السبت 15 شباط (فبراير) 2020

دراسة لـ «مدى الكرمل»: أسباب تحوّل طلاب من فلسطينيي الداخل للدراسة خارج الجامعات الإسرائيلية

الكشف عن استمرار المخابرات الإسرائيلية بدور “الرقيب الحسيب” في المدارس العربية
السبت 15 شباط (فبراير) 2020

- الكشف عن استمرار المخابرات الإسرائيلية بدور “الرقيب الحسيب” في المدارس العربية

كشفت الحركة من أجل حرية المعلومات في إسرائيل أن جهاز المخابرات العامة (الشاباك) ما زال يتدخل في مضامين التعليم وتعيين المربين في المدارس العربية داخل أراضي 48 ويلعب دور الرقيب المحاسب، مما أثار ضجة وردود فعل غاضبة لدى فلسطينيي الداخل.

وتم ذلك بعدما قدمت الحركة المذكورة التماسا للمحكمة العليا تطالب فيه بالكشف عن دفتر يوميات مدير عام وزارة التعليم الإسرائيلية. وبعد استجابة المحكمة تم الكشف عن “جلسات عمل” عقدت بين وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية وبين جهاز الأمن الإسرائيلي العام (الشاباك) للبحث بقضايا “أمنية” تتعلق بالمدارس العربية.

تم الكشف عن “جلسات عمل” عقدت بين وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية وبين جهاز الأمن الإسرائيلي العام (الشاباك) للبحث بقضايا “أمنية” تتعلق بالمدارس العربية

وعن ذلك قال النائب عن القائمة المشتركة وعضو لجنة التربية والتعليم البرلمانية، د. يوسف جبارين، إن عقليّة الحاكم العسكري لم تكف يومًا عن مرافقة مسؤولي الوزارات الإسرائيلية، خاصة في وزارة التربية والتعليم، مشيرا إلى أن إماطة اللثام عن هذه الجلسات في الفترة الأخيرة يؤكد ما قيل في الماضي دومًا عن سياسات السيطرة والضبط والتدجين الّتي تسيّر جهاز التربية والتعليم في إسرائيل.

وأضاف جبارين: “هذه السياسات العدائية تجاه الطلاب والمدرسين العرب والسطو المتواصل على المضامين التربوية والرواية العربية الفلسطينية أصبحت أكثر تطرفًا مع وزيري المستوطنين نفتالي بينت ورافي بيرتس، اللذين يريدان أن يتعلم الطلاب العرب أنهم مواطنون من الدرجة الثانية”.

كما أكد أنه بالتعاون مع الشاباك هما يهدفان إلى مسخ هوية الطلاب العرب، ودمجهم في مشاريع خطيرة مثل ما يسمى بالخدمة المدنية، ووضع العقبات أمام المدرسين العرب الملتزمين بقضايا شعبهم لمنعهم من الانخراط بجهاز التربية والتعليم.

كما أكّد جبارين مطالبة “المشتركة بإدارة ذاتية لجهازنا التعليمي من قبل أخصائيين عرب من أجل صياغة مضاميننا التربوية بأنفسنا، وهذا المطلب أصبح أكثر إلحاحًا الآن بعد الكشف عن هذه الجلسات الخطيرة”. وتابع: “نحنُ في القائمة المشتركة ملتزمون بالنضال من أجل مساواة جوهرية وحقيقية في التعليم، ونؤكّد أن تعزيز قوة المشتركة في الانتخابات القريبة هو الضمانة للإطاحة بحكومة المستوطنين وبسعيهم لصهينة المناهج”.

عودة لعقلية الحكم العسكري

وهذا ما أكده زميله النائب عن المشتركة الأستاذ وليد طه الذي أشغل قبل ذلك إدارة قسم التربية والتعليم في بلدية كفر قاسم حين قال إن ما تم كشفه عن هذه اللقاءات بين مدير عام وزارة المعارف وبين الشاباك (جهاز أمني) يعتبر عودة لعقلية الحكم العسكري، مشددا على أنه “أمر مرفوض جملة وتفصيلا”.

