غاب عنا ناجي علوش، أبو إبراهيم المفكر القومي، والشاعر والمناضل العربي الكبير، الذي جسد العلاقة بين الحبر والبارود، القول والفعل، النظرية والممارسة، القائد السياسي والمثقف العضوي.
ولد أبو إبراهيم في بيرزيت في فلسطين، وتنقل بين الكويت ولبنان والعراق ومصر وسورية والأردن، كما تنوعت تجربته الفكرية والأدبية والسياسية، فمن «حزب البعث» إلى التيار الثوري في «فتح» إلى تأسيسه «حركة التحرير الشعبية العربية»..
ومن الشعر بثلاثة دواوين هي: (هدية صغيرة، نوافد تفتحها القنابل، الزهر والنار) إلى النقد وخاصة دراسته حول الشاعر العراقي بدر شاكر السياب، إلى الحقل الفكري، حيث اصدر عشرين كتاباً منها (الثورة والجماهير، خط القتال وخط التسوية، الأمة والقومية، نحو ثورة جديدة، مناقشات حو الثورة) وكان يربط فيها بين الوحدة القومية العربية وبين ماركسية جديدة مخالفة لماركسية الحركة الشيوعية العربية، وكانت الصين وفيتنام أمثلة برسم التوظيف وليس الاستعارة الميكانيكية (الوحدة من خلال المقاومة).
وبالإضافة لكل ذلك، اشرف أبو إبراهيم على مجلات ودور نشر عربية ذائعة الصيت مثل «دار الطليعة» ومجلة «دراسات عربية»، كما ترأس اتحاد الكتاب والصحافيين الفلسطينيين عدة دورات وشكل مع الشهيد ناجي العلي وآخرين قيادة جديدة للاتحاد بعد تزوير المؤتمر العام من قبل القيادة الفلسطينية في أعقاب اتفاقية «كامب ديفيد».
ولم يكن، رهين الغرف والصالونات فقد كان يكتب من قلب الميدان والمتاريس ووجع الناس وصوت الرصاص..
وعلى ما كان راديكالياً وثورياً إلى اقصى الحدود من حيث تمسكه بثوابت الأمة ورفض كل أشكال التسوية مع العدو الصهيوني، ورفض الهويات الكيانية، إلا انه رفض أسلوب الاغتيالات الفردية وغادر ورفاقه «فتح» - المجلس الثوري وصبر البنا (ابو نضال) الذي قام بإهدار دمه..
ناجي علوش، قامة فكرية وكفاحية عربية - ومثقف ثوري كبير ومعلم ونموذج للإنسان والمناضل ويظل كما الماء، يمكث في الأرض وأما الزبد فيذهب جفاء..