أن لا يكون كل اليهود صهاينة فهذا أمر لا يزال لدى البعض يحتاج إلى براهين وأدلة، وهم يشككون في هذا، ويرفضون نقاشه. وهذا أمر معيب على المستوى الإنساني وخطأ فادح لأنه يمنح قادة الصهاينة فرصة كاملة للتحريض والزج باليهود جميعا في معركة وجود.. إلا أنه لا بد من القول: قد أصبح معلوما ونحن نلتقي عبر الأخبار والنشاطات السياسية والثقافية في العالم بأن هناك يهودا مثقفين ومفكرين صحفيين وكتابا ليسوا صهاينة، بل إن بعض هؤلاء يناصبون الكيان الصهيوني العداء ويعتبرون وجوده شرا مستطيرا على اليهود، وبعضهم يدعو بوضوح إلى تفكيك الكيان الصهيوني، ومن هؤلاء أشخاص سبق لهم أن تورطوا في المشروع الصهيوني، ولكنهم اكتشفوا حقيقة هذا المشروع الإفسادي الإجرامي ففروا منه.. وهؤلاء اليهود المناهضون للصهيونية موجودون في فلسطين وخارج فلسطين ومنهم من هو في مواقع حساسة في العالم وهم يحاولون إعلاء صوتهم لرفع الحرج عن اليهودية في جريمة العصر الممثلة بقيام الدولة الصهيونية.
قادة الكيان الصهيوني يدركون بعد زمن طويل على البدء في المشروع أن دوافع الهجرة اليهودية إلى فلسطين انتهت وأن الأكاذيب بأرض العسل واللبن تبددت بعد أن أدرك الجميع أن الحرب والنار والصراع الدامي يسير في شوارع فلسطين، الأمر الذي انعكس في الرأي العام اليهودي في الولايات المتحدة وأوروبا كما في أوساط اليهود القادمين من الدول العربية.. لهذا تجد قادة الكيان الصهيوني يبحثون عن قبائل إفريقية جائعة بائسة يهودونها ويجلبونها إلى فلسطين، كما هو الحال مع الفلاشا.. وكلما واجهت التركيبة الصهيونية بفلسطين حربا أو تخويفا حقيقيا فإن الكلام يزداد حول ضرورة تفكيك هذا الكيان العنصري.
وعلى جهة أخرى، لا بد من فضحها وكشفها، وهي أن الصهاينة ليسوا فقط يهودا.. أي أن المشروع الصهيوني المعروفة أركانه والتي تسري في جسد المنطقة إنما هو مشروع غربي بإتقان، تقف الإدارات الغربية والأمريكية على رأسه وتجلب إليه دعما إقليميا ودوليا. وهكذا يكون الصهاينة يهودا وغير يهود، ولعل بعضهم ممن ينتمون إلى العرب وإلى المسلمين.. فكل من يمكن للمشروع الصهيوني فهو صهيوني بلا شك سواء كان اسمه احمد أم كوهين..
والخطورة تكمن في الصهاينة غير اليهود سواء كانوا أوربيين أم عربا ومسلمين، لأن الخطورة هنا تمس صلب العقيدة وصلب الانتماء.. كما أنها هي التي تجعل من وهم المشروع الصهيوني واقعا للأسف الشديد.
إن الكشف عن أن اليهود ليسوا كلهم صهاينة مسألة أخلاقية تحافظ على البعد الإنساني عندنا وتمنحنا فرصة تفسيخ الموقف المساند للصهاينة وتجلب لنا أنصارا حقيقيين ضد المشروع الصهيوني.. كما أن الكشف عن أنه ليس كل الصهاينة يهودا تزودنا بتحديد جبهة الأعداء كما هي وهذا في عين الصواب.
في المنطقة والعالم.. صهيوني كل من يساعد المشروع الصهيوني ويوفر له الإمكانات ويقدم له ترياق الحياة بغض النظر عن أصله وفصله، قوميته ودينه..
وفي المنطقة والعالم.. إنساني ومحترم كل من يتصدى لهذا الكيان ويعريه ويعمل على تفكيكه بغض النظر عن قوميته أو دينه وأصله وفصله.. إنه الفرز الضروري لكي نصبح في مستوى الصراع الدائر، لا أن يقذف بنا الجهل إلى الخبط عشواء دون معرفة الصديق من العدو.