الجمعة 21 حزيران (يونيو) 2019

صدمة في البنتاغون بسبب نجاح إيران في إسقاط تاج الصناعة العسكرية الأمريكية طائرة ” Global Hawk”

روايتان لسقوط الطائرة وطهران ترفع جاهزيتها وواشنطن نحو «رد محسوب»
الجمعة 21 حزيران (يونيو) 2019

لم يعد من يملك التفوق العسكري والتكنولوجي، بالضرورة، صاحب الكلمة الفصل. التحولات التي يشهدها العالم، في مفهوم القوة وعناصرها، سمحت بفرض معادلات من نوع آخر. فبات الأقوياء مضطرين إلى إجراء حسابات دقيقة للكلفة قبل المبادرة إلى خيارات عملانية، وخصوصاً عندما يكون في الطرف المقابل من هو مستعد للتضحية. مرة جديدة، الرغبة لا تكفي. القدرة والكلفة، وحدهما، اللتان تحدّدان مسار الحروب في عالم اليوم. هذه هي قاعدة الحسابات لدى الأقوياء قبل الضعفاء. وهذا، بالضبط، ما تفعله واشنطن اليوم مع طهران.

- صدمة في البنتاغون بسبب نجاح إيران في إسقاط تاج الصناعة العسكرية الأمريكية طائرة ” Global Hawk” والتساؤل: بأي صاروخ أسقطته هل روسي أم محلي الصنع؟

تعتبر طائرة ” Global Hawk” تقريبا ثان أغلى طائرة عسكرية لدى القوات الأمريكية، ويعد نجاح إيران في أسقاطها منعطفا خطيرا على سمعة الصناعة الأمريكية، فهي طائرة مخصصة للخدمة للعقود المقبلة.
واستفاق العالم أمس الخميس 20 يونيو على خبر إسقاط إيران لطائرة مسيرة، واعتقد في البدء أن الأمر يتعلق بطائرة عادية من تلك الطائرات المسيرة الصغيرة السهلة الرصد والإسقاط، لكن المعلومات التالية تشكل مفاجأة وصدمة لدى صناع القرار الأمريكي، يتعلق بطائرة تمثل أحد اهم تكنولوجيا الصناعة الأمريكية التي تجمع بين الصناعة الفضائية والصناعة العسكرية المحضة، وتستعمل هذه الطائرة كل من وكالة الفضاء ناسا والبنتاغون.
وهذه الطائرة التي صنعتها نورثون غرومان كلفت سنة 2011، ما يناهز 211 مليون دولار، والآن تبلغ قيمتها 270 مليون دولار بسبب تحسينات كبيرة أدخلت عليها خاصة بالرصد والعمل في مختلف الظروف الجوية ومن علو يقارب 20 كلم، وتعد ضمن ثلاث أغلى طائرات توجد الآن في الخدمة رفقة المقنبلة “سبريت” والمقاتلة “اف 22 رابتور”.
وتمتلك الولايات المتحدة طائرات محدودة من هذا النوع، ولا يتعدى في المجموع العشرة موزعة على القوات الجوية ووكالة ناسا والبحرية الأمريكية. وتتمركز الطائرة التي أسقطتها إيران في ملكية البحرية وكانت تنطلق من الإمارات العربية المتحدة لمراقبة منطقة الخليج بالكامل، خاصة وأنها تحلق على علو يصل الى 20 كلم، وهو علو كافي لتصوير مساحة هائلة من الخليج العربي.
وتقوم هذه الطائرة التي لها مهام القمر الاصطناعي ولكن بعامل مساعد وهو قدرتها على التحليق على مستويات منخفضة وعليا وتغيير في السرعة، مما يؤهلها لرصد قوي، تقوم بمراقبة قوات العدو وتأمين سلامة القوات العسكرية الأمريكية من أي هجوم مباغت خاصة من الجو، كما تساعد على توجيه القوات الجوية والبرية لتحديد الأهداف خلال عمليات استهداف العدو.
ويجهل نوعية الصاروخ الذي أسقطت به إيران هذه الطائرة، هل هو من فصيلة “إس “300 أم سلاح محلي الصنع. لكن يبقى في آخر المطاف، إسقاط طائرة تعد تاج الصناعة العسكرية الأمريكية حدثا مهما في عالم الحروب.

