برية أو بحرية أو جوية”.

وأمام هذه المتغيرات الجوهرية.. فهل ستنجح إسرائيل في تنفذ مخطط إغراق أنفاق غزة؟، أم هناك مفاجآت أخرى بيد المقاومة؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2183563

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع تقارير وملخصات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

30 من الزوار الآن

2183563 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 26


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40