وقال طه إن الجديد والخطير في الموضوع أن النشر يأتي في سياق مؤامرة “صفقة القرن” والمطاردات السياسية البوليسية التي تطال أوساطا في المجتمع العربي. وردا على سؤال “القدس العربي”، قال طه: “من الواضح أن أجواء التحريض العامة ضد المواطنين العرب وسياسة نتانياهو العنصرية إنما هي محاولة لتهديد المواطن العربي ولتكميم الأفواه وهي تذكير بالسلوك الدكتاتوري لمرحلة الحكم العسكري”.

ويرى النائب وليد طه أن المواطنين العرب قد تجاوزوا مرحلة كونهم “العرب الجيدين” وفق معايير السلطات الإسرائيلية وأنهم اليوم أشد مِراسا في التعامل مع التهديدات العلنية أو المبطنة وفي انتزاع حقوقهم من فم السلطة العنصرية. وقال الكاتب تميم منصور من مدينة الطيرة داخل أراضي 48 بهذا الخصوص إن تدخل جهاز الشاباك في جهاز التعليم العربي حالة مزمنة، وسوف تبقى إذا لم نتصدى لها ويدعمها عدد من المفتشين والمدراء العرب، داعيا الهيئات السياسية كلجنة المتابعة ولجنة الرؤساء العرب للمبادرة في محاربة ذلك.

يشار إلى أن جهات عربية ويهودية سياسية وحقوقية قد سبق واحتجت على هذا التدخل، كما بادرت وزيرة التعليم الراحلة عن كتلة “ميرتس” اليسارية شولميت ألوني إلى وقف تدخدلات المخابرات بالتعليم العربي عام 1992 بعد مشاركتها في حكومة رابين الأخيرة.

يشار إلى أنه في كتابه “عرب طيبون” قال الباحث الإسرائيلي دكتور هليل كوهن إن إسرائيل استخدمت المدارس العربية منذ 1948 من أجل تطويع وتدجين وأسرلة المواطنين العرب المتبقين في وطنهم من خلال احتلال الوعي واستبدال روايتهم التاريخية برواية إسرائيلية على سبيل المثال.

وما زالت كتب التعليم في المواضيع الأدبية تكاد تخلو من مضامين ومصطلحات وتسميات وشخصيات وطنية فلسطينية وعربية، ويتم اعتماد مضامين فارغة من شحنات تربوية وطنية وقومية أو زج مضامين صهيونية وحتى تعاليم الدين الإسلامي داخل المنهاج التعليمي فقط قبل 20 عاما بعد ضغط جماهيري شديد.

ويتضح أنه بعد سبعة عقود ما زالت هذه المخططات قائمة وهناك باحثون في علم الاجتماع أمثال دكتور عامر هزيل ممن يؤكدون على خطورة ضعف الهوية الوطنية على شخصية الإنسان وعلى السلوك وعلى تفشي العنف. وتوضح معلمة للجغرافيا في واحدة من مدارس منطقة الناصرة لـ”القدس العربي” أن وزارة التعليم الإسرائيلية ما زالت تعتمد سياسة التجهيل الوطني والعدمية القومية، منوهة لوضع مناهج التعليم على يد خبراء تربويين من اليهود الشرقيين أو بعض العرب المحليين المتساوقين مع سياسات الوزارة.

ويوضح الباحث دكتور مهند مصطفى مدير مركز “مدى الكرمل” في حيفا أن إسرائيل ومن أجل ذلك أعدت أجهزة صارمة مثل الحكم العسكري (1948-1966) وجهاز التعليم والتربية وجهاز المخابرات اللذين تداخلا وتعاونا نحو الهدف المراد. وقال إنه تم بداية تصميم المناهج التعليمية بيد يهود من أصل شرقي وبمساعدة مربين عرب موالين للسياسات التربوية الإسرائيلية التي لا تزال الأفكار والروح الصهيونية مهيمنة عليها.