- روايتان لسقوط الطائرة

أعلن الجيش الأميركي أن طائرة الاستطلاع المستهدفة «RQ-4 Global Hawk» كانت، أثناء استهدافها، «تحلّق على ارتفاع شاهق في المجال الجوي (الدولي) فوق مضيق هرمز، على بعد 34 كلم تقريباً من أقرب نقطة يابسة على الساحل الإيراني، في محيط ممرات جوية معترف بها قانونياً بين دبي ومسقط». في المقابل، ذكرت إيران أن الهدف كان في إقليم هرمزجان وضمن نطاقها الجوي. ونشر وزير الخارجية، جواد ظريف، إحداثيات الطائرة، مرفقاً إياها بخريطة للمسار الذي سلكته، كاشفاً أن بلاده عثرت على حطام لها في المياه الإقليمية. أما بيان الحرس الثوري، الذي أوضح أن الطائرة أقلعت من قاعدة الظفرة الإماراتية، فلفت إلى أنها «خلافاً لقوانين الملاحة الجوية، أطفأت جميع الأجهزة، مواصلة مسارها من مضيق هرمز نحو جابهار».

- طهران ترفع جاهزيتها وواشنطن نحو «رد محسوب»

من حرب الناقلات في البحر، إلى الجو هذه المرة، أتت المفاجأة مؤذِنةً بتوسّع الاشتباك على وقع التوتر بين إيران والولايات المتحدة، وواضعة جميع الأطراف في المنطقة أمام حسابات أكثر تعقيداً وحساسية. لم تتردّد طهران، أمس، في تبني إسقاط الطائرة الأميركية بدون طيار، وبادر حرسها الثوري إلى إعلان الخبر وتحمّل المسؤولية، ونشر فيديو الهجوم لاحقاً، ما أحدث ارتباكاً في الولايات المتحدة بدأ مع نفي الخبر ومن ثم تأكيده، ولم ينته باجتماعات البيت الأبيض. التأمت إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ليقدّم «البنتاغون» بعد بحث مع مجلس الأمن القومي، مجموعة سيناريوات للرد على العملية الإيرانية، إذ نقلت قناة «الحرّة» الأميركية عن مسؤول في «البنتاغون» قوله: «قدّمنا عدّة سيناريوهات لردّ عسكري ضدّ إيران ومنشآتها، والقرار الآن بيد الرئيس». جاء ذلك بعدما أطلق ترامب تغريدته المقتضبة: «إيران ارتكبت خطأ فادحاً جداً». ذروة الارتباك الذي خيّم على إدارة ترامب، ظهرت أثناء لقاء الأخير مع ضيفه رئيس الوزراء الكندي، حين احتمل الرئيس الأميركي أن هذا «الخطأ» قد يكون عبارة عن ضربة من طريق الخطأ أو تصرّف فردي من شخص «غبي»! وهو تصريح فقد مضمونه سريعاً بعدما نشرت القوات الإيرانية فيديو لعملية إسقاط الطائرة بمنظومة الدفاع الجوي «3 خرداد» المحلية الصنع.

