أقل ما تستحقه ذكرى النكبة، جود العرب بالكلام . خذ من البحر ما تشاء . لكن لا تنس أن النكبة كبرت، لكنها إذا تقدم طبّ علاج المناعة عندنا ستنجب الأمة ولو بعد سن اليأس .
لقد خدعنا المثل المكار: “المصيبة إذا عمت هانت” . كأن العرب قالوا: كيف نخلص من مصيبة النكبة؟ ووجدوا الحل: نعمّمها، نعوّمها، يشرب من الزقوم كل حلقوم، ويتشرق كل حلق لدى الخلق . “لا تشكي لي، أشكي لك”، على رأي الخنساء: “ولولا كثرة الباكين حولي . . على أوطانهم لقتلت نفسي” . لكن لا يأس مع الأمل، لك أن تحاضر في النكبة وتأتي بسحر البيان كما طاب لك، أمام أهل ليبيا والعراق والصومال . . كل واحد سيشير إلى نفسه: “إليك يساق الحديث” .
من سخريات الأيام أن للنكبات طفرات . حتى لا يتوهم أهل الاقتصاد أنه وحده أبو الطفرات . عالم الأحياء له طفرات، من الحشرات فما دونها وما فوقها . حتى الفنون والآداب لها طفراتها . سنة سبع وستين طفرة نكبويّة، لانحسار آفاق الأمل في تحرير فلسطين . سقوط بغداد فاقم رصيد النكبة، لأن مفهوم منعة الأسوار انهار . ولد مفهوم جديد: نمدّ الشعب بما يقتل به نفسه .
الربيع العربي، كانت فيه الأشجار مزهرة، جاهزة تماماً للإثمار، تواقة لموسم جني الثمار . كانت الأرض والحقول متعطشة إلى أن يجودها الغيث إذا همى . فإذا بها بعاصف قاصف من البرَد، لم يبقِ ولم يذر . لا شك في أن الأشجار لا تموت إذا أجدب ربيع . ولدى الشعوب والأمم، متى اتقدت الهمة، ما يضع النكبات على رفوف الأرشيف، إنما لا لتنسى . فالأمة في مواجهة عدو لكل الأمة، والبرهان أنه لم ينس خيبر، ويطالب بتعويض لبني قريظة وبني القينقاع . وخيبر كأنها أمس إذا قيست على السبي البابلي على يد نبوخذ نصر، أو ادعاء أنهم بناة الأهرام . وساء افتراء وإفكاً .
لزوم ما يلزم: المفارقة الرهيبة بعد ست وستين سنة، هي أن النكبة كبرت، والأمة صغرت .
السبت 17 أيار (مايو) 2014
ذكرى لم تنفع فيها الذكرى
السبت 17 أيار (مايو) 2014
par
عبداللطيف الزبيدي
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
10 /
2188046
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
21 من الزوار الآن
2188046 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 22