ولفت لوجود مضامين كثيرة مترجمة عن العبرية علاوة على إجبار العرب على تعلم نصوص التوراة والتلمود والأدب العبري ضمن وحدات التوجيهي الإلزامية. ويقول إنه في الناحية البيروقراطية استبعد المعلمون “غير الصالحين” رغم كفاءاتهم المهنية وتم اختيار مربين ومعلمين ومفتشين وفق مقاييس يبلورها جهاز الأمن العام “الشاباك” لا تزال سارية المفعول حتى الآن رغم كل الاحتجاجات.

يشار إلى أنه في لواء الشمال تبلغ نسبة التلاميذ العرب اليوم حوالي 52 في المئة لكن وزارة التعليم الإسرائيلية ما زالت تحرص على بقاء مدير لواء الشمال فيها يهوديا. ويستذكر مصطفى كيف تم طيلة عقود نفي العشرات من المربين الوطنيين والشيوعيين الفلسطينيين في الداخل لمناطق بعيدة عن سكناهم لتجاوزهم حدود المطلوب منهم في عملهم اليومي، وأخضعت الوزارة ولا تزال جمهور المربين العرب لنظام مراقبة وقمع وترهيب من خلال نظام تفتيش يهتم باستبعاد كل ما من شأنه تنمية مشاعر وطنية وقومية في المدرسة العربية.

حالة اغتراب

كما يؤكد المؤرخ بروفيسور مصطفى كبها لـ “القدس العربي” أنه ضمن الحديث عن الهوية فبعكس الرحلات الميدانية في المدرسة اليهودية التي تهدف إلى تعريف الإنسان –الطالب– على المكان بعد عبرنته وخلق العلاقة الوجدانية معه فإن الرحلات في المدارس العربية وبتوجيه من الأعلى تبقى بدون رسالة وللترفيه فقط ولتذويت الأسماء المهودة للأماكن. ويضيف محذرا: “عندئذ تفقد الأماكن مسمياتها الأصلية على لسان الكثيرين، وربما يسري شعور بالاغتراب تجاهها لدى أبناء الوطن الأصليين، ولذا لا بد من الالتفات سريعا لهذه الحالة الخطيرة”.

تفقد الأماكن مسمياتها الأصلية على لسان الكثيرين، وربما يسري شعور بالاغتراب تجاهها لدى أبناء الوطن الأصليين

ويتوافق كبها مع ما يؤكده مهند مصطفى بأنه منذ اليوم الأول أنيطت مهمة وضع المناهج التعليمية والكتب التدريسية لرجال تربية وتعليم يهود شرقيين في الأساس ممن فرضوا مضامين تعليمية ورسائل بيداغوجية مصفاة من كل ما من شأنه تكوين وعي ثقافي وطني، وهي ترمي لخلق شخصية “العربي الإسرائيلي” التي تجسدت في شخصية “سعد أبو النحس المتشائل” في رواية “المتشائل” لإميل حبيبي.

متعة الأدب

وفي مجال الأدب كما هو معروف لا يرمي الإبداع الأدبي لتحقيق متعة المطالعة وتوسيع المعرفة والمدارك وإثراء التجربة فحسب بل يسهم في بناء الذاكرة الجماعية والهوية الوطنيتين، ولذلك غاب محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد وإميل حبيبي وسميرة عزام وغسان كنفاني وسواهم ممن يدرس نتاجهم الأدبي في العالم العربي ويحرم منه التلميذ العربي في إسرائيل.

ويوضح الأديب محمد علي طه لـ “القدس العربي” في هذا السياق، أنه ربما تبقى القصيدة الإسرائيلية “في عيد استقلال بلادي غرد الطير الشادي” المحفورة في ذاكرتنا مثالا صارخا على ما جرى ويجري. ويشير إلى أنه في المقابل يلزم التلميذ العربي بتعلم العبرية وآدابها بما يوازي اللغة الأم فتراه على سبيل المثال متواصلا مع بيالك “إلهتسيبور” وشاي عغنون “معسيه هعيز” وسط قطيعة مع أدب شعبه هو.

