كان فاروق قدومي (أبو اللطف) يردد عبارة منغمة عن جولات بيكر وزير خارجية أمريكا الأسبق هي: بيكر رايح . . بيكر جاي . . هاتوا القهوة . . هاتوا الشاي .
وما يقوله الكتّاب اليهود عبر مختلف المنابر العبرية عن جولات الوزير كيري المكوكية في المنطقة يقترب مما قاله القدومي إن لم يكن في بعض العناوين يكرره .
ففي “يديعوت” و“هآرتس” و“إسرائيل اليوم” تلتقي مقالات عدة حول مشاوير كيري الجوية وإن كان بعضها يضيف إلى سخريته من جولات بيكر ما يسمى هذيانه أو نفاقه أو دونكيشوتيته .
وهذا الغضب المشوب بالسخرية من كيري يتزامن مع وعوده حول استمرار المفاوضات والتي وعد بأنها لا بد أن تتمخض عن إنجاز سياسي يمهد لوضع حد نهائي للصراع، وإن كان هناك مجال للسخرية لكن ليس على طريقة هؤلاء الكتّاب فإننا نقول إن الشهور التسعة التي مضى معظمها وهي مدة الحمل للتفاوض قد تنتهي بعملية قيصرية يموت فيها الجنين .
وهكذا نبقى بانتظار مبادرات أخرى يكون إنجازها الوحيد إضاعة الوقت وإتاحة الفرصة لتمدد المستوطنات وترسيخها والتوغل في مشروع التهويد والعبرنة .
لكن لماذا كل هذا الغضب من كيري؟ وكل هذا الهجاء السياسي لأمريكا؟
لم يسبق أن شن الإعلام الصهيوني مثل هذه الحملة على ولي النعم الأمريكي من قبل، فما بدأ على شكل عتاب بدأ يتحول إلى عقاب، لأن المطلوب من الولايات المتحدة باختصار شديد هو أن تتحول إلى ضاحية لتل أبيب وتضع كل إمكاناتها ومكانتها الدولية ودبلوماسيتها وترسانتها النووية في خدمة الاجندة الصهيونية . وأي خروج عن هذا النص هو بمثابة الخروج عن بيت الطاعة .
قبل أشهر وصف أحد الكتّاب اليهود كيري بأنه يموء كالقطط المريضة قياساً إلى وزراء خارجية سابقين في مقدمتهم هنري كسنجر كانوا يزأرون .
ففي ضوء أي معيار سياسي أو أخلاقي يتم تصنيف وزراء أمريكيين في خانات متناقضة؟ من الواضح أن من يريد الحصول على شهادة حسن سلوك من تل أبيب أن يبصم وهو مغمض العينين على ورقة بيضاء، فالحليف في مثل هذه الأحوال هو مجرد تابع أو صدى وعليه بعد أن استخدم الفيتو أكثر من أربعين مرة للدفاع عن استراتيجية الاحتلال والاستيطان أن يستمر شاهراً الفيتو حتى لو قرر الجنرال والحاخام معاً إبادة شعب بكامله .
فإلى متى يمكن لهذا الهجاء السياسي أن يستمر، دون أن تشعر الولايات المتحدة بأن للدلال السياسي حدوداً؟
ثمة أصوات الآن في الولايات المتحدة خرجت من نطاق الهمس على استحياء إلى العلن وبدأت تسحب بالتدريج بوليصة التأمين السياسية التي طوتها تل أبيب تحت إبطها وظنت أنها الآمر الناهي حتى لمن أرضعوها وغذوها وسلحوها ودافعوا عن أخطائها وخطاياها .
وإذا كان بيكر قد شرب الكثير من الشاي والقهوة في جولاته كما يقول القدومي فإن ما تقدمه تل أبيب للوزير كيري هو كؤوس مترعة بالهجاء والتنديد والوعيد .
السبت 11 كانون الثاني (يناير) 2014
كيري وبروتوس الأمريكي
السبت 11 كانون الثاني (يناير) 2014
par
خيري منصور
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
13 /
2198607
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
11 من الزوار الآن
2198607 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 10