السبت 26 تشرين الأول (أكتوبر) 2019

ملف الاخبار : الرواية الأمنية لتظاهرات العراق

رعاية أميركية _ إماراتية وتمويل سعودي
السبت 26 تشرين الأول (أكتوبر) 2019

تجدّدت، أمس، في عدد كبير من المحافظات العراقية، التظاهرات الداعية إلى استقالة حكومة عادل عبد المهدي. تظاهراتٌ تُقرأ لدى الجهات الأمنية المعنية على أنها تواصلٌ للمسار الذي بدأ مطلع الشهر الجاري، ويستهدف بحسبها إحداث انقلاب سياسي في البلاد. هذا الانقلاب لا تتردّد الجهات المذكورة في الجزم بحقيقة التخطيط له، سائقة في هذا الإطار الكثير من المعلومات والمعطيات التي تمتدّ من الولايات المتحدة إلى الإمارات والسعودية وصولاً إلى السليمانية في «إقليم كردستان»! من وجهة نظر المعنيين في بلاد الرافدين، فإن ثمة مخططاً، ترعاه كلّ من واشنطن وأبو ظبي والرياض، يستهدف العراق ولبنان على السواء، بوصف الأول محكوماً من سلطة موالية لإيران، والثاني «خاضعاً» لحزب الله وحلفائه. إزاء ذلك، تعكف الجهات المعنية على التدقيق في ما يجري ودراسة خياراتها إزاءه، خصوصاً أن ما شهده أمس من اقتتال دموي بين الفصائل «الشيعية» في المحافظات الجنوبية لا يُنبئ إلا بما هو أسوأ.