ويضيف أنه من ناحية واحدة يتم تغييب الأدب الفلسطيني الحقيقي وفي أحيان معينة يوردون مقاطع مسيئة مثلا “في المكتبة” لإبراهيم طوقان التي كتبت في مطلع مسيرته أو تدرج له مواد محايدة ذات طابع إنساني تخلو من أي بعد وطني مثل قصيدة “ملائكة الرحمة” للصف السابع حول عمل الممرضات ودورهن.

الرواية التاريخية

بخلاف المدرسة اليهودية التي ينهل منها التلميذ الرواية الصهيونية التاريخية، تستبعد الرواية الفلسطينية بالكامل في المدرسة العربية وتستبدل بتلك الصهيونية عن اللاسامية والمحرقة.

تستبعد الرواية الفلسطينية بالكامل في المدرسة العربية وتستبدل بتلك الصهيونية عن اللاسامية والمحرقة

لذا تبقى مواضيع كثورة البراق والثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936 والمجلس الإسلامي الأعلى والجمعية الإسلامية – المسيحية بمثابة طلاسم. كما تغيب كافة المواد المتعلقة بالمجتمع الفلسطيني في المدن والأرياف قبل النكبة وبإيقاع الحياة الثقافية واليومية فيها وكأن الطالب ولد من الحائط من هذه الناحية.

وعن ذلك يقول كبها ساخرا: “كأن معدي المناهج التعليمية أرادوا للتلميذ العربي أن يكون يتيما ثقافيا وسياسيا، وثقافيا أولا. وتستبطن مواد الجغرافيا مساعي خفية لمحو التسميات العربية للمكان من ذهنية التلميذ العربي واستبدالها بتسميات عبرية تفضي لحالة اغتراب في أحسن الأحوال بينه وبين بلاده وبيئته وأوطانه: جولاني (مسكنة) هموفيل (الخلادية) واليركون (العوجا) الكيشون (المقطع) والتشيكبوست (السعادة) وأفيك (الكردانة). كذلك بيت شآن (بيسان) ووادي رفيفيم (وادي عسلوج وبير هداج) ورمات حوفاف (وادي النعم)”.

وتتسع كتب الجغرافيا للشروح حول الكيبوتس والموشافيم على حساب القرى والمدن المهجرة وغير المعترف بها فتبقى هي الأخرى طي النسيان والتنكر. وهكذا في دروس الموطن والمدنية وحتى اللغة العربية.

- دراسة لـ «مدى الكرمل»: أسباب تحوّل طلاب من فلسطينيي الداخل للدراسة خارج الجامعات الإسرائيلية

