الصورة الفلسطينية أصبحت شديدة الوضوح اليوم ولا مجال لمزيد من القنابل الدخانية فيها، فالسلطة الفلسطينية برئاسة عباس أمام مهمة رئيسية وبرنامج وحيد وضعه لها جنرالات حكومة الاحتلال، رشى اقتصادية مقابل ضمان التنسيق الأمني والصمت عن كل اجراءات حكومة الاحتلال في الاستيطان والتهويد والتدنيس ولاحقا الضم والتشريد، والمقاومة في غزة أمام شرط الهدوء التام على تخوم القطاع مقابل ذات الرشى الاقتصادية إن تم تحقيق تبادل الأسرى، وعباس يضع شرط التوقيع على كل تنازلاته دفعة واحدة مقابل أي حوار أو مشاركة من أي نوع.
هناك طريق وحيد لخروج الحالة الفلسطينية من هذا الوضع غير المسبوق في الانسدادات لا ثاني له، لكنه يقتضي قراراً شجاعاً وحاسماً من المقاومة الفلسطينية بالذهاب فورا إلى تشكيل وحدة ميدانية سياسية وفق برنامج مقاوم بمن حضر، وفي ذات الوقت الاعلان عن عزل كل من يختار طريق شروط عباس- بينيت، وبغير ذلك فإن مسألة الحالة الفلسطينية مرشحة للتدهور الخطير اجتماعيا ووطنيا في الضفة المحتلة وخاصة في القدس المحتلة، في الضفة ستكون أجهزة أمن السلطة هي رأس الحربة ضد الشعب الفلسطيني وقواه المقاومة، وفي القدس والمحتل من عام 48 ستكون أجهزة أمن العدو ومستوطنوه هم رأس الحربة.
المناورات السابقة التي شهدتها الساحة الفلسطينية والتي كانت تعرف بملف المصالحة الفلسطينية وصلت اليوم إلى هذا الوضع، ولا مجال لاستعادتها أو استدامتها فقد ظهر ما تحت جبل الجليد واضحا وصريحاً، والمسؤولية اليوم تقع على فصائل المقاومة أولا وعلى قوى الشعب الفلسطيني ومؤسساته الحية ثانيا بما فيها من قوى اجتماعية وهيئات وطنية، وطبعا هناك الصوت الأهم الذي يجب أن يقول كلمة واضحة في هذا الشأن هو صوت الأسرى الذين كانت وثيقتهم القديمة هي أساس افتتاح جولات المصالحة الفلسطينية، وحتى لو تمت هذه المصالحة السياسية على أساس تنازل علني لشروط عباس-بينيت، فإن النتيجة النهائية هي المعروض النهائي الذي توفره حكومة الاحتلال بحسب اعلانها الواضح والصريح.
الوضع اليوم لن يعطي وقتا كثيراً ليتم استخدامه بمزيد من المناورات للتهرّب من الحسم المطلوب، وكلما كانت عملية الحسم أسرع كلما وفّرت الكلفة العالية التي ستضطر قوى المقاومة لدفعها إزاء هذا الخيار إذا تأخرت فيه، والأمل أن لا تتأخر أكثر من ذلك فيه....
RLS
