الأحد 29 آب (أغسطس) 2021

متى تشفى «سلوان المقدسية» من مرض «تسريب العقارات» للمستوطنين؟

الأحد 29 آب (أغسطس) 2021

سعيد أبو معلا / رام الله ـ «القدس العربي»:

استيقظت بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك، صباح الثلاثاء الماضي، على رفع أعلام إسرائيلية في منطقة الحارة الوسطى من البلدة، وكان هذا إيذانا باستكمال السيطرة على ثلاث بنايات سربت للمستوطنين ولجمعية عطيرت كوهنيم الاستيطانية في مطلع شهر ابريل/ نيسان الماضي.

صدمة كبيرة دخلتها سلوان بعد عملية التسريب التي اعتبرت الأضخم التي تسرب فيها منازل المقدسيين بطرق معقدة وغير مباشرة (ثلاث بنايات وقطعة أرض)، لكن من دون أن يترتب على هذا الفعل الخطير أي إجراء فلسطيني رادع يضمن تراجع عمليات التسريب.
وخلال الفترة الماضية قامت جرافات بلدية الاحتلال في القدس بعمليات الهدم، بينما تمت عمليات هدم ذاتي تجنبا لتكاليف الهدم الباهظة، فيما استمرت نشاطات الجمعيات الاستيطانية ذات النفس الطويل بحسب مقدسيين، في أعمال تسريب المنازل لصالح الجمعيات الاستيطانية.
وكل ما كان في إمكان أهالي سلوان فعله هو إلقاء الحجارة على المستوطنين وقوات الاحتلال التي وجدت بهدف حمايتهم.
ونشرت مواقع إعلامية مقدسية أن ما حدث ليل الثلاثاء الماضي في الحارة الوسطى في سلوان هو امتداد لصفقة التسريب الكبيرة، حيث تستكمل الجمعية الاستيطانية إجراءات السكن وإضافة تحديثات من تركيب كاميرات ورفع أعلام إسرائيلية على إحدى الشقق من قبل المستوطنين.

لماذا سلوان؟

وغالبا ما يطرح المهتمون بالشأن المقدسي سؤالا: لماذا تستهدف سلوان بمثل هذه الكثافة في الأنشطة الاستيطانية؟ والجواب ان سِلْوان هي البلدة المجاورة لأسوار القدس والمسجد الأقصى من الجهة الجنوبية، وتعرف بلقب حامية القدس.
ومن يتجول في المنطقة يرى حدود البلدة التي تشكل قوسا يمتد من الناحية الشرقيّة الجنوبيّة وحتى الجنوبيّة الغربيّة للمدينة.
المقدسي زهير الرجبي يقول في فيديو بثته مؤسسة “بتسيلم الإسرائيلية” المعنية برصد اعتداءات جنود الاحتلال على المواطنين الفلسطينيين إن الهجمة على سلوان مستمرة وتحديدا في منطقة “بطن الهوى” التي تتوسط سلوان وتطل منها على كل الأحياء الأخرى.
وتابع الرجبي الذي يعتبر مسؤول اللجنة الشعبية في الحي، أن المستوطنين يسيطرون على منازل المواطنين بطرق كثيرة من ضمنها ادعاءات ملكية الأراضي حيث اللجوء للمحاكم الإسرائيلية، أو الضغط على الناس بطرق غير تقليدية للحصول على المنازل.
وكانت جمعية استيطانية قد ادعت من خلال المحكمة الإسرائيلية أنها تمتلك ما مساحته 5 دونمات و200 متر من حي بطن الهوى وهو ما يشرد عشرات العائلات المقدسية هناك.
وحسب الرجبي فقد حصل على أمر إخلاء البيت الذي يسكن فيه في رفقة عائلته المكونة من 6 اشخاص، وهم مهددون بالطرد فعليا وما يبقي الأمل لديه أنه يمتلك كل الوثائق التي تثبت ملكية المنزل الذي ابتاعه منذ ستينات القرن الماضي من مواطن فلسطيني، وبالتالي سيستمر في المسار القانوني عبر المحاكم الإسرائيلية.
ويؤكد أن المستوطنين يريدون أن يبقى أطفالنا داخل البيوت، كي لا يشعروا بالمضايقة كما يدعون، إن الحي بمثابة منع تجول حتى يتحرك المستوطنين بحرية”. ويختم الرجبي قائلا: “ببساطة ولدت بالمنزل، وسأعيش فيه وأموت فيه، وسيعيش أطفالي فيه من بعدي، لا خيار آخر أمامنا”.
ويلاحظ المتجول في أحياء بلدة سلوان الأعلام الإسرائيلية الزرقاء ترفرف من خارج نوافذ البيوت الفلسطينية أو تتمدد على مساحة الجدران كلها، وهي تدلل على تفشي سياسة تسريب المنازل للجمعيات الاستيطانية.
وحسب مركز معلومات عين الحلوة فإن عدد البؤر الاستيطانية في حي بطن الهوى في سلوان ارتفع الى 12 بؤرة وقطعة أرض، ومعظمها بنايات سكنية سربت للمستوطنين خلال الأعوام الماضية، فيما شهد عاما 2014 و2015 أكبر عملية تسريب في البلدة. لكن المعلومات التي يقدمها عضو لجنة الدفاع عن أراضي سلوان فخري أبو ذياب تؤكد أنها بلغت ما يقارب 78 بؤرة استيطانية.
وكان قد كُشف النقاب صباح الثامن من نيسان 2021، عن عملية تسريب ثلاث بنايات سكنية وقطعة أرض في الحارة الوسطى من بلدة سلوان لصالح جمعية “عطيرات كوهنيم الاستيطانية” حيث قام المستوطنون بوضع غرفتين سكنيتين داخل قطعة الأرض، إضافة إلى درج جاهز، كما وضعوا كاميرات مراقبة على البنايات السكنية، وفتحوا مدخلا جديدا لإحدى البنايات.
وعادة ما تلجأ مجالس العائلات التي ينتمي إليها المسرب إلى إعلان البراءة منه عبر وسائل الإعلام وسماعات المساجد، وهي الطريقة الوحيدة التي يمتلكها الأهالي للضغط على المسربين وعائلاتهم، وهو الأمر الذي فعلته عائلات ذياب، وأبو صبيح، والرشق.
ووفق الكاتب المقدسي راسم عبيدات فإن سلوان خاصة والقدس عموما في حاجة إلى “خطة جدية بعد ان وصلت الأمور الى حد الخطر، فلم يعد كافيا الكلام الإنشائي المتكرر وما يشمله من فتاو المقاطعة الدينية والمجتمعية وتحريم المعاملات المدنية من بيع وشراء وزواج وغيرها، وكذلك بأن لا يدفن البائع في مقابر المسلمين وألا يصلى عليه ولا يكفن، لأنه يشكل رادعا في مواجهة التسريب”.
وهو يرى أن هناك مسؤولية جماعية تقع على كل من له صلة بهذا الملف من أهل وأسرة المسرب والبائع، واللجان المحلية ولجان الدفاع عن الأراضي وكذلك الجهات الرسمية التي تتابع هذا الملف والقوى والمؤسسات.
ويضيف في مقال حمل عنوان “سلوان في حاجة إلى خطة رمزور”: “كل هذه الجهات في دائرة المسؤولية والمساءلة، وهي التي تتحمل المسؤولية عن وضع خطة من أجل أن تشفى سلوان من وباء “تسريب العقارات”، وكذلك السلطة طرف في تحمل هذه المسؤولية، لكونها لم تأخذ أية خطوات جدية في هذا الجانب للمعالجة، ولجان التحقيق التي كانت تشكلها فقط تستخدم من أجل تنفيس حالة الغضب والاحتقان الشعبي والجماهيري واستقطاع الوقت وتمويت القضية، ولا تكون هناك نتائج عملية، وهذا بحد ذاته لا يساهم بوضع أي خطة استشفاء جدية وحقيقية”.