: تقول دراسة صادرة عن مركز «مدى الكرمل» في حيفا داخل أراضي 48 إنه طرأ في العَقد الأخير ارتفاع في عدد الطلاب العرب في الجامعات والكلّيّات الإسرائيليّة بنسبة ثلاثة أضعاف وفي الوقت نفسه تزداد نسبة المتوجهين للدراسة خارجها. وتنوه أنه في 2007 بلغ عدد الطلاب العرب في مؤسّسات التعليم العالي الإسرائيليّة 14,000، وارتفع عددهم عام 2017 إلى 46,855 طالبًا.
ولكن رغم هذا الارتفاع في عدد الطلاب العرب في مؤسّسات التعليم العالي في إسرائيل، فإنّ جزءًا لا يُستهان به من الطلاب، أو ما يقارب 30% (24,000 طالب)، يتوجّهون لتَلقّي الدراسة في جامعات خارج البلاد. وتظهر الدراسة أن الوجهة الأساسيّة لهؤلاء هي الجامعات الفلسطينيّة خاصّة الجامعة الأمريكيّة في جنين داخل الضفة الغربية التي تفوّقت على جامعة حيفا، والجامعات الأردنيّة من حيث عدد الطلاب الذين يدرسون فيها. وتشير الى أنّ ما يقارب 6,000 طالب عربيّ مواطن في إسرائيل يشكّلون ما يقارب 55% من مجموع الطلاب في الجامعة درس في الجامعة الأمريكيّة عام 2018.
في المقابل، وحسب معطيات أوردها الباحثان خالد عرار وقصي حاج يحيى درس في جامعة حيفا في السنة نفسها 5,444 طالبًا. وشكّل الطلاب العرب سنة 2012 ما يقارب نسبة 20% من مجموع الطلاب الذين قصدوا الأردن للدراسة أمّا اليوم فهناك تراجع في عدد الطلاب الدارسين في الجامعات الأردنيّة.
وعن أسباب التحاق الطلاب العرب بمؤسّسات التعليم العالي خارج إسرائيل ترى الدراسة أن هناك أسبابا عديدة تفسّر التحاق الطلاب العرب بالجامعات خارج إسرائيل أهمّها التمييز الصارخ والمجحف الذي عانى وما زال يعاني منه جهاز التعليم العربيّ في إسرائيل مقارنة بجهاز التعليم اليهوديّ، الأمر الذي يؤدّي إلى تدنّي التحصيل.
كما ترى الدراسة أن التفاوت بين الجهازين العربيّ والعبريّ يبرز في الميزانيّات المخصّصة للطالب العربيّ من مراحل الدراسة المبكرة. ويحدث ذلك رغم سياسة التصحيح المفضِّل المنتهجة من قبل وزارة التعليم الإسرائيلية لسدّ الفجوات بين التعليم العربيّ والتعليم العبريّ عام 2013، ومع ذلك ما زالت الميزانيّات التي تُستثمَر في الطالب العربيّ أقلّ بنسبة كبيرة من الميزانيّات المخصّصة للطالب اليهوديّ. و كشف تقرير لجنة متابعة قضايا التعليم العربيّ في أراضي 48 أنّ نسبة استحقاق شهادة التوجيهيّ في المدارس العربيّة 64%، وفي المقابل بلغت نظيرتها لدى الطلاب اليهود 70.8%.

عوامل جذب

علاوة على ذلك، صنّف حاجّ يحيى وعرار الأسباب التي أدّت إلى توجُّه الطلاب العرب للدراسة في الأردن إلى عوامل جذب وعوامل طرد يمكن تعميمها على سائر الطلاب الدارسين خارج مؤسّسات التعليم العالي الإسرائيليّة، وتتعلّق عوامل الجذب هذه بالأمور التالية: إعفاء الطلاب من التقدّم إلى امتحان دخول أو تصنيف للجامعات، سهولة القبول في مواضيع تَضْمن للطالب مهنة رفيعة في المستقبل (كالطبّ ومواضيع الطبّ المساعد). كذلك قرْب الجامعات الفلسطينيّة الجغرافيّ خاصّة الجامعة الأمريكيّة في جنين، حيث فسح ذاك المجالَ أمام الطالبات العربيّات لإكمال دراستهنّ الجامعيّة في بيئة اجتماعيّة مريحة لهنّ.

