لو أردنا النظر إلى ما قدم العرب للعالم وللإنسانية وللتطور الحديث لأدهشنا مانراه .
* أولاً: قدم العرب للعالم وللإنسانية الإسلام الحنيف - ذلك الدين الكريم، الدين الحق، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه . وفي دراسة مقارنة للأديان - وباعتراف غير المسلمين - إنهم يشعرون براحة فكرية وطمأنينة نفسية عندما يفهمون ويتفهمون الإسلام . وقد اعتنق الكثيرون الإسلام من غير العرب، وهم لا يفهمون العربية المكتوب بها القرآن الكريم .
* ثانياً: ثمة 300 مدينة أنشأها المسلمون . وعدها المؤرخ السوري القدير شاكر مصطفى - الذي عاش في دولة الكويت ومات فيها ( انظر كتاب أزمة التطور العربي ) الصادر عن المؤتمر المنعقد في جامعة الكويت عام 1973م . وكثير ممن رأوا البيئة الصحراوية التي ظهر فيها الإسلام . تصوروا أنه دين بدوي، لكنه في الحقيقة حركة معادية للبداوة . وكثيرة هي الآيات القرآنية الكريمة التي تندد بالأعراب، وتثني على العرب والقرآن الكريم يصف نفسه بأنه “قرآن عربي” .
* ثالثاً: كانت “قضية القضايا” التي شغلت الفلاسفة والمفكرين في تارخ الحضارة العربية - الإسلامية هي حالة التوفيق بين الفكر الديني والفكر العقلي: هل يلتقيان أم يتناقضان؟
فمن رآهما متفقين -وهم الأغلبية- ومن رآهما لايتفقان، وكان أول من تعاطي بشؤون الفلسفة والعقل الجاحظ، لكنه كتب في أمور عدة، منها شؤون “الحيوان” .
أما أول “فيلسوف” تؤرخ به الفلسفة في تاريخ الحضارة - العربية الإسلامية، فهو “الكندي” وهو عربي من بني كندة، وقد تصدى لهذه القضية وغيرها من القضايا الفلسفية الخالصة .
وليس ضرورياً أن يكون بقية الفلاسفة من أصل عربي . فقد ظهر الفارابي وإبن سينا، وهما ليسا من أصل عربي . وقد ارتبط الفارابي بالفيلسوف اليوناني أفلاطون . وحاول أن يكتب كتاباً شبيهاً بجمهوريته هو كتاب “المدينة الفاضلة” وهذا يدل على أن الفارابي كان يقرأ اليونانية .
أما ابن سينا، فقد كان نموذجاً للتلاقي والتلاحم بين الثقافتين العربية والفارسية . وإضافة إلى الفلسفة، كان طبيباً معروفاً وكان طبه يدرّس في أوروبا حتى قرون متأخرة . ومن روائعه في الشعر العربي “الحمامة” .
وفيها يقول:
هبطت إليك من المحل الأرفع ورقاء ذات تدلل وتمنع
وهي قصيدة طويلة، ويكني بها عن “النفس” في الإنسان . وله من الكتب المرجعية كتاب “القانون” في الطب .
* رابعاً: روح البحث العلمي: ينسب للعلماء العرب والمسلمين، نشرهم لروح البحث العلمي، ومنهم استقى علماء أوروبا هذه الروح، وعرفوا بها . وعلى عاتقهم أسست الجامعات في أوروبا .
* خامساً: نقلهم للورق (المهم للكتابة) من الصين إلى الغرب . وكان ذلك أهم “إنجاز” قدموه للعلم وللعالم .
أما أهم ما قدمته الحضارة العربية الإسلامية للإنسانية فهي الروح السمحة التي عايشت بين الأديان والثقافات . وكانت مثار إعجاب وتقدير واعتراف الباحثين الأجانب . والملك عبدالله بن عبدالعزيز، يعمل على نشرها في السعودية، وكذلك الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين . وقد ارتكز مشروعه الإصلاحي على ذلك من واقع البحرين وتعايش الأديان والثقافات بها منذ أقدم العصور . والأجانب المقيمون في البحرين يقرون بذلك، ويعترفون به، والواقع أن كافة دول الخليج العربية تعيش هذا الواقع الآن لأسباب اقتصادية وإنسانية .