منذ تكليف عادل عبد المهدي بتشكيل الحكومة العراقية، ومن ثم حصول تحالف «الفتح – سائرون» على حصة الأسد فيها، بدأ العمل على تهيئة الأرضية المناسبة لإطاحتها. عملٌ اتخذ في وسائل الإعلام صورة السعي إلى تصوير تلك الحكومة على أنها الأكثر فشلاً حتى قبل أن تنطلق عجلة عملها، وتحميلِها مسؤولية كلّ أزمات البلاد المتقادمة من فساد ومحاصصة وسوء خدمات معيشية. أما على الأرض، فقد بدأ مبكراً أيضاً الاشتغال على إسقاط عبد المهدي بإشراف الولايات المتحدة. في التخطيط، كانت دولة الإمارات هي مركز وضع الأفكار والآليات من قِبَل مستشار الأمن الوطني طحنون بن زايد آل نهيان، ومستشاره الفلسطيني القيادي السابق في «حركة فتح» محمد دحلان، ومدير مكتب الأخير جعفر دحلان. أما التكلفة المالية، والتي بلغت حوالى 150 مليون دولار أميركي، فقد تحمّلتها السعودية، في حين أُسنِد التنفيذ إلى منظمات المجتمع المدني المموَّلة من السفارة الأميركية، والتي يبلغ تعدادها في العراق اليوم أكثر من 50 ألف منظمة ناشطة، مُوّلت عام 2019 فقط بـ701 مليون دولار. وحتى يضمن الأميركيون نتيجة التحرك، أوكلوا مهمّة المتابعة الميدانية إلى غرفتَي عمليات: الأولى من داخل السفارة الأميركية حيث كانت عميلة وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) المعروفة بـ«agent N» برتبة سفير معنية بالإشراف المباشر، والثانية في «إقليم كردستان»، وتحديداً في السليمانية.
ما يعزز تلك الرواية أن وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي، السفير السعودي السابق في العراق ثامر السبهان، حرص طوال الصيف الماضي، على التلميح أمام ضيوفه العراقيين إلى أن شهر تشرين الأول لن يكون كما قبله، وأن هناك حدثاً عظيماً سيضرب العملية السياسية في العراق، بالتوازي مع حديث لعدد من المنظمات الشبابية طوال الفترة عينها عن أن زلزالاً سيضرب نظام الحكم في البلاد، وأن العمل جارٍ على ذلك. ويقول مسؤول عراقي بارز، في هذا الإطار، لـ«الأخبار»، إنه رفع لوحده، قبل اندلاع التظاهرات، أكثر من 301 برقية إلى مكتب رئيس الوزراء، تحذّر من إمكانية وقوع أعمال عنف وشغب قد تفضي إلى فوضى عارمة في البلاد.
أسباب كثيرة دفعت الولايات المتحدة إلى اتخاذ قرار معاقبة حكومة عبد المهدي، على رأسها موقف الأخيرة من العقوبات الأميركية على إيران، حيث أبدت - على عكس حكومة العبادي - تعاطفاً كاملاً مع طهران، وعملت على رفع مستوى التنسيق معها. يضاف إلى ما تقدم تمدّد قوى «الحشد الشعبي» داخل مؤسسات الدولة العراقية، والذي لا يسلم من بعض الأصوات الناقدة له حتى في أوساط تحالف «الفتح»، فيما يذهب آخرون إلى أن ترك المؤسسات سيُخلي الساحة للتيارات الأميركية. أما السبب الثالث فهو افتتاح معبر القائم – البوكمال الحدودي بين العراق وسوريا، والذي مثّل وفق مصدر أمني مطلع «صفعة قاسية جداً» لواشنطن بُعيد سفر عبد المهدي إلى الصين، وقُرئ أميركياً على أنه انخراط واضح في المشروع الإيراني القاضي بربط العواصم (طهران – بغداد – دمشق – بيروت) وصولاً إلى البحر المتوسط.
الأهداف والخطط
في الظاهر، بدت تظاهرات مطلع تشرين الأول/ أكتوبر عفوية بالدرجة الأولى، وردّة فعل على جملة قرارات حكومية، على رأسها إقالة قائد «جهاز مكافحة الإرهاب» عبد الوهاب الساعدي، والتي مثّلت «القشة التي قصمت ظهر البعير». لكن معطيات كثيرة أعطت إشارات إلى أن ثمة بعداً خارجياً في ما يجري. أول تلك المعطيات هو عدم دخول محافظة البصرة في مشهد التحركات، على غرار بقية المحافظات الجنوبية، فـ«هل كان المقصود هو إبعاد أي تأثيرات عن السوق النفطي العالمي» وفق ما يسأل أحد الأمنيين الكبار؟ المعطى الثاني هو محاولة زجّ «الحشد الشعبي» في مواجهة مباشرة مع الشارع، بعدما أرادت الولايات المتحدة من عبد المهدي إسقاط هذه المؤسسة ورفع الغطاء عنها. أما المعطى الثالث فهو محاولة فضّ رجالات عبد المهدي عنه، وفق ما أوحى به توجيه واشنطن آنذاك دعوة مستعجلة إلى مستشار الأمن الوطني فالح الفيّاض لزيارتها بهدف بحث عدد من النقاط «الضرورية»، توازياً مع توجيه لندن دعوة مماثلة إلى رئيس جهاز المخابرات الوطني مصطفى الكاظمي، ومدير مكتب عبد المهدي محمد الهاشمي «أبو جهاد»، ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، وأيضاً دعوة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي إلى الإمارات، ومعه رئيس تحالف «الفتح» هادي العامري الذي اعتذر عن تلبيتها.

بدت واضحة بالنسبة إلى عبد المهدي نية عدد من الضباط الاستفادة مما حصل وإحداث انقلاب يطيح الحكومة

