السبت 2 تموز (يوليو) 2022

التقابل بين الصهيونية والعروبة فى الاطار التاريخى والمعرفى والسياسى

عبدالله الأشعل
السبت 2 تموز (يوليو) 2022 par عبدالله الاشعل

الصهيونية أقدم من القومية العربية حيث بدأت منذ العصور الوسطى وكانت ارهاصاتها ثقافية تسللت إلى المقررات الدراسية فى أوروبا واحيانا كانت تتلون باللون الدينى ولكنها كانت حركة انتهازية انحازت إلى الكنيسة احيانا وإلى الملوك والأمراء أحيانا أخرى شجعت الحروب الصلبية على العالم الإسلامى خاصة أن هذه الحروب امتدت من القرن التاسع الميلادى حتى القرن الخامس عشر وركزت على فلسطين والأماكن المقدسة وارتبطت الحركة الصهيونية منذ نشأتها بالتدثر بالعاطفة الدينية وبدأت تتحدث منذ العصور الوسطى عن مملكة داود وسليمان والرموز المقدسة فى هذه المملكة وتتباكى على الأمجاد اليهودية فى الأرض الموعودة المقدسة ومنها هيكل سليمان وجبل صهيون الذى نسبت إليه هذه الحركة.
وقد لعبت الحركة الصهيونية بالعواطف الدينية عند اليهود خاصة وأن صراعهم مع الأمم الأخرى أدى إلى هدم الهيكل والرموز الدينية فى مملكة داود وسليمان ومن الواضح أنه لا علاقة للفلسطينيين وهم اليبوس العرب الذين سكنوا فلسطين منذ القدم وكانوا مع بنى إسرائيل فى فلسطين ولذلك عندما نجح موسى عليه السلام فى انقاذ بنى إسرائيل من فرعون مصر وعبر بهم إلى فلسطين تحدث القرآن الكريم عن القوم الجبارين وهم الفلسطينيون الذين هم أصل سكان فلسطين وعندما أمرهم موسى بالدخول إلى فلسطين لاستعادة مكانتهم فيها بعد هجرتهم إلى مصر فى عهد سيدنا يوسف عادوا إليها فى عهد موسى كالعادة جبنوا عن مواجهة الفلسطينيين وقالو قولتهم الشهيرة أن فيها قوما جبارين ولن ندخلها حتى يخرجوا منها وقالو أيضا لموسي أذهب انت وربك فقاتلا أن هنا قاعدون فكان طالوت رمز الكفر والوثنية الفلسطينية وكان جالوت رمز الايمان فكأن الإيمان انتصر على الكفر وليس كما قال بعض السفهاء أن بنى إسرائيل انتصروا على الفلسطينيين.
والحركة الصهيونية لعبت على العواطف الدينية المفتعلة وعلى نسيج من التاريخ المزيف بالاضافة إلى أن هذه الحركة حركة علمانية لا علاقة لها بالدين ثم أن هذه الحركة عنصرية لأنها تفترض سمو اليهود على غيرهم من الأمم الأخرى كما أن هذه الحركة تخلط بين الدين وبين السياسة عندما تقول أن اليهودية ديانه وهوية قومية ولعبت الحركة الصهيونية على الفكرة القومية التى ظهرت فى القرن التاسع عشر فى أوروبا التى تعتبر اليهود شعبا وأن هذا الشعب ينخرط فى قومية وهى القومية اليهودية فخلطت الحركة بين مختلف العناصر المتضادة والمتعاكسة فالشريعة اليهودية تأبى كل الشعارات التى رفعتها الحركة الصهيونية ثم أن الحركة الصهيونية نشطت فى ايطاليا فى القرن التاسع عشر عندما كان متزينى يرفع شعار القومية الايطالية لكى يوحد الجمهوريات الستة فى ايطاليا.
ومن الواضح ان الحركة القومية اليهودية تركيب عنصرى شاذ فالحركة القومية الايطالية تعمل على وحدة الامة الايطالية والحركة القومية الالمانية تهدف إلى توحيد الامارات الالمانية فى الأمة الالمانية على يدبسمرك وهنا فى نهاية القرن التاسع عشر تلقف المهاجرون العرب والمنفيون والمضطهون العرب فى أوروبا الخيط فبشروا بالقومية العربية على افتراض أن الأمة العربية أمة واحدة مزقها الاستعمار الغربى مثلما تمزقت إيطاليا وألمانيا فى عصور الاقطاع وكانت الحركة القومية فى أوروبا قد بدأت فى القرن السادس عشر لانشاء الدولة القومية الموحدة تحت سلطة الملك بعد أن تخلصت جيوش الملك من جيوش البابا والكنيسة .
