الأربعاء 13 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

الفلسطينيون «عصبة ارهابيين»

الأربعاء 13 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

الفلسطينيون، بإسناد من الجامعة العربية، قالوا (لا)، و (نعم) في نفس الوقت. (لا) لاستمرار المحادثات مع «اسرائيل» (حتى الان طحنوا على أي حال الماء فقط) و (نعم) ربما في اعقاب وعود أمريكية معينة لمنح مهلة اخرى للولايات المتحدة كي «تخضع» هذه «اسرائيل» في موضوع المستوطنات.

رئيس الاركان الاسبق الفريق دان شومرون رحمه الله وصف في حينه القيادة الفلسطينية بانها «عصبة ارهابيين». منذئذ، وبالاخص بعد وفاة ياسر عرفات، وان كانت القيادات الفلسطينية غيرت اساليبها وطرائقها، ولكنها لم تغير عالم مفاهيمها؛ وبدلا من «ما لا نحققه بالعنف سنحققه بمزيد من العنف»، فان الشعار الان هو «ما لم نحققه بالعنف والارهاب سنحققه بالعاب الكلمات والدبلوماسية» (وان كانوا لم يتنازلوا حتى عن خيار «الكفاح»).

ومع أنه لم تتوقف للحظة اعمال «العنف» المختلفة ضد «الاسرائيليين» (اعمال يسارع ابو مازن الى «شجبها» بلغة رقيقة)، قررت «اسرائيل» مع ذلك محاولة الوصول الى مثل هذه الصيغة او تلك من الاتفاق الكامل، الجزئي، الاطار. «اسرائيل» تبذل كل شيء ليس فقط كي تعطي فرصة، مهما كانت هزيلة، بتغيير وضع العداء الذي يعود الى مئة عام بين العرب واليهود، بل وايضا، وربما اساسا، كي تتمكن من التركيز على الجهد لمنع التهديدات من الخارج، ولا سيما تلك التي من ايران المتحولة نوويا ومن «ارهاب» الجهاد العالمي.

ولكن الفلسطينيين على حالهم. فقد جعلوا موضوع البناء في «يهودا والسامرة» وفي القدس ذريعة لوقف المحادثات. الدافع الحقيقي لديهم ليس البناء مكبوح الجماح على أي حال، بل محاولة ان يعيدوا من الباب الخلفي شروطهم المسبقة المتطرفة التي يزعم انهم تنازلوا عنها بضغط من الولايات المتحدة و«اسرائيل». وهم يؤمنون بانه بمعونة هذا التكتيك سيتمكنون اخيرا من تجسيد حلمهم الرطب ان تبادر امريكا الى «حل مفروض» سيكون كما هم على قناعة، وليس بلا حق، اكثر راحة لهم منه لـ «اسرائيل». ويعرف الفلسطينيون جيدا بان الحجة التي تقول ان المستوطنات «الاسرائيلية» في «المناطق» ستمنعهم من اقامة دولتهم هي حجة عابثة. غير أن موقفهم ينبع من دافع آخر تماما : المس بشرعية الوجود اليهودي المستقل في أي جزء كان من «فلسطين». الان هذا بالنسبة لـ «الضفة الغربية» وبعد في دولة «اسرائيل» ذاتها.

ما يمر كخيط ثانٍ في كل تصريحاتهم هو رفض الاعتراف بـ «اسرائيل» كـ «دولة القومية اليهودية». هذه بالطبع ليست نية الولايات المتحدة، التي لم تنضم رسميا ابدا للادعاء بشأن عدم شرعية المستوطنات (باستثناء تصريح واحد للرئيس كارتر). ومع ذلك، فان ادارة اوباما اشارت اليها باحرف كبيرة كـ «عائق في وجه السلام»، وهكذا شجعت الطرف العربي على مواصلة خطه الكفاحي. ناهيك عن عناصر في اليسار الدولي و«الاسرائيلي» ممن يحاولون هم ايضا التشكيك بشرعية «اسرائيل».

الهدف المرحلي للفلسطينيين هو اجبار «اسرائيل» على ان توافق ، سواء بإرادتها أم تحت الضغط الامريكي، على كل مطالبهم في موضوع الحدود، القدس، اللاجئين وما شابه. هكذا، دون مفاوضات حقيقية ودون حلول وسط وتنازلات من جهتهم. سلوك الزعماء الفلسطينيين يثبت من جديد صحة قول موشيه ديان لا توجد امكانية عملية للوصول الى اتفاق كامل ورسمي مع الفلسطينيين يمكن للطرفين ان يتعايشا معه. يحتمل إذن، ان في هذه المرحلة او غيرها سيتعين على «اسرائيل» ان تعيد التفكير في خيار الخطوات احادية الجانب (ولا يوجد بالضرورة تطابق بين «الخطوات» و «الانسحابات».

موضوع الحدود المستقبلية هو، اولا وقبل كل شيء، معامل أمن. كتاب بوش لاريك شارون سار في هذا الاتجاه، وعلى «اسرائيل» أن تركز على مهمة الحصول من الادارة الحالية على التزام بمواصلة احترامه. امن «اسرائيل» لا بد انه ليس «متعلقا باقامة دولة فلسطينية مستقلة» مثلما تحدث مؤخرا الرئيس اوباما. فما بالك أنه بذات القدر، او أكثر، يمكن لهذه الدولة «ان تعيش بسلام الى جانب «اسرائيل»» كالتعريف الامريكي الدارج منذ عهد بوش الابن من شأنها بالذات أن تصبح قاعدة «ارهابية» ورأس جسر للعدوان.

السيطرة الفاعلة في غور الاردن هي نموذج بارز وحيوي في هذا السياق. تفاهمات واضحة وملزمة بين «اسرائيل» والولايات المتحدة في المواضيع الامنية ذات الصلة ويمكن الافتراض انه بالفعل تجرى على ذلك اتصالات بين الطرفين يمكنها أن تعيد تحريك المسيرة السياسية العالقة، على الاقل حتى المرة القادمة التي سيضع فيها الفلسطينيون العراقيل.

- [**زلمان شوفال│«اسرائيل اليوم»│13 اكتوبر (تشرين الأول) 2010*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2183008

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

26 من الزوار الآن

2183008 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 22


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40