هكذا، أضحى عبد المهدي وحيداً، إلا من نصيحة «خبيثة» أُسديت إليه في مجلس «الأمن الوطني»، بعد ساعات على بدء التظاهرات، من قِبَل وزير الدفاع نجاح الشمري، ورئيس «جهاز مكافحة الإرهاب» طالب الشغاتي، بضرورة إسناد مهمة «لجم» المتظاهرين إلى «الحشد»، في ظلّ عجز قوات «الشرطة الاتحادية» عن ذلك، في وقت بدأت فيه التحركات تتخذ شكل «تقطيع أوصال العاصمة» وفق خطة من ثلاثة محاور: قطع جميع طرق بغداد الخارجية بحيث تصبح معزولة عن المحافظات الأخرى، قطع طريق المطار حرصاً على «عدم هروب» أي مسؤول على غرار ما حصل في حزيران/ يونيو 2014، لحظة سقوط مدينة الموصل بيد تنظيم «داعش»، الدخول إلى «المنطقة الخضراء» وسط العاصمة مثلما حدث في تظاهرات «التيار الصدري» صيف 2015، والعبث في المقرات الحكومية هناك.
انطلقت التظاهرات نهار الثلاثاء في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري. انطلاقةٌ كانت متوقعة لدى بعض القوى وفق ما أوحى به تحذير زعيم «عصائب أهل الحق»، قيس الخزعلي، في شهر أيلول/ الماضي، من تظاهرات تهدف إلى إسقاط الحكومة، لكن المفاجئ كان لجهة عدد المشاركين. تشير بعض التقديرات إلى أن العدد الإجمالي للمتظاهرين بلغ - طوال مدة التظاهرات - 107 آلاف، فيما يفيد بعضها الآخر بأن عددهم الفعلي هو 23 ألفاً، جلّهم دون الـ25 عاماً. الحراك الذي كان يبلغ ذروة زخمه بعد الساعة الرابعة عصراً، بدا لافتاً أن المشاركين فيه دائماً ما استجابوا لخطاب ممنهج بُثّ على شبكات التواصل الاجتماعي من قِبَل عدد من الناشطين «المشبوهين»، إضافة إلى عدد ليس بقليل من «البعثيين»، وأيضاً منظمات المجتمع المدني التي كانت حاضرة بقوة، فضلاً عن بعض الحركات الدينية مِمَّن يُقال لهم «الشيرازيون» و«المهدويون/ اليمانيون» و«الصرخيون». وما أسهم في تجييش الشارع كذلك هو الهجمة الإعلامية غير المسبوقة، والتغطية اللحظوية لبعض المحطات المحلية والإقليمية.
كان المراد، وفق مرجع أمني بارز، تحقيق أربعة أهداف: خلق اقتتال شيعي – شيعي، إرباك الحكومات الاتحادية والمحلية وفتح جبهات في أكثر من مكان، تعمّد عدم إظهار قيادات واضحة للحراك، توثيق كلّ ما من شأنه إدانة الحكومة وأجهزتها الأمنية في حال وقوع أي عنف، الاعتماد على مبدأ «الصدمة» في مواجهة القوات الأمنية بحيث تفقد سيطرتها الميدانية سريعاً. هكذا، ظنّ المخططون أن الحكومة ستسقط خلال أيام فقط، في ظلّ الفراغ الأمني، وغياب عدد من القيادات. يقرّ عدد من المراجع الأمنية، الذين تحدثت إليهم «الأخبار»، بوجود ضعف في القيادة والسيطرة مماثل لما حصل لحظة سقوط الموصل، عدا عن التصرفات الفردية التي أدّت إلى إقالة عدد من القيادات المهمة، وعلى رأسهم قائد عمليات بغداد جليل الربيعي، إضافة إلى انسحاب آخرين وتنصّلهم من المهام المنوطة بهم، ما أعطى عمليات «العنف» مزيداً من الزخم. تضاف إلى ما تقدم الأخطاء المتنوعة ما بين إطلاق مباشر للنار وسوء استخدام للأسلحة المطاطية وتحويلها إلى أسلحة مباشرة، والتي أدت إلى أن تكون 70 بالمائة من الإصابات في الرأس والصدر.
بدت واضحة، بالنسبة إلى عبد المهدي، نية عدد من الضباط الاستفادة مما حصل، وإحداث انقلاب يطيح الحكومة. صحيح أن إقالة الساعدي مثّلت خطوة استباقية خلطت أوراق مَن كان يعاونه، إلا أن آخرين بقوا على رأس عملهم، وهم اشتغلوا على أمرين أساسيين: بث إشاعات عن أن «الحشد» هو من يستهدف المتظاهرين، وقد برز ذلك من خلال اتصالات أجراها قائد عمليات بغداد جليل الربيعي (الذي أقيل من منصبه بموجب القرارات الأخيرة) بعدد من الصحافيين والناشطين، أبلغهم فيها أن «من يقتل هم عصابات الحشد الخارجة عن الدولة». والأمر الثاني هو تحريض عبد المهدي، بحجة عجز الأجهزة الأمنية عن ضبط الشارع، على زجّ «الحشد» في مواجهة مع المتظاهرين، علماً أن بعضاً من فصائل «الحشد» نزلت بالفعل إلى الشارع بما يخالف توجيهات القيادة، المدرِكة أن أي خطوة من هذا القبيل ستزيد المشهد تعقيداً. لكن ما كان لافتاً في هذا الإطار، هو إصرار قنوات خليجية على اتهام قيادات مقرّبة من قائد «قوة القدس» في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، بإدارة عمليات «القمع» ضد المتظاهرين. إشاعاتٌ برز من بينها الحديث عن «قنص الحشد» للمحتجين، وهو ما لاقى انتشاراً سريعاً، علماً أن التقرير الرسمي في شأن التحقيقات لم يشر إلى ذلك.
على المستوى السياسي، لم يكن رئيس الجمهورية، برهم صالح، بعيداً عما يجري. إذ أن الرئيس الشاب، الحالم بأن يكون الزعيم «الكردي» الأوحد، أراد الاستفادة مما يجري، واقتناص الفرصة لتقديم نفسه بوصفه «المخلّص». هكذا، راهن صالح على أن يسارع عبد المهدي، تحت الضغط الشعبي والإعلامي الهائل، إلى تقديم استقالته، وبالتالي تحويل صلاحياته إليه، فيكون هو الممسك الأول والأخير بزمام الأمور. مراهنةٌ قُرئت لدى كثيرين على أنها شراكة في «التآمر» على عبد المهدي، الذي بات معروفاً أن لا كيمياء تجمعه بصالح، بل وأن العلاقات بينهما أقرب إلى التشنّج.

