لماذا حرّف الإعلام العبريّ تصريحات كوخافي؟

زهير أندراوس

السجال والنقاش والتباين في الآراء والخلافات في الاجتهادات تُميِّز الصحافيين الإسرائيليين حول ما قاله أوْ لم يقُله القائد العّام لجيش الاحتلال بالكيان، الجنرال أفيف كوخافي، حول احتمال نشوب حربٍ شامِلةٍ في وقتٍ قريبٍ جدًا، أمْ أنّ المُراسِلين الذين حضروا الجلسة المُغلقة معه (وجميعهم من الصهاينة اليهود)، قاموا بتحريف أقواله أوْ بكلماتٍ أخرى، بإخراج حديثه هن السياق للتهويل وإرعاب الإسرائيليين أولاً، وتوجيه الرسائل المُخيفة ثانيًا إلى الوطن العربيّ، وإلى الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران أيضًا، وربمًا في المقام الأوّل.
يُشار في هذا السياق إلى أنّ الرواية شبه الرسميّة التي طغت على جميع وسائل الإعلام العبريّة منذ يوم الخميس، أيْ أوّل من أمس، قالت إنّ رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، حذّر من المتغيرات الإقليميّة التي من شأنها التسبب في مواجهات قريبة، واصفًا الوضع على الجبهتين الشماليّة والجنوبيّة، في إشارة إلى سوريّة ولبنان وقطاع غزة، بأنّه هشّ ومتوتر وقد يتدهور إلى معركةٍ، على حدّ تعبيره.
ولفت الجنرال الإسرائيليّ، في حديثٍ أمام مراسلي الشؤون العسكرية في وسائل الإعلام العبريّة، لفت إلى أنّ الجبهة الشمالية هي التحدّي الاستراتيجيّ الأوّل لكيان الاحتلال، عازيًا ذلك إلى التموضع العسكريّ الإيرانيّ في سوريّة، وكما قال إنّه مشروع الصواريخ الدقيقة الذي تقوده طهران، باستخدام أراضي دول مستقلة محدودة للغاية، كما في لبنان حيث أسّس حزب الله جيشه الخاص، ويفرض سياسته الأمنية.
بالإضافة إلى ما ذُكر أعلاه، شدّد كوخافي، في إطار استعراضه التهديدات، على ضرورة إقرار خطة متعددة السنوات تُمكّن الجيش الإسرائيليّ من مواجهة التحدّيات ضمن قدراتٍ جديدةٍ في مجالَيْ الدفاع والهجوم، وتشمل شراء وسائل قتالية ذات قدرة تدميرية، وتحسين الوسائل الدفاعية في وجه الطائرات المسيّرة شمالاً وجنوبًا، على حدّ قوله.
ويُمكِن القول والفصل أيضًا أنّ ما قاله أوْ لم يقُله الجنرال كوخافي، والذي امتلأت وسائل الإعلام العبرية بتعليقات حوله، يبدو أنّ من ورائه جملة أهداف تتصل برؤية إسرائيل السلبية للمستجدّات الأخيرة في الإقليم، وتعبيرٌ عن ميزان قوى وواقع جديدينْ يخشاهما الجيش الإسرائيليّ، ويأمل توفير الفرص لمواجهتهما.
وفي هذا السياق، نقل مُحلّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، عاموس هارئيل، نقل عن مصادره الرفيعة وواسعة الاطلاع بالمؤسسة الأمنيّة الإسرائيليّة، قولها إنّ تعاظم قوّة إيران العسكريّة، والمُعادلة الجديدة التي أرستها بأنّ أيّ عدوانٍ إسرائيليٍّ على أهدافٍ لها ستؤدّي حتمًا لردّ فعلٍ عسكريٍّ من طرف طهران، هذه المُعادلة، شدّدّت المصادر ستقود إلى صدامٍ عسكريٍّ أكيدٍ بين إيران وكيان الاحتلال، لافِتةً في الوقت عينه إلى أنّ المُواجهة العسكريّة بين الدولتين قد تحدث قريبًا جدًا، على حدّ تعبيرها.
وتابعت المصادر عينها قائلةً إنّ منطقة الشرق الأوسط هي لا أكثر ولا أقّل، بالنسبة للرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، من صفقةٍ عقاريّةٍ، وأنّه تخلّى عن الأكراد في سوريّة، لأنّهم لا يدفعون الثمن الماليّ الذي يحتاجه هذا الرجل لكي يُواصِل دعمهم وحمايتهم، كما أكّدت.
وفي السياق عينه، أكّدت دراسة صادرة عن مركز أبحاث الأمن القوميّ، التابِع لجمعة تل أبيب، أكّدت على أنّ انصراف القوات الأمريكيّة، وبالشكل الذي تمّ فيه، يمنح انتصارًا سهلاً أكثر من المتوقع لخصوم الولايات المتحدة، وعلى وجه التحديد لإيران، لافِتةً في الوقت عينه إلى أنّه من المتوقع أنْ يسهل بقدرٍ كبيرٍ على إيران تفعيل ما أسمته بـ”المحور البريّ الشيعيّ على العراق إلى سوريّة وإلى لبنان، ويترك إسرائيل وحدها عمليًا في المعركة ضد تثبيت التواجد الإيرانيّ في المنطقة، على حدّ تعبير الدراسة الإسرائيليّة.
على صلةٍ بما سلف، قال مُحلِّل الشؤون العربيّة في القناة الـ13 بالتلفزيون العبريّ، تسفي يحزكئيلي، في مُقابلةٍ إذاعيّةٍ، قال إنّ إيران غيّرت سياستها بالنسبة للاعتداءات الإسرائيليّة، مُشدّدًا على أنّه من اليوم فصاعِدًا بدأت الدولة العبريّة بإعادة تقييم خطواتها ضدّ الجمهوريّة الإسلاميّة، لأنّ الأخيرة اتخذّت قرارًا إستراتيجيًا بالردّ على أيّ هجومٍ إسرائيليٍّ ضدّ أهدافها، مُضيفًا في الوقت عينه، إلى أنّه خلافًا لإسرائيل فإنّ طهران معنيّةٌ بتسخين الجبهة الشماليّة، وباتت أكثر من أيّ وقتٍ مضى على استعدادٍ لخوض الحرب ضدّ الكيان، مع أنّ الحرب برأيه، ما زالت بعيدةً، على حدّ تعبيره.
وأخيرًا لا بُدّ من الإشارة إلى أنّه يجب أنْ نأخذ على محملٍ من الجدّ أنْ يكون الـ”خلاف” داخل الإعلام العبريّ بالنسبة لنوايا إيران وإسرائيل مُفتعلاً ومُبتذلاً، ويدخل في إطار الحرب النفسيّة التي يشُنّها الكيان ضدّ الأعداء بهدف إرعابهم.