الدرس الأفغاني مثل الدرس الفيتنامي والدرس الجزائري بل والدرس اللبناني، هو نفس الدرس ونفس الخلاصة ونفس النتيجة، قد تكون بصور متعددة وأشكال مختلفة وجغرافيا زمنية متعددة أيضا، لكنها دوما بنفس الجوهر، لا احتلال باق طالما ظلت المقاومة خلفه صادقة مع هدفها ومستعدة للفداء.
أن يتجدد إذلال الأمريكان بذات الصورة الفيتنامية هو فيلم رعب جديد للاستعمار والغطرسة الدولية، وكذلك للأدوات الصغيرة وأقزام هذا الاستعمار في العالم، وبشكل خاص في هذا الاقليم المستهدف، وبأكثر خصوصية هناك في تل أبيب ومحميات الخليج الفارسي- العربي، حيث تفشل مجددا الادارات الامريكية في إعطاء ثقة معقولة بها.
الترليون دولار الذي تتهامس وسائل الاعلام الامريكية به والضائع في أفغانستان بما فيها الأسلحة النوعية التي غنمتها طالبان بعد هروب الأمريكان، هو كارثة قومية أمريكية جديدة في ضوء المعاناة المستمرة للاقتصاد الامريكي المشرف على انهيارات مؤكدة إن ترسّخ دور اقتصادي فعّال لافغانستان مع ايران وروسيا والصين، وهي الحلقة الناقصة لاغراء دول اخرى كباكستان وماليزيا واندونيسيا لتشكيل البديل في آسيا.
الدرس الأفغاني لا زال باكرا ولكنه يحمل بشريات متعددة لشعوب الاقليم في نفس الوقت الذي يحتمل المخاطر جرآء مراهنات الاستعمار الدولي على ممارسة الالاعيب لاشعال فتن مختلفة بعد اغلاق الباب خلفه، لكن افشال هذه المراهنات ومواجهة هذه المخاطر قبل نشوبها مرهون بمدى التغيير الذي تقول طالبان عنه انه قد استجد على مممارساتها وقناعاتها، وهو امر ماروك للزمن للتحقق منه.
مع ذلك، فلسطينيا بدا الدرس الافغاني مهما لتذكير الثوار الذين تقاعدوا مثلما الذين انحرفوا أنهم لم يكونوا أبدا على قدر قداسة قضيتهم الوطنية ولا على قدر الثقة ولا الامل الذي منحوه يوما من جماهير شعبهم، وهو في ذات الوقت حافز للشعب الفلسطيني نفسه كي يعيد تجديد دورة كفاحه الوطني هذه المرة معاقا على هدف واحد لا ثاني له، وهو كنس الخزعبلات التي ألهي بها ردحا طويلا والتركيز على هدف كنس المشروع الصهيوني من فلسطين بكامل تفاصيله مرة واحدة والى الابد بأدوات كفاحية جديدة وعضوية تماما لم تفسدها الاوهام والمغامرات والمقامرات الفاشلة، فهل يفعلها الشعب العظيم ؟!