الجمعة 3 أيار (مايو) 2019

هل احتكم عاهل الأردن للعقد الاجتماعي الأصيل في تغييراته؟

الجمعة 3 أيار (مايو) 2019

هل احتكم عاهل الأردن للعقد الاجتماعي الأصيل في تغييراته؟ “مرتكزات دستورية” يعد الجنرال الطازج حسني بالحزم في الحفاظ عليها.. والملك يجعلها السبيل للدولة الحديثة.. “طيف” الدكتور عمر الرزاز حاضر في التكليف والجواب فهل أمسك “الولاية العامة” فعلاً؟

“رأي اليوم” / فرح مرقه

لعل اثنتين من الجمل اللتين تنقلتا بين عاهل الأردن ومدير المخابرات قادرتان على شرح شقّ أساسي من المرحلة الحالية وأولوياتها، خصوصاً وهما اللتان تضمنتا بوضوح الحديث عن “مرتكزات” في الدولة، حيث يذكر الملك عبد الله الثاني مدير مخابراته الجنرال أحمد حسني “بأن الدائرة تصدّت لكل من تسول له نفسه محاولة العبث بالمرتكزات الدستورية”، فيجيب حسني “في كتابه الجوابي المطول” سنتعامل بحزم مع كل محاولات المساس بالثوابت الوطنية الأردنية، والتصدي بعزم وقوة لكل من تسول له نفسه العبث بالمرتكزات الدستورية”.
بتعبير “المرتكزات الدستورية” يتناقل الملك مع مدير مخابراته إذن المشهد الأردني في الكتاب الملكي التكليفي والجواب عليه، وهنا أساساً، استحداثٌ لطريقة تكليف لم يعهدها الأردنيون مع مدراء المخابرات في السابق. التعبير المذكور يظهر بوضوح عاهل الأردن وهو يحتكم للدستور في توجيهاته، ويذكر لفظ مرتكزاته، بما يوحي بأن الملك في هندسته الجديدة للمشهد الأردني يخرج من الإطار السياسي للبلاد كل من لم يشكل في الدستور أصلاً وأساساً.
بهذا المعنى، يبدو أن الملك يشير إلى التحركات التي صدرت خلال الفترة الماضية ضدّه شخصياً، أو ضد ولي عهده، من عشائر وتجمعات وأشخاص، وهو الأمر الذي حضّر له الجنرال الطازج مفردة “التعامل بحزم” والتي تشي بالمزيد من تغيير شكل التعامل الأمني مع هذه التحركات.
في هذا السياق، ليس من التجني أو الخروج عن النصّ القول ان البيانات والمطالبات الشخصية بالإضافة للتحركات الغامضة، التي صدرت خلال الفترة الماضية ستكون تحت المجهر في مرحلة الجنرال حسني، بالإضافة الى أن عمان، قد تشهد عمليات ضبط تحت شعار “الحفاظ على الدستور”.
في هذا السياق، يمكن ملاحظة ان عاهل عمان قد بدأ بنفسه وقصره الملكي، حيث خفف من زخمه التنفيذي، وهو ما كان النشطاء في الشارع يطالبون به باعتبار أي شخص عدا الملك ذاته وولي عهده لا يملك “مرتكزاً دستورياً حقيقياً” يتحرك في سياقه من القصر الملكي. بهذه الصورة ودون فوضى يمكن اعتبار الملك احتكم للدستور وطبّقه قبل أن يُطالب بتطبيقه على غيره في تعديلات حوّلت النشاط في الديوان الملكي لاستشاري خاص للملك، ليطالب بأريحية بالتعامل بحزم مع من يخلخلها.
مدير المخابرات الجديد والذي من الواضح انه مدركٌ بدقة لشكل المرحلة المقبلة، أجاب في كتاب بدا معدّاً سلفا بالتزام الدائرة بضمان الحريات مقابل الحزم مع التعامل مع المرتكزات الدستورية، وهو الأمر الذي يتطلب مراقبة التعامل الأمني في المرحلة القادمة وملاحظة الموازنة بين الشقّين عن قرب.
المرتكزات الثانية التي تداولها الملك مع مدير مخابراته كانت “مرتكزات الدولة الحديثة” والتي وردت ضمن جملة ” كان وسيبقى الاستمساك فيها بالدستور والقانون، واحترامهما مصدرا أساسيا لاستقرار بلدنا ومنعته، مثلما ستسهم هذه المنهجية وهذا التطوير، بلا شك، في إرساء بيئة محفزة وممكنة تقودنا إلى تعزيز وتدعيم مرتكزات الدولة الحديثة الأمر الذي من شأنه بالنتيجة أن يدعم الاقتصاد الوطني ويوجد حلولاً لمعالجة البطالة وتوفير متطلبات العيش الكريم لشبابنا الغالي.” وهو الأمر الذي تفاعل معه مدير الدائرة وبجملة مشابهة تعد الملك بأن يكون همّ الدائرة “تحقيق مصلحة الوطن والمواطن، وإرساء بيئة محفزة تعزز وتدعم مرتكزات الدولة الحديثة. “
تداول مصطلح “الدولة الحديثة” يدعم بالضرورة الرجل القوي خلف كل المشاهد الحالية، وهو رئيس الحكومة الدكتور عمر الرزاز، الذي تحمل مفرداته تراتبية “الدستور فالقانون فالدولة الحديثة فالإنتاج”، ليظهر الملك بهذا الشكل وكأنه يعود شخصياً للعقد الاجتماعي الأصيل بينه وبين الأردنين، حيث له الإمارة والحكم، وللحكومة “ولو إيحاءً هنا” لها الولاية العامة، وهو ما طالب به الأردنيون طويلاً، بينما كان الدكتور الرزاز يهندسته بطريقته وعلى مهل.
الحديث عن الدولة الحديثة في خطاب مدير المخابرات تحديداً، يوحي بأن رئيس الحكومة الحالي الذي يؤمن “بالبطء والعمق” في تغيير معطيات وتفاصيل المشاهد المرفوضة في البلاد، يحظى بالغطاء الملكي حتى اللحظة ليتمّ مسيرته، وأن الدائرة التي كان فيها عدد من الجنرالات العاملين ضد الدكتور الرزاز تشهد مرحلة جديدة.
بهذه الصورة، ورغم أن المشهد يبدو مشرقاً، إلا ان الرزاز اليوم يقف أمام مسؤولياته وجهاً لوجه، وبالتالي أمام الشارع ليثبت أن ما يتغير في المملكة لصالحه مُستحقّ، وهذا ما سيظهر في رمضان القريب. وهنا من المفيد مراقبة تحركات الرزاز الذي يعكف على إعداد القوانين والأنظمة التي قد تشكّل فارقاً حقيقياً في المشهد.
الرسالة الملكية، أكدت أيضاً على أن خروج الجنرال المهذب عدنان الجندي كمدير للدائرة من المشهد لا يعني أن الأخير كان المتسبب بالفوضى، خصوصا وأن الملك رفّعه لرتبة فريق وذكره كبادئ في مسيرة يكملها الجنرال أحمد حسني حاتوقاي، ولكن هذا يعني بالضرورة أمرين، الأول التغير في ذهنية التعامل مع الخارجين من المشهد الرسمي والأمني من جهة، والثاني أن مرحلة الجندي تحتاج لاستكمال بصورة مختلفة وأكثر حزما.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 7551 / 2184556

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع تقارير وملخصات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

4 من الزوار الآن

2184556 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 4


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40