الاثنين 27 أيار (مايو) 2013

مقاطعة الكيان تتسع

الاثنين 27 أيار (مايو) 2013 par د. فايز رشيد

سلّطت مقاطعة عالم الفيزياء العالمي ستيفن هوكينع “مؤتمر الرئيس”، الذي ينظمه رئيس دولة الكيان شيمون بيريز في 18 يونيو/ حزيران المقبل، الضوء على المقاطعة التجارية والأكاديمية والعلمية والثقافية، التي تقوم بها مؤسسات وشخصيات بارزة على الصعيد الدولي ل”إسرائيل” . الصحف “الإسرائيلية” انشغلت بهذه القضية على مدار الأسابيع القليلة الماضية التي تعتبرها انتقاصاً للكيان ودوره على الصعيد العالمي، ومساساً كبيراً بمكانة “إسرائيل” ووزنها .

الملاحظ مؤخراً أن حملات المقاطعة هذه تتسع، وتتناول أنشطة مختلفة بدءاً من المقاطعة الأكاديمية للجامعات والمعاهد “الإسرائيلية”، التي تقوم بها جهات أكاديمية جنوب إفريقية وبريطانية وكندية وغيرها، مروراً بالمقاطعة التجارية التي تقوم بها أيضاً جهات جنوب إفريقية ومؤسسات تجارية أوروبية (تقاطع منتجات المستوطنات) في العديد من الدول، واليابان وكندا وغيرهما، وصولاً إلى المقاطعة الثقافية التي تمارسها جهات عديدة على صعيد العالم .

يتوجب إيلاء هذه المسألة أهمية بالغة سواء على الصعيد الرسمي الفلسطيني أو الآخر الرسمي العربي، فالاهتمام بها مقتصر حالياً على جهات غير حكومية، فلسطينية وعربية . والواضح أن هناك تفهماً يتسع يوماً بعد يوم على الصعيد العالمي للعنصرية الصهيونية ولأساليبها العدوانية وموبقاتها تجاه الفلسطينيين والعرب، ولعدالة القضية الفلسطينية وعموم القضايا الوطنية العربية . لقد انتبهت “إسرائيل” للمقاطعة لها، وانتقادها وتوجيه الاتهامات لسياساتها في مناح عديدة من العالم، وقررت أنها بحاجة إلى تحسين صورتها عالمياً، ولذلك رصدت ميزانية ضخمة من أجل تنفيذ هذا القرار، ووجهت تعليمات إلى سفرائها في الخارج من أجل العمل على تحسين وجه “إسرائيل” على الصعيد الدولي .

للأسف على الصعيد الرسمي الفلسطيني والعربي، لم تول هذه القضية ما تستحقه من اهتمام، ليس ذلك فحسب بل إن جهات رسمية أكاديمية فلسطينية تحتل مواقع في السلطة، كان لها موقف غريب، ففي مؤتمر أكاديمي في جوهانسبرغ تم عقده قبل عامين تحت شعار “يتوجب مقاطعة “إسرائيل”” حاول الضيف الفلسطيني في المؤتمر إفشال قرار المقاطعة الأكاديمية لأكاديمي جنوب إفريقيا ل”إسرائيل”، ودعا المؤتمرين إلى عدم المقاطعة تحت مبرر أن هذا القرار يضر بجهود السلام بين “إسرائيل” والفلسطينيين .

من زاوية أخرى لاحظت جمعيات مناهضة التطبيع في دول عربية، تسرّب بضائع ومنتجات “إسرائيلية” (من بينها الخضار والفواكه) الى الاسواق العربية . هذا في الوقت الذي تقوم فيه جهات ومؤسسات فلسطينية وعربية بحثّ منظمات وأفراد عديدين في كل دول العالم، على مقاطعة “إسرائيل” ومنتجاتها . الفلسطينيون والعرب مطالبون بالعمل على تطوير قرارات العديد من المؤسسات والدول، التي اتخذت قرارات بمقاطعة منتجات المستوطنات فقط، وتطويرها إلى قرارات مقاطعة شاملة ل”إسرائيل” .