حتى ليل أمس، بقي الاهتمام منصبّاً على تفسير تصريحَي ترامب الملتبسين، وبينهما ردّه على سؤال الصحافيين: «ستعرفون قريباً»، لفهم احتمالات الرد وطبيعته، على حدث طاول الهيبة العسكرية الأميركية، وتسبّب برفع سعر النفط العالمي 4.35 %، و5.56 % في الولايات المتحدة. بدا ترامب في ورطة كون خياراته مرهونة بقراره عدم خوض الحرب، أولاً، ومن ثم صعوبة تحديد الرد تحت هذا السقف تحسباً للرد الإيراني على الرد، ثانياً، فضلاً عن التصريحات شبه اليومية الصادرة من مسؤولي البيت الأبيض الجازمة بأن أي استهداف للمصالح الأميركية في المنطقة سيتم الرد عليه. استهداف حصل أمس بالأمس، مطاوِلاً للمرة الأولى هدفاً أميركياً، وليس لأحد حلفاء واشنطن، وذلك على بعد ساعات فقط من حديث وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، حول «ردع» إيران. بالموازاة، لم يتكشف الكثير بعد عن طبيعة موقف الكونغرس والخيارات التي قدّمها في اجتماعات البيت الأبيض أمس، والتي سيكون لها الأثر البالغ في كيفية التعامل الأميركي. ووفق صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، فإن تصريحات ترامب التي أرفقها بالقول «كان الأمر سيختلف كثيراً لو كانت الطائرة مأهولة»، تُعدّ بمثابة «مخرج» له من الأزمة. ويفسّر حجم الإرباك الأميركي ما نقلته الصحيفة نفسها، عن مصادر في «البنتاغون»، من أن الضربة شكّلت مفاجأة لبعض قادة وزارة الدفاع، حيث أن «RQ-4 Global Hawk» المسقطة (يقدّر ثمن هذه النسخة منها بـ 222.7 مليون دولار) طُوّرت في الأساس لتجنّب سلاح مثل المنظومة الإيرانية التي أسقطته.
وإذ تعلو أصوات رافضي الحرب في واشنطن من الحزبين، على المتحمّسين لها من صقور الإدارة كما ظهر في الكونغرس، ربما تكون النتيجة الأقرب للنقاشات الأميركية ما قاله زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، عقب لقائه ترامب أمس، من أن الإدارة «تعدّ ردوداً محسوبة»، بمعنى أنها لا تجرّ الأوضاع نحو الحرب.
حتى جلاء الموقف الأميركي، يتصرّف الإيرانيون على أساس أسوأ الاحتمالات، من خلال رفع جاهزيتهم في الداخل تحسّباً لأي رد فعل عسكري أو أمني. وهو ما أكده، أمس، قائد الحرس الثوري، حسين سلامي، بالقول إن ما جرى «رسالة واضحة وقاطعة بأن المدافعين عن الوطن الإسلامي جاهزون للرد على كل عدوان أجنبي، وردنا سيكون قاطعاً وحازماً». وفي الخارج، جاهزية لحلفاء طهران، وكذلك للقوات الإيرانية في سوريا، حيث علمت «الأخبار» أن هذه القوات نفّذت استنفاراً في نطاق تواجدها في الشرق السوري تحسّباً لسيناريو اختيار الأميركيين الرد على أهداف خارج منطقة الخليج. رغم ذلك، أبقت المؤسستان العسكرية والسياسية على موقف أن إيران لا تريد الحرب. وفي هذا الإطار، أبلغت طهران، سويسرا، بصفتها ممثلة للمصالح الأميركية لديها، رسالة احتجاج على الخرق الأميركي. كذلك، بعثت الحكومة رسالة إلى الأمم المتحدة جاء فيها: «لا نريد دخول حرب، لكننا نحتفظ بحق الدفاع عن النفس ضد أي اعتداءات».

«خرداد 3» ليست الأحدث

للمرة الأولى منذ سنوات، تخضع الدفاعات الجوية الإيرانية الصنع لاختبار ميداني حقيقي. وعلى رغم أن منظومات الدفاع الجوي الإيرانية، في أغلبها، نسخٌ معدّلة عن منظومات روسية، إلا أن الإيرانيين يؤكدون تطويرها وتحسين أدائها، بما يتناسب مع التهديدات والأهداف، مقابل التشكيك الغربي في قدرات الإنتاج الإيرانية. هذه المرة، كان الاختبار من نصيب منظومة «3 خرداد» الدفاعية الجوية التي أسقطت طائرة الاستطلاع الأميركية المسيّرة «RQ-4 Global Hawk». أزيح الستار عن «3 خرداد» في عام 2014، وهي نسخة معدّلة ومطوّرة من منظومة «بوك M2» الروسية. والمنظومة، كما تعرّف عنها القوات الإيرانية، تمتلك مميزات عدّة تجعلها قادرة على التعامل مع الأهداف المفاجئة والقريبة والمتوسطة، بشكل سريع وسهل عملياً. وهي قادرة على التصدّي للأهداف الجوية حتى ارتفاع 27 كم، وتبدأ التعامل مع الأهداف ابتداءً من بعد 75 كم، ويمكنها الاشتباك مع أربعة أهداف في الوقت نفسه. كما أن المنظومة مصمّمة في الأساس لاعتراض الطائرات و القاذفات و صواريخ «كروز» المجنّحة. ومن أبرز مميزاتها أنها تتحرك وتعمل منفردة، إذ إن الصواريخ ونظام الإطلاق والرادار والاتصالات، جميعها في مركبة واحدة متوسطة السرعة. تجدر الإشارة إلى أن «3 خرداد» ليست الأحدث، ولا الأكثر تطوراً في المنظومات الإيرانية، إذ منذ أيام قليلة فقط أُعلن عن منظومة دفاع جوي جديدة، سُمّيت «15 خرداد».



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 88 / 2184555

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع تقارير وملخصات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

7 من الزوار الآن

2184555 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 2


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40