لأن الاهتمام العربي والعالمي، وربما اهتماماتنا نحن ايضا، منصبة على تحرك قادة الولايات المتحدة، فقد حظيت زيارة الرئيس أوباما الى الاراضي الفلسطينية والاردن واسرائيل بكل العناية الاعلامية والتغطية التي تستحقها وأكثر، في وقت كانت فيه زيارة الرئيس الصيني الجديد الى موسكو نقلة عادية في الاعلام، بل تكاد ان تكون حدثا لا يذكر.
وفي الحقيقة التي لا مبالغة فيها، فإن لقاء الزعيمين الصيني والروسي لن تكون في البناء السياسي عليها سوى حدث كبير في مشروع كبير. انهما ليسا فقط الجناحين الفاعلين في “البريكس”، اي في التحالف الذي يأخذ طابع التضاد مع الناتو، بل هما المعنى المتكامل لقوتين عظميين يترتب على لقائهما معان مختلفة عن اية قراءة عادية، بل يمكن الذهاب بعيدا في تفسير ما هو أبعد من توقيعهما على اتفاقيات تجارية وغيره، مقابل المغزى السياسي والبعد الامني للقاء، والذي نتعرف من خلاله على صورة انذار للعالم الغربي وخصوصا الولايات المتحدة لما تمثله الصين وروسيا اذا حدث تكاتفهما الذي سوف يشبه العاصفة الهائلة القادرة على اقتلاع ما يواجهها.
لم يكد يتم اختيار الصين لرئيسها الجديد، حتى عاجل بلاده والعالم برحلته الروسية التي ظاهرها غير باطنها، وابعادها غير الصور القريبة منها. هي محطة تفاهم على العديد من الشؤون السياسية، بل ان السرعة التي تمت فيها الزيارة تكاد توحي بأن ثمة احداثا ما توجب اللقاء وتخص عالم التحالف، لكن قبلها الوضع في سوريا والتحديات المقبلة بناء على كلام متطاير حول امكانيات التدخل بتلك الازمة وما سيترتب عليه من معان سلبية قد يضطر فيه التحالف إلى المواجهة في لحظة دولية عاصفة .. ولسوف يكون مفهوما امام أوروبا التي تتوعد سوريا ان الوضع السوري لا يسمح له بأن يشبه وضع ليبيا، وان ما جرى في ليبيا سقطة سياسية كبرى للدولتين لن تحصل لا في سوريا ولا في غيرها من دول ذات منفعة لهما.
حدث لقاء القمة الروسي الصيني، ستظهر مفاعيله عاجلا او آجلا، لكن حكمة البلدين انهما لا يصنعان ضجة حول لقائهما كما هو حال الحراك الاميركي في اي مكان في العالم . يثير الاميركي زوبعة حول تحركاته ويجعل منها صورة اعلامية يتم اطلاقها أولا في كل وكالات الاخبار، فيما لا تحتاج لقاءات الصين وروسيا سوى لخبر، وهي في حقيقتها لم تستثمر كما يجب، بل ظلت خارج الضوء، مع انها تحتاج للكثير من القراءات والتعليقات، كما تحتاج الى معرفة كنهها وماذا ستفعله في المرحلة المقبلة.
في صراع الأمم لا تحدث صدفات. كل شيء مخطط له. واذا ما رجعنا إلى مذكرات العديد من ساسة الغرب، نجد الكثير من المفاجآت حول العديد من القضايا التي لم تكن مفهومة في وقتها او لم تعط الاهمية في وقته، فإذا بها من اسس مرحلتها ومن اهم قواعد لعبتها. هكذا يفهم لقاء الزعيمين الصيني والروسي اللذين يتقدمان إلى الصفوف الامامية بخطى ثابتة في وقت تتراجع فيه الولايات المتحدة خطوات إلى الوراء وعلى اكثر من صعيد.
الثلاثاء 26 آذار (مارس) 2013
روسيا والصين
الثلاثاء 26 آذار (مارس) 2013
par
زهير ماجد
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
22 /
2195683
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
12 من الزوار الآن
2195683 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 12