الخميس 16 أيلول (سبتمبر) 2010

حرب «يوم الغفران» والاخفاقات التي تلتها

الخميس 16 أيلول (سبتمبر) 2010

احتجت بصفتي عميداً في الخدمة الاحتياطية الى عدة سنين لأفهم أسباب الضربة الشديدة التي تلقيناها في حرب يوم الغفران. أحاول منذ ذلك الحين وأفشل، في الاقناع بتبني تفسير آخر بديل عن السبب الذي رسخ في شأن الحرب، وكأن سبب الضربة كامن في «التصور». أعلمت «اسرائيل» بعد الحرب المفاجأة والفشل الاستخباري على أنهما عاملان في الضربة. لكن التقدم مع التصور يزيد ويخلد فقط تلك الاخفاقات التي عبرت عنها حرب يوم الغفران والحروب التي تلتها.

لم يفاجئنا العدو المصري والسوري لأن استعداداتهم لعبور القناة تمت أمام نواظر الجميع، وذلك بحسب تدريبات الجيش السوري التي تميزت بأنها استعدادات للهجوم.

ولا ينبغي أن ننسى أيضاً تصريح رئيس مصر آنذاك أنور السادات عن أنه ينوي بدء الحرب في غضون سنة في قصد الى تذويب الجمود السياسي في الساحة، أي أن متخذي القرارات في «اسرائيل»، في المستويين السياسي والعسكري كشفت لهم نيات العدو وقدراته بوضوح.

من الصحيح أن أمان أخطأت في تقديراته المتعلقة باحتمال نشوب الحرب. لكنه تم التعبير عن التصور بأن القوات لم تعد بحسب نيات العدو وقدراته، لأنه لا صلة بين تقديرات أمان المخطئة قبل الحرب وبين نقص الفرق الدائمة وتأليفها تأليفاً عشوائياً في بدء الحرب. وماذا عن تقدير «الموساد» المخطىء المتعلق بموعد الحرب وشكل أداء الفرقة 162 المنخفض في الهجوم المضاد في الثامن من تشرين الأول (أكتوبر)؟ وما الصلة بين المباغتة عند بدء الحرب وسير القتال المختل الذي أفضى الى قتل محاربي المظليين في المزرعة الصينية، او الى الفوضى التي نشأت مع احتلال مدينة السويس؟ وما ذنب التصور في ضعضعة سلاح الجو في الساعات الثلاثين الأولى الحاسمة، بحسب أوامر مخطئة من هيئة القيادة العامة؟ وعلى العموم كيف يمكن الربط بين صدق من كان عميلاً كما يبدو لـ «اسرائيل» وهو أشرف مروان (صهر عبد الناصر)، وبين حقيقة ان محاربي «غولاني» الذين احتلوا جبل الشيخ عملوا في تصميم وشجاعة كبيرة لكن لا بحسب قواعد الحرفية العسكرية لانهم لم يدربوا تدريباً مناسباً.

لا تكمن أسباب الاخفاقات التي تبينت في الحرب في عنصر المباغتة فقط. فالفحص الأساسي عن الاجراءات التي قام بها الجيش «الاسرائيلي» المباغت منذ الانتصار في حرب الايام الستة، يكشف عن التفسير الحقيقي لما يفسر بالمباغتة فقط : فمن المعلوم انه منذ نهاية حرب الايام الستة حصرت هيئة القيادة العامة عنايتها (في موازاة حماقة ادارة حرب الاستنزاف) في الاعداد «لنقل القتال الى أرض العدو» فقط، أي عبور القناة وابادة الجيش المصري في أرضه، واحتلال النظام الدفاعي السوري وهزيمة طوابيره. وتجاهلوا في الجيش «الاسرائيلي» القيمة الكبيرة للأرض في سيناء. يكمن ما منع القدرة على الدفاع السريع عن سيناء وعن هضبة الجولان في أنه لم يستغل امكان استعمال العوائق الطبيعية للأرض التي كانت في ايدينا، ولم ينفذ عدداً كافياً من جولات استطلاع القادة لمعرفة الأرض وامتنع الجيش «الاسرائيلي» عن تنفيذ تدريبات دفاعية لذاتها.

أجل إن المباغتة هي التي سببت فقدان التوازن في أيام القتال الأولى، بيد أنه بخلاف التفسير المقبول باغت الجيش «الاسرائيلي» نفسه لأنه نسي الاستعداد لحماية اراضي سيناء وهضبة الجولان.

يزاد على ذلك أن تصور التدريب كله كان مخطئاً مخفقاً. ولم يكن يستطيع أن يربط بين التخطيط وأوامر التحقيق العسكرية. إن حقيقة أن هيئة القيادة العامة آنذاك امتنعت عن اعداد الطوابير بحسب قدرة العدو ونياته وحصرت عنايتها فقط في خطط «نقل القتال الى أرض العدو»، عبرت عن عدم حرفية عسكرية.

انتهت الحرب آخر الأمر الى انجازات عسكرية. لكننا لو كنا استوعبنا الدروس ولم نحصر عنايتنا فقط في توجه التصور لأمكن بعد ذلك أن نمنع الاخفاقات في عملية سلامة الجليل، وفي ضمنها البقاء الطويل غير المخطط له في لبنان. وكان يمكن أيضاً ان نمنع الانتفاضة الاولى، ويقال ذلك خاصة في حرب لبنان الثانية التي عبرت عن الاخفاقات نفسها التي دفعنا ثمنها في حرب يوم الغفران.

يجدر بنا أن نفحص عن الاسباب التي أفضت الى أن أخفق شعب ذكي ولم يستخلص دروس الحرب. هذا ضروري لتحقيق ميراث الضحايا من أجل الحفاظ على الحياة.

- [**اماتسيا حين | «اسرائيل اليوم» | 16 ايلول (سبتمبر) 2010*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2182232

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2182232 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40