الحرب لها بعد شمولي

ويؤكد عبيدات أن “الحرب لها بعد شمولي على سلوان والأهداف والمخططات التهجيرية والاقتلاعية واضحة، ربط البؤر الاستيطانية الموجودة في سلوان مع بعضها البعض وما يعنيه ذلك من اقتلاع وطرد وتهجير للمزيد من السكان، وكذلك ربط تلك البؤر الاستيطانية مع مثيلاتها في البلدة القديمة من القدس، والاقتراب أكثر من البلدة القديمة”. وختم قائلا: “احموا سلوان تحموا قدسكم، سلوان دائماً وجعنا وألمنا، سلوان تحتاج منا جميعاً إلى خطة “رمزور”، وتحتاج من الطرف الرسمي قرارات حاسمة وجدية، وكذلك إلى ضخ إمكانيات مادية وليس شعارات رمادية و”هوبرات” إعلامية”.
ويعيش في سلوان حوالى 59 ألف مقدسي بالإضافة إلى 2800 مستوطن على 12 حيّا بمساحة 5 آلاف و640 دونما بعد أن كانت أراضيها تمتد بين مدينتي القدس وأريحا.
ويحيط خطر التهجير القسري بنحو 7 آلاف و500 فرد يعيشون في 6 أحياء بسلوان، وهؤلاء مهددون إما بهدم منازلهم بحجة البناء دون ترخيص أو بإخلائها وطردهم لصالح الجمعيات الاستيطانية الإسرائيلية.
وتشير المعلومات إلى أن بلدية الاحتلال في القدس سلمت أكثر من 6 آلاف و817 أمر هدم للمنازل في 6 أحياء بسلوان التي تعتبر حرفيا مهددة بالتهجير الجماعي: حي وادي حلوة، وحي البستان، وحي بطن الهوى، وحي وادي الربابة، وحي وادي ياصول، وحي عين اللوزة، كما أقر الكنيست الإسرائيلي قانونا يحمل اسم “كامينتس” عام 2017 بهدف محاربة التمدد العمراني الفلسطيني من خلال ادعاء البناء دون ترخيص.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2184603

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع انتقاء الموقف   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2184603 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 3


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40