المتظاهرون يرفضون مشاركة «الصدريّين»
طوال السنوات الماضية، أراد زعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، تكريس نفسه المُحرّك الأوحد للشارع العراقي، والممسك بقراره، والمعبّر عن آلام الطبقة المسحوقة في «بلاد الرافدين». في الأيام الماضية، التمس الزعيم الشاب أن ثمة شريحة خرجت إلى الشارع، لا تنتمي إلى جهة محدّدة، ولا تلتزم بقرار سياسي، ولا يمكن ضبطها أو السيطرة عليها. ومن هنا، كان قرار الاستثمار فيها. إلا أنه، وعلى رغم إتقان الصدر استثمار أي حراك مطلبي، يمكنه ــــ من خلاله ــــ تحقيق مكاسب سياسية، كان آخرها منحه وزارة الصناعة ضمن المقترح المقدم من رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، فإنه هذه المرة ــــ وتحديداً أمس ــــ وجد نفسه عاجزاً عن ذلك، وسط حديث عن رفض بعض الجهات المنظمة للتظاهرة حضور «التيار»، حتى «لا يجرفهم، ويستثمر حراكهم لمصلحته». مع هذا، ثمة من يقول إن «التيار استطاع فرض وجود تكتيكي بالاستفادة من تحالفه السابق مع المدنيين، من دون حضور للذراع العسكرية الموجودة بقوة في الشارع، وذلك في محاولة لإبقاء يده في ملف التسوية السياسية لاحقاً، وعدم غلق باب التعاون المستقبلي المحتمل مع التيار المدني».
من جهتها، ترحب مصادر «الفتح» بأي حضور قوي للصدر في الشارع، على قاعدة «من نعرفه خيرٌ ممن نجهله»، وإن كان هدف الصدر «تحقيق مكاسب جديدة، ومنح تياره ما يريد مقابل ضبط الشارع، والحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار الأمني». لكن التطورات التي شهدها يوم أمس، ولا سيّما لناحية الاقتتال بين «الصدريين» و«عصائب أهل الحق» في المحافظات الجنوبية، لا ينبئ بأن تلك التقديرات المتفائلة ستظلّ على حالها، وخصوصاً إذا ما استطالت الأزمة وامتدّت لأكثر من أسبوع.

