الجمعة 24 آب (أغسطس) 2018

«هدنة طويلة» أم «فصل نهائي» ؟

الجمعة 24 آب (أغسطس) 2018 par عوني صادق

بعد التصريحات التي «بشّرت» بأن الجهات المعنية أصبحت على وشك إعلان اتفاق على «تهدئة» في غزة، تبين أن المفاوضات الجارية في القاهرة قد تأجلت إلى ما بعد عطلة عيد الأضحى. وقالت مصادر فلسطينية إن سبب تأجيل «لقاءات التهدئة» التي تجريها الفصائل الفلسطينية في العاصمة المصرية القاهرة، يعود لرغبة مصر بالتدخل بشكل أكبر، من أجل إقناع حركة فتح بالمشاركة في هذه المشاورات.
وأكدت المصادر أن معظم البنود الواردة في اتفاق التهدئة الجديد، جرى حسمها بين الفصائل و«إسرائيل»، وهناك موافقات مبدئية من الطرفين على الدخول في «المرحلة الأولى» من الاتفاق، والتي تقوم على عودة الهدوء الكامل لمناطق الحدود، وتثبيت اتفاق التهدئة الموقع صيف عام 2014، مع البدء بإدخال تحسينات على عمل معابر غزة، خاصة المعبر التجاري. في الأثناء، صرح ناطقون باسم حركة (فتح) بأن الحركة لا تعرف شيئاً عن المفاوضات الجارية مع حركة (حماس) بشأن التهدئة، وأن منظمة التحرير الفلسطينية وحدها هي المخولة بإجراء مثل هذه المفاوضات.
وتجب الإشارة إلى أنه مع ثبات الهدف «الإسرائيلي» من أي مفاوضات حول غزة، الرامي إلى نزع سلاح المقاومة مرة واحدة أو بالتدريج، ومع فشل القوة العسكرية «الإسرائيلية» في تحقيق هذا الهدف رغم أنها شنت ثلاث حروب، كان الهدف من الانسحاب من غزة (2005) هو إحداث الانقسام الحاصل وفصل غزة عن الضفة الغربية بشكل نهائي. وإذا تحقق هذا الهدف، يصبح هدف «نزع سلاح المقاومة» مسألة وقت. وهذا ما كان العمل جارياً لتحقيقه مع عدم التركيز عليه في الإعلام «الإسرائيلي». لكن مدير مكتب نتنياهو ومستشاره في فترة حكومة الأخير الأولى (1996)، غيورا آيلند، أصبح يرى أنه آن الأوان لإعلان ذلك، وهو يعلن ذلك في مقال نشرته صحيفة (يديعوت- 19-8-2018) ويرى أنه يبدو أن «إسرائيل» والحكومة في غزة تقتربان من اتفاق على «تسوية»، وهذا خير من كل البدائل التي أمام «إسرائيل» هذا هو البديل الذي هو مثابة «أهون الشرور»! ويوضح آيلند رأيه فيقول: العامل الأساس الذي يسمح بهذه التسوية هو التغيير في الموقف المصري. حتى وقت غير بعيد مضى، طالب المصريون بأن توافق حكومة «حماس» كجزء من التسوية على نقل صلاحياتها، وعلى رأسها الأمنية، إلى السلطة الفلسطينية، كجزء من خطوة المصالحة الوطنية، أما «حماس» فلا يمكنها بأي حال أن تبتلع هذا الضفدع. وهكذا، رغم أن ل«إسرائيل» ول«حماس» مصلحة مشتركة في الوصول إلى التهدئة، لن يكون ممكنًا تحقيق ذلك، بسبب الطلب الذي يأتي بشكل مشترك من القاهرة ومن رام الله. وبدلاً منه يكتفون بأن تتعهد «حماس» بوقف إعطاء المساعدة لفرع «داعش» العامل في شمال سيناء. هذا ثمن يمكن ل«حماس» أن تحتويه. وهكذا، في رأيه نشأ وضع يركز فيه اللاعبون الثلاثة: «إسرائيل»، و«حماس»، ومصر، وعن حق، على المصلحة الضيقة والأكثر حيوية. من ناحية «إسرائيل»، فالمصلحة هي بالطبع الهدوء، ومصر ستحصل على عزل «داعش سيناء»، أما «حماس» فستحصل على نوع من الشرعية والوعد بالمساعدة الاقتصادية! ويضيف آيلند: في اللحظة التي تخلت فيها «إسرائيل»، ومصر، وبالتدريج قسم من الأسرة الدولية أيضاً، عن التطلع السياسي لإعادة أبو مازن إلى غزة، فقد نشأت فرصة حقيقية للوصول إلى تسوية مع «حماس»! (يديعوت- المصدر السابق).
لقد كانت خطة رئيس الوزراء الأسبق، أرئيل شارون، الذي قرر «الانسحاب» من غزة وتفكيك مستوطنات «غوش قطيف» هو الوصول إلى هذا الهدف. ولعلمه أنه لا يمكن تحقيقه في ظل موقف فلسطيني موحد، نفذ خطته وسط استياء المستوطنين أملاً في الوصول إلى ما وصل إليه الوضع بين (حماس) و(فتح) وبين غزة والضفة الغربية، وها هم يكشفونه اليوم! وكان الوزير لشؤون الاستخبارات وعضو المجلس الوزاري المصغر، يسرائيل كاتس، قد أبدى معارضة شديدة لعودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، وربط القطاع بالضفة الغربية، بادعاء أن ذلك يشكل تهديداً مباشراً ويمس بأمن «إسرائيل». وقال كاتس لصحيفة (إسرائيل اليوم- 14-8-2018): إن «أي محاولة لإعادة محمود عباس إلى قطاع غزة، وربط قطاع غزة بالضفة الغربية سيشكل تهديداً مباشراً، ويمس بشكل خطير بأمن الدولة والتوازن الديمغرافي بين «إسرائيل» والفلسطينيين»!
هكذا تتضح صورة المفاوضات، الغرض منها ليس مساعدة غزة للخروج من «أزمتها الاقتصادية» أو وضع حد لمأساتها الإنسانية، ولا حتى الوصول إلى «هدنة طويلة»، بل الغرض فصل غزة فصلاً نهائياً، لتبدأ «مرحلة نزع سلاح المقاومة» وتنفيذ مشاريع تصفية القضية الفلسطينية!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 54 / 2183671

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع وفاء الموقف  متابعة نشاط الموقع عوني صادق   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2183671 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 21


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40