وتأثرت الحركة الصهيونية بالعلمانية التى نشأت فى أوروبا في ذلك الوقت فكأن الحركة الصهيونية حركة مشبوهة تفترض أن اليهود أمه وأنها تستحق أن يكون لها دولة ويبدو أن جذور فكرة القومية العربية كما فصلها ساطع الحصرى فى محاضراته فى الستينيات من القرن الماضى فى معهد الدراسات العربية فى القاهرة قد تأثرت بالحركة الصهيونية مع فارق أساسى وهو أن اليهود ليسوا أمه ولا يجوز أن يكون لهم قومية أما العرب فهم أمه يجب أن يكون لهم قومية فالحركة القومية اليهودية تسترت بالدين بينما هى حركة علمانية سياسية ارتبطت بالاستعمار الغربى واستعانت به لأغتصاب فلسطين .
فالحركة القومية اليهوية تختلف تماما عن الحركة العربية فى خمسة مواضع:
الموضع الأول هو أن الصهيونية حركة عنصوية استعلائية مرتبطة بالاستعمار بينما الحركة القومية العربية حركة ثقافية تحررية تهدف إلى تحرير الأمه العربية من الاستعمار والتفتيت .
الموضع الثانى أن الحركة الصهيونية تحالفت مع الاستعمار الغربى بينما الحركة القومية العربية ترى أن الاستعمار الغربى هو سبب مأساة الامه العربية وأن هذا الاستعمار يتحالف مع الصهيونية لاغتصاب فلسطين والهيمنة على الأمة العربية.
الموضع الثالث هو أن الحركة الصهيونية تهدف إلى اقامة دولة لليهود فى فلسطين وأنها اخترعت الاساطير التوراتية والتاريخية حتى تتلاعب بعواطف اليهود بينما الحركة القومية العربية تهدف إلى اقامة الدولة الأمة على أرضهم العربية .
الموضع الرابع هو أن الحركة الصهيونية والحركة القومية العربية حركة سياسية ولكن الفارق بينما كبير فأهداف الحركة القومية العربية مشروعة وأما أهداف الحركة الصهيونية هى أهداف اجرامية غير مشروعة وتهدف إلى اقتلاع العروبة من موطنها.
الموضع الخامس هو أن الحركة الصهيونية استعانت بالاستعمار الذى رتب لها اقامة إسرائيل لكى تكون رأس الحربة فى الاقليم للمشروع الصهيونى بينما الحركة القومية العربية تحالفت مع حركات التحرر الوطنى فى كل مكان ضد الاستعمار ولذلك فإن الحركة الصهيونية حركة عنصرية كما قررت الأمم المتحدة ووضعتها فى مصاف الجرائم ضد الانسانية ويجب محاربتها ولذلك فإن هذا الوصف يتعلق بطبيعة الحركة وتاريخها وهيكلها ولا يجوز رفع هذا الوصف كما حدث عام 1991 لكى تطلق الحركة الصهيونية جميع أنشطة الابادة ضد الشعب الفلسطينى .
وطبيعى أن الحركة الصهيونية تجد دعما وأنصارا فى أوروبا وأن تجد الحركة القومية العربية عداءا فى هذه الأوساط ونختم هذا المقال بالخلاصة.
وهى أ ن هذه المنطقة لا تتسع للحق العربى والباطل الصهيونى معا وأن العروبة لا يمكن أن تقتلع من موطنها ولا يمكن للعرب أن يفرغوا من هويتهم العربية لذلك يعادى الصهاينة كل الشرائع بما فيها الشريعة اليهودية ويحرفون كل الكتب المقدسة ويلجاون بلا حياء لكل الاكاذيب ومهمة هذه المقالات أن تمهد الأرض لاقتلاع الصهيونية على الأقل فى المنطقة العربية.وكما كانت الحركة الصهيونية قكرة انتقدها المعاصرون فان اقتلاع الصهيونية فكرة منطقية وسيقدر لها الانتشار.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 30 / 2184577

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ثقافة وفن  متابعة نشاط الموقع مواد  متابعة نشاط الموقع مقالات ومحطات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2184577 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40