- التشكيلات السرية في «تظاهرات تشرين»

حصلت «الأخبار» على وثيقة أمنية تبيّن دور السفارة الأميركية في بغداد في إدارة التشكيلات السرية لـ«تظاهرات تشرين»، والتي تعمل وفق الآلية الآتية:
1- اللجنة العليا للتظاهرات: تؤدي دور التنسيق والإدارة والتوجيه الميداني، وتتولّى تحديد مسار التظاهر وحركته، وتوحيد الهتافات والحفاظ عليها من الاختراق، وتحظى بدعم معلوماتي كبير من السفارة، ومن بعض السياسيين والعاملين في الحكومة والأجهزة الأمنية وشركات الاتصالات.
2- فريق العمليات النفسية: يعمل على إرسال التهديدات الإعلامية لإحداث التأثير النفسي وكسر معنويات الطاقم الحكومي وأفراد الجهاز الأمني، وبثّ الشائعات بغزارة إلى الجمهور وتعبئة المتظاهرين ضد الحكومة.
3- فريق التحشيد الإلكتروني: جيش إلكتروني مدرّب ومنظّم يهتمّ بصناعة المعارضين الإلكترونيين، وتعبئة الشارع، وإيصال التعليمات كافة حول طرق واتجاهات القواطع والنزول والانطلاق الميداني، وهو يدير صفحات ناشطة مؤثرة وأخرى عادية.
4- فريق توثيق الانتهاكات: فريق مؤثر جداً، تلقى تدريبات خاصة في أربيل وعمّان، وهو يعمل على رصد الانتهاكات وفبركتها وتضخيم الأخطاء الأمنية. كما يتولّى إعداد تقارير مدعومة بالوثائق والشهادات تثبت قيام الأجهزة الأمنية بانتهاكات جسيمة ومخالفة لمعايير حرية التعبير، واعتقال المتظاهرين، وقتل وإصابة وتعذيب وغير ذلك... إلى جانب إعداد التقارير التي تؤكد التزام المتظاهرين بقواعد التظاهر السلمي.

جيش إلكتروني مدرّب ومنظّم يهتمّ بصناعة المعارضين الإلكترونيين

5- مجموعة الضغط الدولي: تهتم بتنظيم الوقفات الاحتجاجية أمام السفارات والقنصليات العراقية في دول العالم، والترويج لذلك إعلامياً.
6- فريق الإعلام: يهتم بتغطية أنشطة المتظاهرين، ورصد الانتهاكات والترويج لها بالتعاون مع قنوات ومواقع محلية وأجنبية.
7- الفريق التقني الإلكتروني: فريق تقني مختص بمعالجة مشاكل الحظر المفروض على شبكة الإنترنت، وإيجاد وسائل وتطبيقات بديلة، وهو يعمل بشكل مباشر مع لجنة الإعلام، وعادة ما يكون في الفنادق أو المنازل القريبة من أماكن التظاهرات.
8- فريق الإغاثة: فريق طبي، يهتم بإخلاء المصابين ومعالجتهم، وتقديم الإسعافات الأولية، وتوجيه المتظاهرين حول كيفية تفادي تكتيكات قوة فض الشغب، ويكون انتشاره في موقع التظاهرات وقرب المستشفيات.
9- فريق الدعم اللوجستي: يهتم بتوفير بعض المتطلبات الأساسية مثل الطعام والشراب والإسعافات الأولية تحت عنوان «مواطنون داعمون».

- اقتتال دموي بين «الصدريّين» و«العصائب»
العراقيون إلى الشارع مجدّداً. الموعد الذي ضُرب مسبقاً في الـ 25 من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، حمل الكثير من الأحداث مع ساعاته الأولى. خطابٌ لرئيس الوزراء، عادل عبد المهدي، ليل الخميس ــــ الجمعة، بالتزامن مع محاولة المتظاهرين الدخول إلى «المنطقة الخضراء» وسط العاصمة بغداد والاستقرار فيها. محاولاتٌ جوبهت بقرار حاسم من قِبَل الأجهزة الأمنية، يقضي بـ«تحييد الخضراء عن التظاهرات»، وفق مصدر أمني مطلع.

