الثلاثاء 22 نيسان (أبريل) 2014

الحل هو “الحل”

الثلاثاء 22 نيسان (أبريل) 2014 par أمجد عرار

مع كل جولة مفاوضات فاشلة يصدر تهديد عن مسؤولين فلسطينيين بحل السلطة، وإعادة العهدة القانونية للاحتلال في تولي شؤون الفلسطينيين كشعب تحت الاحتلال . ومع كل تهديد كهذا تنشط التكهنات ويجد المحللون فرصة للاستعراض على الفضائيات، منهم من يكمل لهجة التهديد ويدور في فلكه التكتيكي، ومنهم من يحذّر من خطورة هكذا خطوة وكأن الجبن السياسي قدراً يريدون فرضه على شعب مناضل . وهناك من طالب قبل خمسة عشر عاماً بحل السلطة بعدما تبيّن انها السقف الأعلى الذي حدّدته “إسرائيل” للتسوية السياسية، بل إن هناك من رفض الحل السياسي بمجمله الذي أفضى إلى إنشاء السلطة، باعتبار أن الصيغة السياسية بطبعتها الأمريكية المتمثّلة باتفاقات أوسلو، لم تكن حلاً بقدر ما كانت مخرجاً للاحتلال الذي جنى الثمن انفتاحاً على دول كانت تغلق أبواب العلاقات أو التطبيع في وجهه، في حين تغيّر شكل الاحتلال مع إيلاء بعض المهمات الخدماتية للسلطة الفلسطينية، علماً بأن الخدمات المنقولة كانت عبئاً على “إسرائيل”، وسقطت عن كاهلها .
القضية الفلسطينية بالأساس قضية وطنية سياسية، قضية وجودية لشعب اقتلع من أرضه في واحدة من أبشع النكبات في تاريخ الشعوب، وليست قضية خدماتية يمكن حلها بتولي ملفات التعليم والصحة وتنظيف الشوارع، وكل ذلك على جزء من الأرض ومن دون سيادة حقيقية أو حتى شبه حقيقية . القضية في جوهرها بدأت تتمثّل في تحويل أغلبية الشعب الفلسطيني إلى لاجئين في أصقاع الأرض، الملايين منهم يتجاورون مع القوارض والذباب في مخيمات لا تصلح لمرور البشر منها، فما بالكم بالإقامة . وللتذكير، فإن القضية الفلسطينية بدأت وحملت هذا الاسم بعد نكبة عام ،1948 وليس بعد احتلال الضفة وغزة وشرق القدس عام ،1967 وحتى لو سلّمنا بمشروع الإجماع الفلسطيني حول الحل المرحلي المتمثّل بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود ال67 وعاصمتها القدس، فإن حق العودة وفق القرار الدولي 194 هو جزء من الحل المرحلي، فأين قضية اللاجئين وحق العودة من المفاوضات والصيغ التي وقّعت في أوسلو والقاهرة وطابا، وأنشئت السلطة بموجبها؟ . وقبل ذلك، القدس أخرجتها “إسرائيل” من التداول، والدولة لم تعد سوى ديباجة خطابات ومقررات قمم ومجالس، والأرض لا يسمع أحد صرخاتها بفعل هدير الجرافات الاستيطانية . حتى الأسرى ما زال منهم خمسة آلاف خلف القضبان، وما زال الاحتلال يعتقل عشرات الفلسطينيين كل ليلة في مدن الضفة وقراها ومخيماتها، وما زال يقصف غزة ويجتاح أطرافها بين الحين والآخر، بل ويرسل طائرات من دون طيار لاغتيال الفلسطينيين في عمق غزة .
كل هذا الواقع ما زال محفوراً في كبد الشعب الفلسطيني بعد إحدى وعشرين سنة من توقيع اتفاق أوسلو، وما زال هناك من الفلسطينيين من يضع فشل المفاوضات في صيغة شرطية ليقول لنا كلّما دق الكوز بالجرة “إذا فشلت المفاوضات” . ما هي معايير ومحددات الفشل إذن؟، هل يتجلى الفشل بوصول الجرافات إلى الطاولة التي يجلس عليها المفاوضون الفلسطينيون كي يتذكروا أن هذه الجرافات ومعها الدبابات والطائرات بلا طيار هي مَن يترجم المعاني الكامنة في اتفاقات تحمل زوراً عنوان السلام؟ . مع ذلك، فليرح المحللون أنفسهم، لأن الحل الأولي الوحيد الذي يبدأ بحل السلطة، لن يبدأ .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 22 / 2182463

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2182463 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40