تكشف العملية الإرهابية الواسعة التي تشنها قوات الاحتلال على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، بذريعة البحث عن ثلاثة مستوطنين اختفوا بين بيت لحم والخليل منذ أيام، عن نوايا وأهداف “إسرائيلية” تتجاوز بكثير أهدافها المعلنة، في العثور على هؤلاء، إلى تنفيذ مخططات عدوانية ظلت حبيسة الأدراج لسنوات طوال، بعد أن فشل الاحتلال في تنفيذها .
فعملية الرعب “المتدحرجة”، كما يسميها الاحتلال، التي بدأت في الخليل وانتشرت كالنار في الهشيم في بقية أرجاء الضفة الغربية وصولاً إلى غزة، وما يرافقها من غارات وقمع وحملات بطش وإرهاب واعتقال وتدمير وعقاب جماعي للفلسطينيين، باتت تفصح عما هو أخطر من البحث عن ثلاثة مستوطنين لا يزال الغموض يحيط بملابسات اختفائهم . يسعى الاحتلال، استناداً إلى غطرسة القوة التي يمتلكها، إلى تحقيق ما عجز عن تحقيقه في مفاوضات التسوية، التي استغلها أحسن استغلال في مضاعفة أعداد المستوطنات والمستوطنين أضعافاً مضاعفة، وفرض التهويد شبه الكامل على القدس وحتى منازعة الفلسطينيين، بل العرب والمسلمين، المسجد الأقصى، وهو يحاول الآن فرض حله هو وفق سيناريوهات معدة سلفاً لتصفية قضية الشعب الفلسطيني . أولى خطوات هذه السيناريوهات بدأت بأخذ فلسطينيي الضفة رهينة، مروراً باعتقال مئات القيادات والكوادر الفلسطينية بمن فيهم الأسرى المحررون، ثم التهديد بالإبعاد، في محاولة لاجتثاث المقاومة وضرب الحركة الوطنية الفلسطينية في مقتل، وصولاً إلى تقطيع أوصال هذا الشعب وإضعافه عبر تفريغ الأرض من سكانها الأصليين وتحويلها إلى معازل وكانتونات، ليتسنى له تحقيق أهدافه النهائية في السيطرة على الأرض وتهويدها بالكامل تحت سمع وبصر العالم الذي لم يحرك ساكناً .
هذا الصمت المريب يقابله تصاعد التهديد لدى قادة الاحتلال بشن حرب عدوانية واسعة تشمل الضفة وغزة، يمكنه من خلالها ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، إذ إنها ستنهي قضية الأسرى وتقضي على المصالحة الفلسطينية قبل أن يجف حبرها، وتتيح للاحتلال تكريس سيناريو العزل والكانتونات على أرض الواقع، بالتساوق مع الدعوات المتزايدة لضم “يهودا والسامرة” أي الخليل ونابلس، وتنفيذ انسحاب أحادي في الضفة على غرار ما حدث في غزة .
في خضم هذه الحرب الوحشية التي تستهدف البشر والشجر والحجر، بات يخشى فعلاً من ضياع قضية الأسرى وإضراب المعتقلين الإداريين الذي مضى عليه ما يقارب الشهرين، فيما ينبغي أن تظل قضية الأسرى هي العنوان والبوصلة للحفاظ على روح المقاومة والصمود . وهو ما ينبغي على السلطة الفلسطينية أن تدركه، قبل فوات الأوان، بدلاً من التنسيق الأمني مع الاحتلال، إذ إن السلطة باتت مطالبة أكثر من أي وقت مضى، بالانحياز لشعبها، والتحرك فوراً وبقوة على الساحتين العربية والدولية لوقف هذه الحرب العدوانية، وليس الاختباء وراء مفردات الشجب والاستنكار وإلقاء اللوم على المقاومين . فالقضية لم تعد تحتمل الانتظار، ولا أحد يمكنه أن يتكهن بما يمكن أن يتمخض عنه الغضب الفلسطيني، سواء جاء على شكل انتفاضة جديدة أو ثورة شعبية قد تعيد خلط الأوراق في المنطقة، وربما تكون السلطة نفسها إحدى ضحاياها .
السبت 21 حزيران (يونيو) 2014
حتى لا تضيع البوصلة
السبت 21 حزيران (يونيو) 2014
par
يونس السيد
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
68 /
2189789
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
11 من الزوار الآن
2189789 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 11