عبد المهدي استبق التظاهرات بتأكيد «حق الجميع في التعبير عن رأيه وموقفه بطرق سلمية من دون شغب»، مجدداً تمسّكه بحكومته «ما لم يُقدّم أيّ بديلٍ دستوري»، حتى «لا يُترك العراق للفوضى»، إلا أنه ــــ في الوقت نفسه ــــ وصف دعوات «إسقاط الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة بأنها حق شرعي، وسنعمل عليه من دون ضغوط». وانتقد، في كلمته التي بُثّت فجر أمس، واقع الدولة العراقية ومؤسساتها، متّهماً من سبقه بـ«تقويض الدولة اقتصادياً وأمنياً»، مهاجماً كلّاً من سلفَيه حيدر العبادي ونوري المالكي، إذ تساءل عن «غياب لجان التحقيق في أحداث سبايكر وسقوط الموصل والأنبار»، عقب الهجوم الذي شنّه «حزب الدعوة الإسلامية» ــــ بجناحيه ــــ على عبد المهدي، مع إعلان نتائج التحقيقات الخاصة بضحايا التظاهرات السابقة. وتعهد رئيس الوزراء، في محاولة منه لتنفيس احتقان الشارع، بـ«محاربة الفساد، وتنظيم مجلس الخدمة ومجلس الإعمار، ودعم تشكيل مجلس القضاء الأعلى لملاحقة الفاسدين، وتقليص رواتب المسؤولين إلى النصف»، فضلاً عن «إجراء تعديلات وزارية بعيدة عن المحاصصة، إلى جانب العمل على منع وجود أي سلاح خارج إطار الدولة». وفيما رفض أيّ وجود لأيّ قوة أجنبية من دون موافقة الحكومة العراقية، كشف عن مساعٍ لعقد «مؤتمر إقليمي لإبعاد العراق عن الصراعات في المنطقة»، إلى جانب «العمل على تعديل قانون الانتخابات، وإعادة تشكيل المفوضية العليا للانتخابات»، في قرار تلاقى فيه مع دعوة «المرجعية الدينية العليا» (آية الله علي السيستاني)، أمس، إلى «سنّ قانون منصف للانتخابات يعيد ثقة المواطنين بالعملية الانتخابية».
وفي خطبة الجمعة، شدّدت «المرجعية» على «مكافحة الفساد، واتّباع آليات واضحة وصارمة لملاحقة الفاسدين، واسترجاع أموال الشعب منهم، ورعاية العدالة الاجتماعية...»، إلى جانب «اعتماد ضوابط عادلة في التوظيف الحكومي، بعيداً عن المحاصصة والمحسوبيات، واتخاذ إجراءات مشددة لحصر السلاح بيد الدولة، والوقوف بحزم أمام التدخلات الخارجية في شؤون البلد». كما دعت المتظاهرين والقوات الأمنية ــــ على حدٍّ سواء ــــ إلى «الالتزام التام بسلمية التظاهرات وعدم السماح بانجرارها إلى استخدام العنف وأعمال الشغب والتخريب»، مُسجّلة بذلك موقفاً وسطياً بين الطرفين، مردّه «الحرص البالغ على مستقبل البلد الذي يعاني من تعقيدات كثيرة يخشى معها من أن ينزلق بالعنف والعنف المقابل إلى الفوضى والخراب»، على اعتبار أن هذا «يفسح المجال لمزيد من التدخل الخارجي، وليصبح العراق ساحة لتصفية الحسابات بين بعض القوى الدولية والإقليمية».

عبد المهدي متمسّك بحكومته «ما لم يُقدّم أيّ بديلٍ دستوري»، حتى «لا يُترَك العراق للفوضى»

