لم يكن مفاجئاً أن توفر الولايات المتحدة الغطاء للعدوان “الإسرائيلي” على سوريا، من خلال التذرع بالأمن “الإسرائيلي” باعتباره مقدساً، ويمكن حمايته في أي زمان ومكان، حتى ولو شكّل خرقاً وانتهاكاً للقوانين الدولية المتعارف عليها، التي هي أساس ميثاق الأمم المتحدة ومن المفترض أن يكون مظلة للعلاقات الدولية وحماية الأمن والسلم الدوليين .
وعندما يعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما، أن من حق “إسرائيل” أن تدافع عن أمنها، فإنه بذلك يعطيها الحق في ممارسة العدوان متى شاءت، وفي أي مكان بذريعة حماية هذا الأمن، وهو يفتح لها ساحات العالم كي تمارس “حق” الدفاع عن أمنها، ويوفر لها كل أسباب الحماية، وقد فعلت ذلك من قبل وفي أكثر من ساحة من خلال عمليات الاغتيال والاختطاف، وظلت بمنأى عن أي محاسبة .
إذاً، يد “إسرائيل” طليقة، وهي تستند إلى ما تملك من قوة متفوقة تحرص الولايات المتحدة على تزويدها بها، وإلى ما تحظى به من دعم غربي واسع، وإلى عدم قدرة العرب على مواجهة هذا التحدي .
العدوان “الإسرائيلي” يستهدف في الأساس سوريا، كوطن وشعب وكيان ومقدرات، وهنا يتجاوز الأمر النظام السوري مهما يقال فيه وعنه، لأن العدوان بحد ذاته ينال من دولة عربية في تجاوز فاضح للقوانين الدولية، وممهور بإذن أمريكي صريح ينتهك هو الآخر هذه القوانين، بل العلاقات الدولية المتعارف عليها .
لم يسبق لدولة في العالم، في العصر الحديث، أن مارست عدوانها صراحة وبشكل فج، واستباحت سيادة وحرمة أراضي الآخرين كما تفعل “إسرائيل”، الأمر الذي يذكّرنا بممارسات النازية التي كانت تعتبر أوروبا ومحيطها مجالاً حيوياً لها، واتخذت من ذلك ذريعة للاعتداءات وشن الحروب والتوسع، وأغرقت أوروبا بحرب مدمرة وأغرقتها بالدم .
بين “المجال الحيوي” النازي و”الأمن “الإسرائيلي”” علاقة وترابط عضوي وجامع مشترك يتمثل بالعنصرية التي تتجلى بأبشع صورها في الاعتداء الأخير، وفي الاعتداءات والمجازر على أرض فلسطين وفي ديار العرب الأخرى طوال أكثر من ستة عقود .