عوامل الطرد

كما تشير الدراسة الى «عوامل الطرد» ومنها تقييدات السنّ التي يواجهها الطلاب العرب عند الالتحاق بالجامعات الإسرائيليّة لدراسة بعض المواضيع (كالطبّ والخدمة الاجتماعيّة). يضاف لها امتحان السيكومتريّ الذي يشكّل العقبة الأساسيّة التي تعترض قبول الطلاب العرب للدراسة في الجامعات الإسرائيليّة؛ فوَفق المعطيات التي نشرتها دائرة الإحصاء المركزيّة، ما زال تحصيل الطلاب العرب متدنّيًا في هذا الامتحان مقارنة بالطلاب اليهود. ورغم الارتفاع الطفيف الذي حصل على معدّل العلامات لدى الطلاب العرب في العَقد الأخير، ما زالت الفجوة كبيرة واستقرّت على 80 علامة على الأقلّ في عام 2017. وتؤكد الدراسة أنه لفارق التحصيل والفجوة الكبيرة بين الطلاب العرب واليهود في امتحان السيكومتري وعلامات التوجيهيّة مردودان سلبيّان على عدد الطلاب العرب الذين يُقبَلون للدراسة في الجامعات الإسرائيليّة.
وحسب معطيات رسمية فإن 23% فقط من الطلاب العرب الذين تسجّلوا للدراسة في كلّيّات الطبّ قُبلوا في الجامعات الإسرائيليّة المختلفة سنة 2017، مقابل 35% من الطلاب اليهود. وفي مواضيع الطبّ المساعد، قُبل 60% من الطلاب اليهود، مقابل 36% من الطلاب العرب. أمّا في المواضيع الأخرى، فقد جرى قبول 71% من الطلاب اليهود، مقابل 58% من الطلاب العرب.
ممّا ذُكر سالفًا، تستنتج الدراسة أنّ نسبة عالية من الطلاب العرب يلتحقون بالجامعات خارج إسرائيل ابتغاء مواصلة الدراسة العالية بسبب عدم قبولهم في الجامعات الإسرائيليّة في المواضيع التي اختاروها، وهي على الأغلب مقاعدها محدودة وتتطلّب معدلات عالية في شهادة التوجيهي وامتحان السيكومتريّ. وتنقل الدراسة عن أمثال هؤلاء الطلاب قولهم إن التحاقهم بمؤسّسات تعليم عالٍ خارج إسرائيل ناتج عن عدم حصولهم على نتائج ملائمة في السيكومتريّ تمكّنهم من دراسة المواضيع التي تساعدهم على الاندماج في سوق العمل بيُسْر، التي تضمن لهم مكانة اجتماعيّة ومستوى معيشة مرتفعًا (كالطبّ والصيدلة -على حدّ زعمهم).

