واضح أن الخيانة العربية لقضية فلسطين انتقلت لعملية جديدة بعد أن أنجزت هدفها الأول في تمكين العصابات الصهيونية من الأرض الفلسطينية عام 1948 وبعد أن قامت بكل أدوار القمع للحركة الوطنية الفلسطينية منذ انتفضت فلسطين في بدايات القرن الماضي ضد الاستعمار البريطاني الذي تخفّى تحت مسميات الانتداب.
الزرع الأول لكيان العصابات الصهيونية المسمى« اسرائيل» اتخذ أشكالا عديدة ومرَّ بطريق طويل من الخناجر العربية والأفخاخ التي كرّست نفسها لتمكين هذه العصابة من الأرض الفلسطينية ومن الشعب الفلسطيني وإرادته بمقاومة الاحتلال والعدوان والاغتصاب عبر تحالفات العرب والرجعيات العربية الخائنة مع بريطانيا ولاحقا مع الامبريالية الامريكية.
ومسلسل «التطبيع العربي» بالقطع كان معدّاً ليكون الكود لعملية الزرع الثاني لهذا الكيان اللقيط في قلب العالم العربي المنهار والمقطّع وأسندت البطولة في هذا المسلسل لدول المواجهة فالخليج العربي تاليا، ولكن استعصاء الدولة السورية الذي فاجأ المخطط الصهيوني وحليفه الامبريالي قطع انسابية مسلسل الزرع الجديد رغم كل الذي بذله هؤلاء من حرب كونية على الدولة السورية ولا زالوا يبذلون.
مفاجأة الخيانة العربية كانت في وقوف الجمهورية الاسلامية الايرانية بكل طاقتها مع حركات المقاومة اللبنانية فالفلسطينية فالعراقية فاليمنية سداً منيعا أمام الانبطاح الذي أراد تسليم مفاتيح المنطقة والاقليم تسليما هادئا لكيان العصابة وما تتوالى صوره على المراقب للعالم العربي لا يغدو خارج هذه الصورة بحث أن نجاح هذا الزرع الجديد مرتبط ارتباطا تاما بمصير المواجهة الحالية بين ايران وبرنامجها النووي وحلفها المقاوم من جهة والعدو المرتعب وخلفه امريكا وحلف خيانتها القديم الجديد.
صحيح انه لولا الانحراف الذي شهدته الساحة الفلسطينية خلال ربع القرن الماضي عبر أكذوبة ووهم السلام وحل الدولتين وانزلاق جزء هام من الحركة الوطنية الفلسطينية إلى هذا الفخ المعدّ بعناية لما أخذت مقاومة الشعب الفلسطيني كلّ هذا الوقت في خلخلة موقعها المفترض جزءا من مقاومة هذا الزرع بل ولما كانت حجة في تسهيله أصلا ومع ذلك فإن وجود المقاومة الفلسطينية في خندق محور المواجهة سيعمل بالقطع على تأخير أو هدم هذا الزرع الذي لن يكون ناجحا كسابقه بل سيكون نهاية هذه القصة ونهاية هذا الكيان ونهاية مسلسل الخيانات العربية قديمها وجديدها في آن....