في خمسينات القرن الماضي قالت الكاتبة البريطانية إثيل مينون إن “العرب هم أسوأ المحامين عن أعدل قضية” . بالفعل القضية الفلسطينية عادلة بكل المقاييس، لكننا لا نحسن الدفاع عنها عالمياً . الكيان الصهيوني الذي انتهج تزوير الحقائق، ورواية الأساطير والأضاليل يدرك تماماً معنى التأييد العالمي لدولته . ولهذا يولي هذه القضية أعلى درجات الاهتمام .

إدانة “إسرائيل”، ونهج محاصرة مؤسساتها لا يقتصران على مقاطعتها فقط، وإنما على كشف تزوير أضاليلها، وعلى سبيل المثال لا الحصر، قبيل بضعة أسابيع فقط قدمت إحدى الكنائس الاسكتلندية تفسيراً تنكر فيه المزاعم في المقولة الصهيونية “الحق التاريخي لليهود في فلسطين” . الكنيسة ذكرت في التفسير الذي قدّمته والذي جاء تحت عنوان “إرث إبراهيم” “إن الوعد الإلهي بشأن أرض فلسطين لا ينبغي أبداً أخذه بشكل حرفي . فالعهد القديم المعروف ب”التاناخ”، الذي يحتوي التوراة والأنبياء والكتب لا ينبغي استخدامه كوسيلة للسيطرة على الأرض” . هذا ما جاء في وثيقة الكنيسة، الذي ضمنته في عشر صفحات . رد الفعل “الإسرائيلي” على التقرير كان عنيفاً، السفير الصهيوني في بريطانيا دانييل تواب، اتهم التقرير وأصحابه “بالعداء للسامية”، واستطرد قائلاً: “إن التقرير يشكك بالوعد الإلهي لليهود، وينكر حقنا العميق بالأرض التاريخية” . الناطق باسم الحكومة “الإسرائيلية” استنكر التقرير وطلب تفسيرات لإصداره . كذلك فعلت “الربطة ضد التشهير” وهي جمعية صهيونية أمريكية، فقد نشرت في صحيفة “تايمز” البريطانية بياناً استنكرت فيه التقرير واعتبرته “مهيناً بشكل استثنائي وإنكاراً لإيمانيات الشعب اليهودي” . الناطق الرسمي باسم الكنيسة الاسكتلندية أوضح في تصريح له “أنه جرى إعداد الوثيقة لإظهار الظلم الذي يتعرض له الفلسطينيون على يدي “إسرائيل”، وانتزاع الأرض منهم وهذا ما يشكل عقبة حقيقية أمام السلام” .

للعلم، تفسير الكنيسة سيعرض على الجمعية العمومية للكنائس الاسكتلندية التي ستبدأ اجتماعاتها نهاية مايو/ أيار الحالي، ووفقاً للناطق “فإن الجمعية وبناءً على التقرير ستبحث في الخطوات الاقتصادية والسياسية ضد “إسرائيل” خصوصاً إلغاء الاستثمارات فيها، وفرض العقوبات والمقاطعة عليها على خلفية الاستيطان غير القانوني” .

حدث آخر أيضاً يلفت النظر إليه، أنه وعلى مدى عامين، العام الماضي والحالي أصدر قناصل الدول الأوروبية في المناطق الفلسطينية المحتلة، تقريراً سنوياً يدعون فيه دولهم، إلى توسيع مقاطعة منتجات المستوطنات “الإسرائيلية” لأن هذه المنتجات زادت وأصبحت تشمل بضائع جديدة لايكتب عليها اسم المصدر .

الحدثان مرا دون ضجيج ودون تغطية واسعة للأسف من الإعلام العربي إلا ما ندر، الأمر الذي يدعو إلى التساؤل أين هي الخطوات الفلسطينية والعربية التي تستغل مثل هذين الحدثين من أجل بناء وتطوير مواقف جديدة أكثر قوة في إدانة الكيان الصهيوني، وفي دعم القضية الفلسطينية سواء من قبل هاتين الجهتين المعنيتين أو من غيرهما؟ صحيح أن حملة مقاطعة “إسرائيل” تتسع لكن وتيرة تسارعها ضئيلة وهي تحارب بشراسة من قبل العدو الصهيوني، الأمر الذي يجعلنا نتساءل أيضاً مع مينون: ألسنا أسوأ المحامين عن أعدل القضايا؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 19 / 2182894

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2182894 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40