الاثنين 30 كانون الأول (ديسمبر) 2013

هل تتحوّل مصر إلى دولة فاشلة؟

الاثنين 30 كانون الأول (ديسمبر) 2013 par حسين لقرع

يبدو أن الانقلابيين مصرّون على إستعداء ملايين المصريين ولو أدى ذلك إلى الزجّ بالبلد في أتون حرب أهلية طاحنة قد تهلك الحرث والنسل.

وعندما يظهر رئيسُ وزراء الانقلابيين بعد ساعات قليلة من وقوع عملية المنصورة الارهابية ويتهم الإخوان بارتكابها، قبل أن تبدأ التحقيقاتُ الأمنية، ودون أن يقدّم دليلاً واحداً، ثم يسارع مجلسُ الوزراء إلى إعلان تصنيف الإخوان “جماعة إرهابية” بعد يوم واحد من الجريمة، فإن هذا يعني أن كل شيء كان مرتبا وجاهزا ومُدبَّرا له بليل، ونُفذ بإحكام قصد توفير ذريعة لتصفية الجماعة.

وبموجب القرار الجديد، سيعاقب كل مشارك في المظاهرات بخمس سنوات سجناً، وكل من يترأس مظاهرة بالإعدام، وهي عقوبات غير معقولة ولم تضعها سوى الأنظمة الفاشية الأكثر استبداداً في التاريخ، ما يعني أن النظام الانقلابي لم يعد يختلف عن أنظمة الشاه وتشاوسيسكو ولينين وستالين والأسد والمرحومين صدام والقذافي وباقي الأنظمة العربية الديكتاتورية، وتجاوز نظامَ مبارك في استبداده وقمعه. ولكن النظام الانقلابي لم يوضح كيف سيسجن ملايين المصريين الذين يشاركون في المظاهرات، وأين هي السجون التي ستتسع لهم؟ اللهم إلا إذا كان ينوي فتح معتقلات شاسعة لهم في الصحراء.

وبموجب هذا القرار أيضاً، فقد تمّ حظر الأعمال الخيرية لآلاف الجمعيات الخيرية المرتبطة بالإخوان، وأصبح ملايين المرضى في خطر، ومئات الآلاف من اليتامى والأرامل الذين كانت تعيلهم عرضة للضياع، وملايينُ المصريين عرضة للفقر المدقع وانقطاع المساعدات عنهم، في ظل عجز الدولة عن القيام بواجباتها الاجتماعية، وبذلك ينطبق على النظام الانقلابي المثلُ الجزائري القائل “لا يرحم ولا يترك رحمة الله تنزل”.

أما الأخطر مما سبق، فهو شروع جرائد الفتنة والتحريض على الكراهية والإقصاء في نشر أرقام هاتفية للأمن، داعية المصريين إلى الاتصال بها للتبليغ عن الإخوان حتى يتم القبض عليهم وإحالتهم إلى القضاء بتهمة “الانتماء إلى جماعة إرهابية؟”، ما يعني أن إعلام الدم والحقد يريد تحويل ملايين المصريين إلى مُخبرين للانقلابيين، وتكريس انقسام المجتمع إلى فئتين كبيرتين، تسود بينهما علاقات متوترة قائمة على البغضاء والصراعات والتناحر.

ولا يُستبعد في ظل هذا التصعيد الفرعوني، أن ينزلق البلد إلى حرب أهلية تأتي على الأخضر واليابس، فمادام الانقلابيون يعتبرون أزيد من 5 ملايين مصري “إرهابيين”، لأنهم ينتمون إلى الإخوان، وقرروا تصعيد أعمال القتل والتنكيل ضدهم ومطاردتهم في كل مكان لإنزال عقوبات ثقيلة بحقهم، فلا يُستبعد في هذه الحالة أن يلتحق الآلاف منهم بالجماعات السلفية المرتبطة بـ“القاعدة” في سيناء، وبذلك يمنح لها الانقلابيون فرصة عظيمة لتقوية صفوفها وتوسيع نفوذها وهيمنتها على سيناء، ثم الانتقال إلى مختلف المدن المصرية كما تفعل الآن في سوريا.

لقد برهن الإخوان طيلة 6 أشهر من المظاهرات على تمسُّكهم بسلمية احتجاجاتهم برغم كل المذابح والتنكيل الذي تعرضوا له، بل إنهم برهنوا على ذلك طيلة 85 سنة من تاريخهم، وأكدوا أنهم معتدلون وسطيون مسالمون، ولكن نظام البغي والعدوان إعتبر جماعتهم “إرهابية” لأول مرة في تاريخها، وصعّد القمع والتنكيل والمطاردات بحق أنصارها، وهو بذلك يقوِّي صفوف المتطرفين الذين طالما روّجوا لفكرة أن الأنظمة العربية لا تفرِّق بين إسلامي معتدل وآخر متشدِّد، بل تعتبرهم كلهم متطرفين وتقوم بإقصائهم دون استثناء.

لقد فوّت الانقلابيون على مصر فرصة كبيرة للعودة إلى التخندق في صفوف الأمة ومناصرة قضاياها مجدداً، وحوّلوها مرة أخرى إلى شوكة في حلقها بدل أن تكون شوكة في حلق الصهاينة والأمريكيين، وها هم الآن يجرّونها جرا، بتهوّرهم واستبدادهم ونزعتهم الإقصائية، إلى حرب أهلية خطيرة قد تحوِّلها إلى دولة فاشلة جديدة في المنطقة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 87 / 2182362

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

21 من الزوار الآن

2182362 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 22


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40