وعلى رغم مناشدة «المرجعية» وعبد المهدي الجميع الحفاظ على سلمية التظاهرات، أعلنت «المفوضية العليا لحقوق الإنسان»، أمس، مقتل 24 متظاهراً، وإصابة 1779 آخرين، في بغداد وعدد من المحافظات الجنوبية، التي شهدت مواجهات أقرب إلى أن تكون «تصفية حسابات» بين مسلحي «التيار الصدري» (بزعامة مقتدى الصدر) ومسلحي «حركة عصائب أهل الحق» (بزعامة قيس الخزعلي)، وسط حديث عن إحراق «الصدريين» و«الصرخيين» عدداً من مقار الفصائل والأحزاب، في حملة وُصفت بـ«الممنهجة» و«تستهدف إشعال اقتتال شيعي ــــ شيعي». ووفق مصدر أمني، تحدث إلى «الأخبار»، فإن «التهديد الأمني بالفوضى لا يزال قائماً، وتوجد جهات تدفع بذلك وسط غياب الحراك السياسي الواضح لاحتواء تداعيات الأزمة». وأكد المصدر «ثبوت حالات انتهاك لسلمية التظاهرات وحق التعبير، تمثلت بالتهديد المباشر ورمي عناصر الأمن بالحجارة وقنابل المولوتوف واشتباك بالأيدي وطعن بالسكاكين»، إضافة إلى رفع «هتافات تشكك بولاء الأجهزة وجنسيات منتسبيها، ووصفهم بالمجندين الإيرانيين»، ورفع بعض المتظاهرين «شعارات ضد إيران، وحرق علمها، والتركيز عليها دون غيرها من الدول». كذلك، لم تسلم «المرجعية» من هتافات البعض، حيث كان لافتاً «وجود حملة منظّمة استهدفت المرجعية بعد خطبتها»، بحسب مصادر ميدانية تحدثت إلى «الأخبار».

من قَنَص المتظاهرين؟
يظلّ السؤال عن الجهة التي قنصت المتظاهرين في تظاهرات مطلع الشهر الجاري محلّ أخذ وردّ. تقرير لجنة التحقيق في أحداث التظاهرات لم يحمّل أي جهة مسؤولية القنص، علماً بأن البعض يتهم فصائل «الحشد الشعبي» بالقيام بذلك، فيما مصادر الأخير تنفي هذه التهمة نفياً قاطعاً، على اعتبار أن من قام بهذا الأمر «يعمل وفق أجندات خارجية»، وفق ما عبّر زعيم «حركة عصائب أهل الحق»، قيس الخزعلي، الذي قال إن «القناصين هم من العاملين في الشركات الأمنية الأجنبية».
لكن مصادر مطلعة، تحدثت إلى «الأخبار»، كشفت أن رئيس «جهاز مكافحة الإرهاب» في «إقليم كردستان»، لاهور شيخ جنكي الطالباني، الذي تربطه علاقة وثيقة بإسرائيل، أدار بشكل مباشر عمليات القنص مقابل «محطة الكيلاني»، حيث نشر مجموعة من القناصين في مبنى مجاور للمحطة، هو أشبه بهيكل تابع لقوات «الرد السريع». وبحسب المعلومات، فإن سيارتين خرجتا من «اللواء الرئاسي»، بأمر مباشر من الطالباني، بعدما أُلبس القناصون ثياب «الرد السريع»، وزُوّدوا برشاشات «M16». وبلغت نسبة من قُنص هناك من إجمالي عدد الضحايا 70 بالمئة، في ظلّ اتهام لـ«الرد السريع» بالوقوف وراء هذه العمليات، وتبرئة «اللواء الرئاسي»، الذي تُطرح الكثير من علامات الاستفهام حول أدائه. مفارقة تضاف إليها مفارقات أخرى في التقرير من قبيل توجيه الاتهام إلى آمر الفوج الثاني في «لواء رئاسة الجمهورية»، العقيد نوزاد عثمان خدر، علماً بأن التظاهرات لم تصل إلى منطقة الكرادة أو الجادرية حيث تنتشر تلك القوة. ومن هنا، تعتبر مصادر أمنية، في حديثها إلى «الأخبار»، أن «خطأ التقرير تحميل أطرافٍ المسؤولية دون أخرى، على رغم مهنية اللجنة» التي أصدرته.
من جهتها، اعتبرت «المرجعية الدينية العليا» (آية الله علي السيستاني)، أمس، أن «التقرير المنشور عن نتائج التحقيق في ما شهدته التظاهرات السابقة من إراقة للدماء وتخريب الممتلكات لم يحقق الهدف المترقّب منه، ولم يكشف عن جميع الحقائق والوقائع بصورة واضحة للرأي العام»، داعيةً إلى «تشكيل هيئة قضائية مستقلة لمتابعة هذا الموضوع وإعلام الجمهور بنتائج تحقيقها بكل مهنية وشفافية».



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 38 / 2184502

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع تقارير وملخصات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2184502 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40