السبت 26 أيار (مايو) 2012

معنى الرئيس المصري

السبت 26 أيار (مايو) 2012 par عبداللطيف الزبيدي

ليس مهماً من يكون الفائز في الانتخابات المصرية، الأهم هو أن يكون الرئيس مصرياً بحق، ولكي يكون مصرياً بحق، يجب أن يخلّص أرض الكنانة من فخ «مصر أولاً»، تلك هي الخدعة التي نتفت ريش النسر، وجعلته بطة عرجاء طوال عقود، مصر هي أرض كنانة العرب أو لا تكون.

جرّاح السياسة والدبلوماسية الرهيب، هنري كيسنجر، اقتلع قلب الأمة، وزرع مكانه قلباً بلاستيكياً يعمل ببطارية أجنبية. صار القلب آلة مبرمجة إلى حين، ولكن أصالة الجسم رفضته ولفظته في نهاية المطاف، فليس على الجسد بعد من مخاف، لهذا يجب ألا يقع الرئيس الجديد في الجحر نفسه ويلدغ مرة أخرى.

على الرئيس الجديد أن يكون في مستوى قراءة التاريخ واستقرائه، والمنطلق بسيط: هل يعقل أن يكون القدامى قبل عشرات القرون أعظم تقديراً وتدبيراً من أهل القرن الحادي والعشرين؟ عندما تحدثت عن معركة قادش التي خاضها رمسيس الثاني ضد الحيثيين الذين كانوا حيث تركيا اليوم، كنت أريد أن يقرأ القارئ بين السطور السؤال: لماذا انطبق على مصر في العقود الماضية قول الطغرائي:

تقدّمتني أناسٌ كان شوطُهُمُ

وراء خطوي إذا أمشي على مَهَلِ

أمجاد التاريخ لا أهمية لها على الإطلاق إذا هي تحوّلت إلى تُحف في المتاحف وسطور في كتب صفراء. لا شك في أن للشعوب مرتفعات ومنحدرات في تاريخها، ولكن المهم هو أن تكون القمم دوافع إلى الارتقاء، والمنخفضات بواعث على الصعود، «ومن يتهيّبْ صعود الجبال .. يَعِشْ أبد الدهر بين الحُفرْ».

إلى أين حملتني حملة الانتخابات المصرية؟ العتب على البحث عن الأمجاد. البحث عن القائد الذي يقرأ التاريخ جيداً، ويتّبع أحسنه، هو ذلك الذي لا يرى الشعب قطيعاً يستفيد منه، من صوفه ولحمه لسنوات، ولا يهمّه بعد ذلك ما يكون. الراعي الجيد هو ذلك الذي يرى أن الرعية ثروة يمكن أن تصبح ألف ثروة، فالدولة الفعالة تحوّل الشعب إلى طاقة متجدّدة مشعة منيرة، لا مجرد مخزون للاستهلاك الآنيّ.

مصر كانت قبل آلاف السنين مدرسة لفلاسفة اليونان وعلمائها، وتستطيع اليوم أن تعيد الكرة فتكون للأقربين مَعيناً لا ينضب، وللأبعدين نموذجاً ونبراساً. وهذا هو ما يجب أن يدركه الرئيس الجديد.

إذا استطاع رئيس مصر المنتخب أن يكون مصرياً بحقّ، فسوف يكون عربياً بحق، فعظمة أيّ شعب تبحث عن الانتساب إلى رمز من صميم الشعب، وفي مصر رموز لا تُحصى من قامات التاريخ، إذا قُرِئ التاريخ جيداً.

على الرئيس الجديد أن يضع في الحسبان أن حدود مصر أوسع بكثير مما تُصوّرها خرائط الجغرافيا، فالخرائط الحقيقية يجب رؤيتها في كتابات المبدعين من كتّابها وشعرائها وفنانيها. حدود مصر لا تقف عند حدود الخريطة، ذلك قليل على أرض الكنانة، إنها قلب أمة. هذا كل ما يريده العرب من رئيس مصر. فحماسة الخطابة ضرورية أحياناً. معذرة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2165466

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2165466 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010