مواضيع طبية

وتوضح الدراسة أن معظم الطلاب العرب الذين درسوا خارج إسرائيل، أو ما زالوا يدرسون هناك، يتوجّهون لدراسة الطبّ أو مواضيع الطبّ المساعد، نحو: العلاج بالنطق؛ العلاج الوظيفيّ، التمريض. كما تشير أن معظم الطلاب الذين يدرسون خارج البلاد هم من العائلات المقتدرة، حيث تفوق تكاليف الدراسة الباهظة في الجامعات خارج إسرائيل قدرة العائلات المحدودة الدخل. لذا، يقتصر تَلقّي الدراسة في هذه الجامعات على الطلاب الذين يتحدّرون من عائلات ميسورة الحال، خاصّة أنّ تكاليف الدراسة لا تقتصر على قسط التعليم والمسكن، وإنّما تشمل أمورًا أخرى يقوم الطلاب بدفعها وتُعطى مجّانًا للطلّاب المحلّيّين. ومع ذلك، ينتمي الطلاب العرب الذين يدرسون خارج إسرائيل إلى مجموعات سكّانيّة غير متجانسة من النواحي الاجتماعيّة والاقتصاديّة والدينيّة.
وتقول الدراسة إنه فضلًا عن كلّ هذا، تشير إلى أن تَلَقّي الدراسة خارج إسرائيل لم يعد مقتصرًا على الذكور فقط كما كان متّبَعًا، بل ثمّة توجُّه لدى الإناث كذلك أيضًا لتَلَقّي الدراسة في الجامعات الفلسطينيّة، والأوروبية رغم الصعوبات والتحدّيات التي تواجه الطالبات في بلاد الاغتراب كما سنبيّن لاحقًا.
اعتمادًا على المقابلات التي أجرتها الدراسة مع طلّاب وأشخاص درسوا خارج إسرائيل، بالإضافة إلى مراجعة الأدبيّات، تشير الدراسة إلى عدة تحدّيات تواجههم منها التأقلم مع ثقافة جديدة. وعن ذلك تقول إن الطلاب العرب الذين يدرسون في الجامعات الأوروبيّة أجمعوا على أنّ التأقلم والتكيّف مع ثقافة جديدة مختلفة كلّ الاختلاف عن ثقافتهم العربيّة هو من أصعب التحدّيات التي يمرّ بها الطالب العربيّ في الدول الأجنبيّة، خاصّة في السنوات الأولى من مشواره الدراسيّ. منوهة أن مصاعب التأقلم والتكيّف تخفّ حدّتها في الجامعات الفلسطينيّة والأردنيّة.
كما تشير إلى التخوّف من اجتياز امتحان الدولة والانخراط في سوق العمل الإسرائيليّ: أبدى قسم من الطلاب الذين درسوا المواضيع الطبّيّة مخاوفَهم من ألّا يتمكّنوا من اجتياز امتحان الدولة بسبب إجراء امتحان الدولة باللغة العبريّة، وعبّروا عن قناعتهم بأنّ السلطات الإسرائيلية تفرض إجراء هذا الامتحان بغية وضع العراقيل أمامهم وتفضيل الطلاب الذين يدرسون في الجامعات الإسرائيليّة عليهم. وهذا برأيها ينطبق أيضًا على إيجاد أماكن عمل مناسبة بادّعاء أنّ الدولة تعطي حقّ الأولويّة لمن هم من خرّيجي الجامعات الإسرائيليّة.
كذلك تشير للكراهية والاستغلال: يجابَه الطلاب العرب خارج إسرائيل بموجة من الكراهية والاستغلال من قِبل جزء من السكّان المحلّيّين، سواء أكان ذلك في الدول الأجنبيّة أَم في الأردن. الاعتقاد السائد لدى السكّان المحليّين أنّ الطلاب العرب يتشاركون معهم في موارد الدولة التي هي من حقّهم فقط. وتشير أيضا إلى الحنين إلى الأهل (لدى الطلاب الذين يدرسون في دول أوروبيّة): الغربة والبعد عن الوطن ليسا بالأمر اليسير.
وحسب الدراسة يعاني الطلاب العرب في بداية مشوارهم التعليميّ حالة نفسيّة صعبة بفعل البعد عن الأهل، ولا سيّما أنّه تقع على عاتقهم مسؤوليّات عديدة كتدبُّر أمورهم الحياتيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة، من مسكن ومواصلات وما شابه، وهو ما لم يعتادوا عليه قَبلًا. وفي سبيل التغلّب على هذه المصاعب وتخطّي هذه العقبات، يعيش الطلاب العرب حياة مشتركة، ويقومون بمساعدة ومساندة بعضهم البعض في الأمور الدراسيّة والحياتيّة والاجتماعيّة، على الرغم من الاختلاف في ما بينهم كما ذكرنا آنفًا.
وتخلص الدراسة للقول إن معظم مَن يتوجّهون لتلقّي الدراسة في هذه الجامعات هم طلّاب لم يُقْبَلوا لدراسة المواضيع التي رغبوا فيها داخل إسرائيل. وتعتقد أن معظمهم يدرسون الطبّ ومواضيع الطبّ المساعد، وينتمون إلى مجموعات سكّانيّة ميسورة الحال، لكن مختلفة من النواحي الاقتصاديّة والدينيّة والاجتماعيّة، من ذكور وإناث.
كما توضح أن هؤلاء الطلابَ يصطدمون بتحدّياتٌ عديدة في مراحل الدراسة، أهمُّها الثقافة الجديدة المختلفة، والتكلفة العالية للدراسة، والبعد عن الأهل والحنين إلى البلد، إضافة الى التحدّيات التي يواجهونها بعد إنهاء دراستهم الجامعيّة، وبالأخصّ الاندماج في سوق العمل الإسرائيليّ واجتياز امتحان الدولة.
ورغم كل ذلك، يؤكّد قسم من هؤلاء الطلاب أنّ الدراسة خارج إسرائيل ضروريّة جدًّا، ولا سيّما أنّها توفّر الإمكانيّة للطلّاب العرب لتعلُّم مواضيع تضمن لهم في المدى البعيد، على الرغم من التحدّيات، الاندماجَ في سوق العمل الإسرائيليّ.
يشار الى ًأن أجهزة الأمن الإسرائيلية حذرت قبل سنوات من الظاهرة خاصة أن الطلاب العرب في جامعات عربية وفلسطينية وأجنبية ينكشفون لمضامين معادية لإسرائيل ولاحتمالات تجنيد بعضهم لتنظيمات سرية، كما حصل عدة مرات في الماضي.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 179 / 2184573

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع تقارير وملخصات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2184573 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40